قالت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، الأربعاء 3 مايو/أيار 2023، إن حرية الصحافة في تونس أصبحت في "وضع سيئ للغاية"، بسبب الانتهاكات المتزايدة وتقييد السلطات الوصول إلى المعلومات، متهمة الرئيس قيس سعيد بتهديد حرية التعبير في البلاد.
وتظاهر عشرات الصحفيين التونسيين، الأربعاء، أمام مقر نقابتهم بالعاصمة تونس؛ دفاعاً عن "حرية الصحافة"، واحتجاجاً على "انتهاكات" في بلادهم، حيث دعت النقابة إلى المظاهرة تحت عنوان: "حرية الصحافة تواجه الخطر الداهم".
"زنازين موصدة.."
ورفع الصحفيون شعارات منها "الصحافة ليست جريمة"، و"ضرب الصحافة.. ضرب لحق المواطن في المعلومة"، و"أبواب مغلقة على الصحافة.. زنازين موصدة على العقول".
مهدي الجلاصي رئيس نقابة الصحفيين، قال في مؤتمر صحفي إن التلفزيون الرسمي تحول إلى "بوق دعائي تافه يستبعد كل أصوات المعارضة"، بعد أن كان صوتاً للجميع في العقد الماضي.
وأضاف أن عدة صحفيين حوكموا بموجب قانون النشر على الإنترنت المعروف بالمرسوم 54، معتبراً أن هذا المرسوم الذي وقعه سعيد كان "أكبر انتكاسة لحرية التعبير منذ 2011".
بدورها، قالت أميرة محمد، نائبة رئيس النقابة، إن أعداء حرية الصحافة في تونس هم: الرئيس الذي خنق حرية الصحافة، ووزيرة العدل التي تستعمل النيابة العامة لتحريك قضايا ضد الصحفيين، وقوات الأمن التي تواصل انتهاكاتها بحق الصحفيين، وغالباً ما تعرقل عملهم.
مكتسبات الثورة "في خطر"
وفي كلمة ألقاها أمام المحتجّين، قال الجلاصي: "تتراجع بشكل خطير كل مؤشرات حرية الصحافة والرأي والتعبير في تونس".
أضاف: "ليس الخطير فقط أننا تراجعنا من المرتبة 74 إلى المرتبة 121 في مؤشر حرية الصحافة خلال سنتين، بل الخطير أيضاً هو التراجع عن كل المكتسبات التي حققتها الثورة وجاءت بها دماء الشهداء".
بحسب بيانات نشرتها منظمة "مراسلون بلا حدود" (مقرها العاصمة الفرنسية باريس)، تراجعت تونس في مؤشر حرية الصحافة من المرتبة 94 العام الماضي إلى المرتبة 121، فيما كانت في المرتبة 73 عام 2021.
وقال الجلاصي إن "الصحافة لا يدافع عنها سوى الأحرار، والصحافة جاءت لتنقل الحقيقة لا لتنقل الدعاية"، مشدّداً على أن "حرية الصحافة هي أساس كل الحريات".
وأوضح بالقول: "الصحفيون التونسيون سيمارسون عملهم رغم كل المخاطر، لأن للحرية ثمناً، ونحن مستعدون لندفع هذا الثمن"، في إشارة إلى الملاحقات القضائية والأمنية التي يخضع لها بعض الصحفيين من أشهر.
سعيد ينفي
في المقابل، يرفض الرئيس قيس سعيد باستمرار الاتهامات بتقييد الحريات، وقال إنه لم يسجن أي صحفي بسبب رأيه، وقال، أمس الثلاثاء، إن من يدعي أنه لا حرية تعبير في تونس "إما أنه عميل أو في غيبوبة فكرية مستمرة". وردد باستمرار قوله بأن "لا حرية تعبير دون حرية تفكير".
وتقول وزارة الداخلية إنه لا توجد انتهاكات ممنهجة من الشرطة بحق الصحفيين، وإن ما يحدث أحياناً هو "أخطاء فردية" لا تمر دون محاسبة.
وفي العام الماضي، سُجن الصحفي صالح عطية بسبب الحديث عن دور للجيش في السياسة، والصحفي عامر عياد لتوجيهه انتقادات لاذعة للرئيس.
كما يواجه الصحفي نزار بهلول، رئيس تحرير موقع بزنس نيوز، المحاكمة؛ لانتقاده رئيسة الوزراء.
وتحقق الشرطة أيضاً مع الصحفي محمد بوغلاب، والصحفية منية العرفاوي، بتهمة التشهير، بعد انتقادهما وزير الشؤون الدينية.
وسجنت السلطات، هذا العام، نور الدين بوطار رئيس إذاعة موزاييك، وهي أهم وسيلة إعلام مستقلة في تونس، بشبهة التآمر على الدولة وغسل الأموال، بحسب محاميه، الذين قالوا إن المحققين سألوه عن الخط التحريري للإذاعة.
تونس تتراجع في حرية الصحافة
في السياق، أكدت أميرة محمد أن العديد من النشطاء أو المواطنين سُجنوا بسبب تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد الرئيس أو غيره من المسؤولين في الأشهر الأخيرة.
فيما قالت منظمة مراسلون بلا حدود، الأربعاء، إن تونس تراجعت بشكل ملحوظ في حرية الصحافة من المرتبة 94 إلى 121، وعزت ذلك إلى القوانين المقيدة للحريات.
وحرية الصحافة هي أبرز مكسب ناله التونسيون من ثورة 2011، التي أنهت الحكم الاستبدادي للرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
لكن صحفيين يشكون حالياً من زيادة الانتهاكات والمحاكمات منذ سيطرة سعيد على جميع السلطات تقريباً في 2021، وإغلاق البرلمان، وهي خطوة وصفتها المعارضة بأنها انقلاب.
ودافع سعيد عن هذه الخطوة، ووصفها بأنها قانونية وضرورية لإنقاذ تونس من أزمات وفوضى على مدى سنوات.