تواجه وزارة الداخلية البريطانية اتهامات بإدارة نظام يتسم بـ"العنصرية الوقحة" في التعامل مع اللاجئين، وذلك بعد أن رفضت منح الفارين من القتال في السودان طريقاً آمناً وقانونياً لدخول أراضي المملكة، ما يعكس موقفاً متناقضاً مع السياسات المتبعة لاستقبال بريطانيا الفارين من الحرب في أوكرانيا.
صحيفة The Guardian البريطانية ذكرت الأحد 7 مايو/أيار 2023، أن المخاوف ازدادت من أن الحكومة البريطانية تنتهج سياسة تمييزية حيال اللاجئين، بإحجامها حتى الآن عن توفير طرق آمنة وقانونية لمساعدة اللاجئين السودانيين الفارين من القتال.
كذلك فليس هناك ما يُشير إلى أن الحكومة تنوي إقرار خطة طارئة للتعامل مع تداعيات الصراع، وعلى النقيض من ذلك، أصدرت الحكومة البريطانية ما يقرب من 300 ألف تأشيرة للأوكرانيين الفارين من بلدهم الذي مزقته الحرب، وشمل ذلك 193.900 تأشيرة لخطة الاستضافة بمنازل البريطانيين التي أقرتها الحكومة في مارس/آذار 2022.
ثم أعلنت الحكومة عن إصدار 94900 تأشيرة أخرى، في خطة تسمح للاجئين الأوكرانيين بالانضمام إلى أقاربهم الذين انتقلوا إلى بريطانيا.
على أثر ذلك، تزايدت الاتهامات من خبراء معنيين بشؤون الهجرة بأن هذه السياسات المتناقضة ترجع إلى التمييز في التعامل على أساس لون بشرة الفارين من البلدين.
في هذا الصدد، قالت كيتلين بوزويل، مديرة السياسات والمناصرة في "المجلس المشترك لرعاية المهاجرين"، إن "عنصرية نظام الهجرة في بريطانيا بلغت ذروة تجليها في هذه الأزمة، فقد مالت هذه الحكومة إلى سياسات تميِّز بين الباحثين عن الأمان على أسس عرقية صارخة".
أضافت بوزويل: "في الوقت نفسه، يستخدم الوزراء بوقاحةٍ لغة تحريضية تغلب عليها أفكار اليمين المتطرف، وتستثير بذلك الكراهية تجاه المهاجرين السود وذوي البشرة السمراء".
في السياق نفسه، قالت فيزة قريشي، الرئيسة التنفيذية لـ"شبكة حقوق المهاجرين": إن "الامتناع الفاضح عن توفير الملجأ والأمان للاجئين السودانيين بخلاف ما فُعل مع الأوكرانيين البيض، دليلٌ صارخ على تغلغل العنصرية الوقحة في صميم تشريعات الهجرة".
اتهمت قريشي السلطات البريطانية بإنشاء نظام لاجئين قائم على التمييز، وقالت إنه "من الواضح أنهم قد تخلوا عن أي قدر من التعاطف مع اللاجئين السود وذوي البشرة السمراء تخلياً تاماً وراسخاً".
كذلك قال خبراء في الشؤون الإنسانية إنَّ تعامل بريطانيا مع أزمة اللاجئين في السودان تغلب عليه الفوضى، فقد استبعدت وزيرة الداخلية، سويلا برافرمان، توفير طرق آمنة وقانونية للسودانيين، وزعمت خطأً أن طالبي اللجوء السودانيين لديهم طرق قانونية "مختلفة" للوصول إلى بريطانيا، وهي كذبة استدعت توبيخاً لها من وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
تُشير الصحيفة البريطانية إلى أن تصريحات وزيرة الداخلية البريطانية تناقضت مع تصريحات زميلها في مجلس الوزراء، جيمس كليفرلي، وزير الخارجية، الذي سارع بالقول إن الحكومة ستوفر في نهاية المطاف "طرقاً آمنة وقانونية" لاستقبال السودانيين، لكنه رفض التصريح بتوقعات معينة عن طبيعة هذه الطرق أو الخطط المتعلقة بها.
الحكومة تدافع عن نفسها
في مقابل الاتهامات الموجهة للحكومة، قال متحدث باسمها إنه "من الخطأ أن نقارن بين الفئات المستضعفة وأن نضع بعضها ضد بعض، وشغلنا الشاغل الآن هو الحيلولة دون وقوع أزمة إنسانية في السودان".
أضاف المتحدث -الذي لم تذكر صحيفة الغارديان اسمه- "لذلك فإن بريطانيا تعمل على استكمال جهود الإجلاء، ونتعاون مع الشركاء الدوليين والأمم المتحدة في مساعي إنهاء القتال. ولم نضع خططاً لفتح طريق مخصص لإعادة توطين اللاجئين من السودان".
بدا تبرير الحكومة مرفوضاً لدى جماعات حقوق الإنسان، إذ قالت منظمة "مجلس رعاية اللاجئين"، إن وزارة الداخلية قادرة على مساعدة مزيد من السودانيين، لكنها امتنعت عن فعل ذلك حتى الآن، وقال إنفر سولومون، الرئيس التنفيذي للمنظمة: "إن الوزارة لديها سلطات كبيرة تسمح لها بتقدير الموقف، ويمكنها استخدام هذه السلطات لمنح التأشيرات، خاصة في التعامل مع الظروف الاستثنائية، لكنها قررت ألا تفعل ذلك".
سولومون شدد على ضرورة "الاهتمام بتوفير طرق آمنة للاجئين بالضبط كما رحبت [بريطانيا] باللاجئين من أوكرانيا في أعقاب الغزو الروسي العام الماضي".
يُشار إلى أنه منذ 15 أبريل/نيسان 2023، تتواصل اشتباكات في ولايات بالسودان بين الجيش، وقوات "الدعم السريع"، تبادل فيها الجانبان الاتهامات بالمسؤولية عنها عقب توجّه فرق تابعة لكل منهما للسيطرة على مراكز تابعة للآخر.