اشتراطات ومطالب حملتها تل أبيب إلى عَمان لإفراج السلطات الإسرائيلية عن النائب الأردني عماد العدوان، الذي أوقفته إسرائيل بتهمة تهريب أسلحة للداخل الفلسطيني.
وكشفت مصادر أردنية مطلعة لـ"عربي بوست"، أن الجانب الإسرائيلي طالب نظيره الأردني بتجريد النائب الأردني من عضويته في مجلس النواب ورفع الحصانة الدبلوماسية عنه ومحاكمته على الأراضي الأردنية تحت تهمة الإرهاب، وضمان عدم تحويل النائب العدوان إلى بطل وطني، يتغنى به الشارع الأردني مقابل الإفراج عنه وتسليمه للأردن.
ويلف الغموض تلك القضية، في ظل سيطرة الرواية الإسرائيلية على مجريات القضية، في وقت لم تصدر فيه حتى اللحظة أي تصريحات رسمية أردنية، توضح مجريات وملابسات قضية النائب الأردني عماد العدوان.
التعامل الأردني مع قضية عماد العدوان
تأتي الاشتراطات الإسرائيلية في ظل تأكيدات مصادر من مجلس النواب الأردني، بأن عمان تتعامل مع قضية النائب الأردني بحساسية بالغة وبطريقة أمنية محكمة.
وذكرت المصادر النيابية المقربة من الدوائر الأمنية الأردنية، أن المفاوضات تتم بين الجانبين الأردني والإسرائيلي بعيداً عن الحكومة الأردنية ومجلس النواب، بتوجيهات ومتابعة مباشرة من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني شخصياً.
هذا هو سبب التكتم الرئيسي على الأمر حتى اللحظة- بحسب المصادر- إذ لم يعقد مجلس النواب حتى اللحظة جلسة علنية طارئة، ولم يتحدث أو يكشف بشكل واضح مجريات القضية أو وجود أي تحركات، بالإضافة إلى صمت رسمي آخر على مستوى رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة.
جلسة سرية
وفي ظل المطالب والاشتراطات الإسرائيلية والرد الأردني حولها، أكدت مصادر برلمانية أردنية مطلعة- رفضت الكشف عن نفسها- لـ"عربي بوست"، أنّ جلسة سرية عُقدت بين رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي وأعضاء من مجلس النواب مع الحكومة الأردنية.
وبحثت الجلسة غير المعلنة بشكل جدي إمكانية تجريد النائب عماد العدوان من عضويته في مجلس النواب، والبحث في رفع الحصانة الدبلوماسية عنه، حيث سيتم اتخاذ القرار بشأنه خلال الأيام القادمة.
وتؤكد المصادر نفسها أنّ نافذة دبلوماسية قد فتحها الأردن عبر سفيرها في إسرائيل غسان المجالي، وذلك بتوجيهات من العاهل الأردني، الذي يدير مجريات قضية النائب الموقوف بشكل مباشر، في ظل تأكيدات وزارة الخارجية الأردنية، عبر بيان لها، أنّ النائب "العدوان أكد للسفير الأردني أنه بصحة جيدة، ولا يتعرض لأية ممارسات مسيئة جسدياً أو نفسياً، وأنه طلب من السفير طمأنة أسرته بأنه في صحة جيدة".
وأشار البيان إلى أنّ السفير الأردني تحدث بشكل "مفصل" مع النائب العدوان حول ظروف توقيفه وإجراءات التحقيق معه، وتأكد منه أنّ ظروف توقيفه "تحترم حقوقه القانونية والإنسانية".
مجلس النواب الأردني يردّ ويعقّب
رغم عدم وضوح الرؤية على مستوى مجلس النواب الأردني، والتحركات على مستوى المجلس وما يدور في داخله، والصمت الذي يلف أخبار النائب الأردني عماد العدوان، فإنّ "عربي بوست" تمكن من التواصل مع النائب في مجلس النواب الأردني، ومقرر لجنة فلسطين النيابية، توفيق عبد الله بخيت المراعية، للتعليق على ما أثير من معلومات.
وأكدّ النائب وقوفه التام مع زميله العدوان في القضية، موضحاً "نحن كنواب في مجلس النواب التاسع عشر نقف مع النائب عماد العدوان حتى خروجه ومعرفة ملابسات قضية اعتقاله من الجانب الإسرائيلي، ونطالب بالإفراج الفوري والعاجل عنه".
