تُوج تشارلز الثالث، السبت 6 مايو/أيار 2023 رسمياً ملكاً لبريطانيا في كنيسة وستمنستر بالعاصمة لندن، ضمن أكبر احتفال رسمي تشهده البلاد منذ 7 عقود في مراسم تتسم بالأبهة والفخامة يعود تاريخها إلى ألف عام، ليصبح الملك الـ40، خلفاً لأمه الملكة إليزابيث الثانية التي توفيت قبل 7 أشهر عن عمر بلغ 96 عاماً، بعد أن حكمت البلاد 70 عاماً.
إذ بدأت مراسم التتويج في كنيسة وستمنستر في العاصمة البريطانية بطقوس مسيحية استغرقت ساعتين، بعد وصول الموكب الملكي من قصر باكنغهام وبحضور عالمي لقادة ورؤساء حكومات وممثلي دول الكومنولث وكبار الشخصيات. وهذا التقليد متوارث منذ عام 1066 عن أسلاف الملك وعددهم 39 تُوّجوا في الكنيسة ذاتها.
وقال تشارلز في ملاحظاته الأولى في الحفل: "لم أحضر كي تخدموني، ولكن لأخدم".
وتم مسح الملك، البالغ من العمر 74 عاماً، بالزيت المقدس الذي يرمز إلى الطبيعة المقدسة لحكمه، كما جرى منحه عباءة إمبراطورية، في حين وضع رئيس أساقفة كانتربري التاج القديم لسانت إدوارد على رأسه.
وتعد مراسم تتويج تشارلز هي الثانية من نوعها التي تُبث على التلفزيون، والأولى بالألوان وبخدمة البث التدفقي على الإنترنت، كما تُعدّ تأكيداً دينيّاً لاعتلاء تشارلز العرش، رغم كونه ملك بريطانيا منذ وفاة والدته. والتتويج ذروة مراسم تستمر 3 أيام، وتشمل احتفالاً موسيقياً في قصر قلعة ويندسور غربي العاصمة مساء غد الأحد.
وجرت المراسم وسط إجراءات أمنية مشددة، وتضمنت محطات وإجراءات اختتمت بالتنصيب والجلوس على العرش. كما تم تنصيب الملكة القرينة كاميلا بمراسم أكثر بساطة.
وفي الساعة 11:00 صباح السبت بتوقيت غرينتش وضع تاج الملك إدوارد -الرمز المقدس لسلطة العرش المصنوع من الذهب الخالص ويُستخدم لمرة واحدة خلال الحكم- على رأس تشارلز على وقع صيحات "ليحفظ الله الملك".
بالإضافة إلى ذلك، صدحت الأبواق في أنحاء كنيسة وستمنستر آبي في لندن وأُطلقت المدافع الاحتفالية براً وبحراً بمناسبة أول تتويج لملك بريطاني منذ عام 1953 والخامس منذ 1838. وقُرعت أجراس الكنائس في مختلف أنحاء البلاد.
كما انطلق جنود المشاة والخيالة في عرض ضم 7 آلاف عسكري في شوارع لندن. وعاد الملك تشارلز وقرينته بعد ذلك إلى قصر باكنغهام، وتابعا عرضاً جوياً من شرفة القصر.
وسعى الملك إلى تحديث جوانب من طقوس وتقاليد الاعتراف به ملكاً في مراسم التنويج، فلأول مرة يشارك نساء أساقفة قادة أقليات دينية أخرى، إلى جانب دور بارز لعدد من اللغات غير الإنجليزية، إذ يقود الملك الآن بلداً أكثر تنوعاً دينياً وعرقياً من الذي ورثته والدته في ظل الحرب العالمية الثانية.
كما سعى تشارلز أيضاً لأن تكون قائمة المدعوين -وعددهم 2300- أكثر تمثيلاً للمجتمع البريطاني، فدعا أفراداً من عامة الناس ليجلسوا إلى جانب الرؤساء والملوك والأمراء. كما يعكس شعار المراسم اهتمام تشارلز الدائم بالاستدامة والتنوع البيولوجي.
وبعد انتهاء المراسم عاد تشارلز وزوجته الملكة كاميلا المتوجة حديثاً إلى قصر باكنغهام في عربة ذهبية استخدمتها الملكة الراحلة، إليزابيث، في موكب تتويجها.
وفي الوقت الذي عدّ فيه رئيس الوزراء ريشي سوناك الحدث "لحظة فخر وطني استثنائي، يولد من خلالها عهد جديد"، أشارت الاستطلاعات إلى تراجع دعم التاج البريطاني خصوصاً بين الشبان الأصغر سناً، وسط دعوات إلى التحديث أو إلغاء النظام الملكي برمته.
ورغم الأجواء الماطرة، احتشد عشرات الآلاف من الناس في وسط لندن لإلقاء نظرة على موكب الملك والملكة، اللذين سافرا من قصر باكنغهام إلى وستمنستر أبي في دايموند يوبيل ستيت كوتش، برفقة أربعة فرق من سلاح الفرسان المنزلي، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".