أطلق الجيش السوداني، الأربعاء 3 مايو/أيار 2023، معركة لإعادة السيطرة على القصر الجمهوري ومنطقة الوزارات في شارع النيل والبنك المركزي بالعاصمة الخرطوم، حسبما علم موقع "عربي بوست" من مصادر خاصة.
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه حكومة جنوب السودان، أن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" اتفقا "من حيث المبدأ" على هدنة جديدةٍ مدتها 7 أيام، تبدأ الخميس 4 مايو/أيار، وتسمية ممثلين عنهما للانخراط في مفاوضات سلام.
بحسب مصادر "عربي بوست"، فإن اشتباكاً "دموياً" وقع بين قوة متحركة للدعم السريع وعربات تابعة للاحتياط المركزي التابع للشرطة الموحدة الداعمة للجيش، بعد شروعها في تأمين المحال التجارية بمنطقة السوق العربي المجاورة لمنطقة القصر الجمهوري.
تطورت الاشتباكات لتصل إلى المجمع الطبي لجامعة الخرطوم ثم شارع القصر وشارع البلدية ومقر ولاية الخرطوم والمجلس التشريعي وبرج البركة.
بحسب المعلومات الواردة للمصادر الخاصة، فإن قوة المهام الخاصة التابعة للجيش مسنودة بسلاح الجو وقوات الاحتياط المركزي تمكنت من دخول القصر الجمهوري بعد أن حاصرت معظم الارتكازات التابعة لـ"الدعم السريع" في المنطقة.
في السياق، كشفت مصادر الموقع الخاصة أن اللواء أحمد عبد الرحيم شكرت الله الجبارابي استطاع تحرير نفسه من أَسر "الدعم السريع"، بعد أن كان محتجزاً في معسكر طيبة جنوب الخرطوم بعد قصفه من القوات الجوية.
يشار إلى أن شكرت الله كان منتدباً من الجيش لـ"الدعم السريع"، وقد اختفى من منزله في أم درمان قبل تسعة أشهر دون أن يعرف أحدٌ مكان اختفائه، فيما قالت المصادر إنه كانت لديه خلافات حادة مع حميدتي.
في الميدان، كشفت المصادر الخاصة لـ"عربي بوست"، أن مجموعات الدعم السريع تتحرك بمئات الدراجات النارية لتنفيذ مهماتها؛ خوفاً من القصف الجوي.
فيما أعلنت مجموعة النفيدي التجارية أن مجموعات تابعة لـ"الدعم السريع" نهبت أربعة آلاف موتور من مخازنها، كما نهبت مئات المواتير من الوزارات المختلفة، خصوصاً وزارة المالية، بحسب مصادر "عربي بوست".
فيما تتعرض الأسواق، خاصةً سوق أم درمان وليبيا، لعمليات نهب كبيرة من قوات الدعم السريع.
جهود لـ"هدنة طويلة"
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه حكومة جنوب السودان، أن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" اتفقا "من حيث المبدأ" على هدنة جديدةٍ مدتها 7 أيام، وتسمية ممثلين عنهما للانخراط في مفاوضات سلام.
وأكد بيان لوزارة خارجية جنوب السودان، أن الأطراف في السودان "وافقت على التهدئة"، بناءً على تدخُّل وطلب من رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، الذي دعا أطراف الصراع في السودان إلى بدء مباحثات السلام "في أقرب وقت ممكن".
وذكر البيان أن الهدنة الجديدة تبدأ ليل الخميس المقبل، على أن تنقضي بحلول الـ11 من مايو/أيار الحالي، فيما أوضحت حكومة جنوب السودان أن "الأطراف المتصارعة في السودان عليها اختيار مكان انعقاد مفاوضات السلام".
ولم يتضح بعدُ مدى تماسك هذا الاتفاق بين البرهان وحميدتي؛ نظراً إلى خرق اتفاقات سابقة بوقف إطلاق النار لمدد بين 24 و72 ساعة، حيث تسبّب مزيد من الضربات الجوية وإطلاق النار في منطقة الخرطوم في تعطيل أحدث هدنة قصيرة الأجل.
والثلاثاء، قال مسؤولون بالأمم المتحدة إن الحرب في السودان أجبرت 100 ألف على الفرار عبر الحدود، وإن القتال الذي دخل أسبوعه الثالث يتسبب في أزمة إنسانية.
وينذر الصراع بكارثة أوسع نطاقاً في وقت تتعامل فيه دول الجوار الفقيرة مع أزمة لاجئين، ويعوق القتال تسليم المساعدات في بلد يعتمد ثلثا سكانه بالفعل على مساعدات خارجية.
وقال مسؤولون بالأمم المتحدة إن منسق الإغاثة في حالات الطوارئ التابع للمنظمة، مارتن غريفيث، يعتزم زيارة السودان اليوم الثلاثاء، لكن لم يتأكد الموعد بعد.
في حين ذكر برنامج الأغذية العالمي، الإثنين 1 مايو/أيار، أنه سيستأنف العمل في الأجزاء الأكثر أماناً بالسودان بعد تعليق العمليات مؤقتاً في وقت سابق من الصراع الذي قُتل فيه بعض موظفي البرنامج.
وقال مايكل دانفورد المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لشرق إفريقيا: "الخطر هو أن هذه لن تكون أزمة سودانية فحسب، بل ستكون أزمة إقليمية".
ولا يُظهر قائدا الجيش وقوات الدعم السريع أي مؤشر على التراجع، ومع ذلك فإنهما ليسا قادرين على تحقيق نصر سريع فيما يبدو، مما أثار مخاوف من نشوب صراع طويل الأمد قد يجتذب قوى خارجية.