وكشف المراعية أنّ هناك خطوط تواصل دبلوماسية ورسمية، تتم على كافة المستويات الداخلية، سواء على مستوى مجلس النواب أو عبر الخارجية الأردنية وعبر العاهل الأردني، مشيراً إلى وجود اجتماع تمّ على مستوى المكتب الدائم في مجلس النواب، وتمّ تشكيل خلية لإدارة الأزمة مع الحكومة والأطراف الرسمية الأردنية.
وأشار النائب الأردني أنّ العدوان هو زميل في مجلس النواب الأردني، ويجب الوقوف معه باعتبار ذلك واجباً وطنياً، معتبراً أنّ هذا الأمر لا ينقص من شخصيته أو يشكك في وطنيته تجاه وطنه وشعبه.
كما يكشف النائب الأردني عن وجود وساطات دبلوماسية خارجية بين الأردن والجانب الإسرائيلي لحل إشكالية النائب الأردني العدوان، وتتم عبر مستويات متعددة منها الخارجية الأردنية.
اجتماع مرتقب لمجلس النواب
تواصل مراسل "عربي بوست" مع نائب آخر في مجلس النواب الأردني، لكنه رفض التصريح باسمه، والذي أشار إلى أنّ مجلس النواب ليست لديه صلاحيات أو تفويض باتخاذ أي قرار أو موقف تجاه قضية النائب العدوان.
وأوضح أنّ المجلس ينتظر حل القضية عبر المنافذ الدبلوماسية والسياسية التي تتم حالياً عبر الخارجية الأردنية، بمتابعة مباشرة من العاهل الأردني، كاشفاً في الوقت نفسه عن اجتماع محتمل سيتم الأسبوع القادم في مجلس النواب، للبت في قضية النائب الأردني، وتوضيح مجريات وملابسات قضية توقيفه.
وقال إن الحكومة الأردنية ومجلس النواب ينتظران ما ستؤول إليه مجريات التحقيق مع النائب العدوان، وإعطاء فرصة للمنافذ السياسية التي تتم في الوقت الحالي، قبل الإدلاء بأي موقف على مستوى مجلس النواب أو موقف رسمي عبر الحكومة الأردنية.
طبيعة التنازلات التي يمكن تقديمها
تؤكدّ مصادر رسمية أردنية خاصة، أنّ الجائب الإسرائيلي سيعيد المطالبة بالسماح بفتح مقام النبي هارون في إقليم البتراء أمام الإسرائيليين.
يأتي هذا بعدما أغلقت وزارة الأوقاف الأردنية المقام قبل حوالي أربع سنوات، بعد غضب اجتاح الشارع عقب انتشار مقاطع فيديو لسياح إسرائيليين يقومون بطقوس تلموديّة في منطقة البتراء، داخل مقام النبي هارون.
وطالب سياسيون وناشطون بمحاسبة المسؤولين المقصرين لإتاحتهم الفرصة أمام الإسرائيليين لدخول المنطقة والمقام، حيث سيضاف هذا المطلب إلى جملة المطالب الإسرائيلية السابقة المتعلقة بتجريد النائب الأردني من عضويته في مجلس النواب، ورفع الحصانة عنه ومحاكمته، باعتبار ما يشكله المقام من أهمية دينية لدى التيارات اليمينية المتطرفة الإسرائيلية، التي باتت تشكل الحكومة الحالية الإسرائيلية إحدى واجهاتها السياسية.
وتؤكدّ المصادر ذاتها لـ"عربي بوست"، أنّ القضية ستأخذ مستويين أساسيين، مستوى أمني عبر المخابرات الأردنية بالتنسيق مع الجائب الإسرائيلي، للاطلاع على تفاصيل وفحوى التحقيقات معه.
فيما يكون المستوى الثاني عبر العاهل الأردني، ويتم التعامل معه عن طريق المنافذ الدبلوماسية، وتحديداً عبر السفير الأردني في إسرائيل غسان المجالي، وبالتنسيق المباشر مع الخارجية الأردنية، حيث يكون الملك الأردني على اطلاع تام على سير المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.
وهذا السبب الأساسي الذي دفع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لرفض تلقي مكالمة هاتفية من نظيره الإسرائيلي إيلي كوهين، على خلفية توقيف تل أبيب للنائب الأردني.