قال خبراء في الطائرات المسيرة بالولايات المتحدة، إن الطائرتين المسيّرتين اللتين تحطمتا فوق الكرملين، يوم الأربعاء 3 مايو/أيار 2023، أُفلتتا من عدد كبير من أنظمة الدفاع داخل العاصمة الروسية موسكو وحولها، ما يشير إلى احتمال إطلاقهما من داخل الأراضي الروسية.
كان الكرملين قد قال إن أوكرانيا حاولت قصف المقر الرئاسي الروسي بطائرتين مسيرتين، وتم إسقاطهما على الفور، وعلى إثر ذلك نفى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ومسؤولون آخرون تورط بلادهم في الهجوم.
دفعت اللقطات المصورة للطائرتين المسيرتين حكومات ومحللي مخابرات أمنية للقيام بعملية بحث دقيق، لاكتشاف مصدر الطائرتين اللتين صُممتا للطيران إلى وجهتهما ثم الانفجار.
دانا جوارد، رئيس مؤسسة الملاحة والتوقيت غير الربحية، قالت إن موسكو تولي اهتماماً شديداً لحماية الكرملين من الطائرات المسيرة، على الأقل منذ عام 2015، عندما بدأت في استخدام إجراءات إلكترونية مضادة، لإبعاد الطائرات بشكل تلقائي عن طريق التشويش والتضليل و"خداع" نظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.إس).
جوارد أضاف أن الأجهزة الدفاعية المتطورة قد تعني أن المسيّرتين المُستخدمتين، اللتين يُعتقد أنهما متوسطتان في الحجم، "لم تكونا على الأرجح تستخدمان نظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.إس)، بل تم التحكم فيهما يدوياً، ما يشير إلى أن الطائرتين أُطلقتا من مكان قريب، أو تم توجيههما فقط لتسلكا طريقهما على غرار (مسيرات) كاميكازي".
يُظهر اثنان من مقاطع فيديو عديدة نُشرت على قنوات وسائل التواصل الاجتماعي الروسية، جسمين يحلقان على نفس المسار نحو قبة مجلس شيوخ الكرملين، وهي واحدة من أعلى النقاط في مجمع الكرملين.
بدا الجسم لأول وكأنه دُمر وتصاعد منه قليل من الدخان، وترك الثاني ما يبدو كحطام على القبة، واتهمت روسيا واشنطن بمساعدة أوكرانيا بتدبير الهجوم، فيما نفت واشنطن تورطها.
كيف وصلت الطائرتان إلى الكرملين؟
بليك ريسنيك، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة الطائرات المسيّرة برينك، قال إنه "من المدهش أن تتمكن هذه الطائرة المسيرة من التحليق حول موسكو بالكامل حتى تصل إلى الكرملين، دون أن يتم اكتشافها وإسقاطها".
أضاف برينك أن "الحجم الصغير نسبياً، والارتفاع المنخفض قد يساعدان، وإذا كانت الطائرة المسيرة لا تستخدم نظام تحديد المواقع العالمي، ولا تتواصل مع محطة تحكم أرضية، فسيؤدي ذلك أيضاً إلى تعزيز مقاومتها لتقنيات التشويش والتضليل".
بدوره، لفت جوارد أن الكرملين لديه عدد كبير من أنظمة الدفاع القريبة التي تستخدم الرادار والتعقب البصري، إذ يمكن أن تستخدم تلك الأنظمة الرصاص والقذائف المتفجرة لحماية الكرملين من الطائرات المسيرة أو الصواريخ.
أما دان جيتينجر، خبير الطائرات المسيرة في جمعية الطيران العمودي، فقال إنه في حالة ما إذا كان الإطلاق تم من داخل روسيا، فإن عدد الطائرات القادرة على تنفيذ هذا الهجوم يكون أكبر بالتأكيد.
يُشار إلى أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد أكد الجمعة 5 مايو/أيار 2023، أن بلاده تعتزم الرد بخطوات ملموسة على الهجوم الذي استهدف مبنى الرئاسة "الكرملين" بطائرات مسيرة.
وصف لافروف الهجوم على الكرملين بأنه "دنيء وعدواني"، مبيناً أن "إرهابيي كييف لا يمكنهم فعل ذلك دون علم أسيادهم"، على حد قوله، وأكد أن موسكو سترد بخطوات ملموسة على هجوم الكرملين، مردفاً: "لدينا الكثير من الصبر".
يُذكر أنه في 24 فبراير/شباط 2022، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعها رفض دولي وعقوبات اقتصادية على موسكو، التي تشترط لإنهاء عمليتها تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية، وهو ما تعده الأخيرة "تدخلاً" في سيادتها.