خلصت توصيات وردت في تقرير، يهدف إلى إعادة ضبط نهج الحكومة البريطانية في التعامل مع الجماعات الدينية، إلى أن السياسيين البريطانيين يتعين عليهم التوقف عن وصم المسلمين بأمور تُشعرهم بأنهم مسؤولون عما يُوصف بـ"الإرهاب الإسلامي"، بحسب ما أفادت صحيفة The Guardian البريطانية.
حيث كشف تقرير المستشار الديني للحكومة البريطانية، كولين بلوم، أن المسلمين يتعرضون للتهميش في كثير من مجالات الحياة في بريطانيا، ويتضمن ذلك دفعَهم في أحيان كثيرة إلى ما يُشعرهم بأنهم مضطرون إلى إعلان نبذهم للأعمال الإرهابية.
وحثَّ بلوم وزراءَ الحكومة على إقرار قروض طلابية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، لمساعدة المزيد من الطلاب المسلمين على الالتحاق بالجامعة، وإعداد برنامج توعية لحثِّهم على الانضمام إلى القوات المسلحة البريطانية وزيادة تمثيلهم فيها.
توصيات موجّهة للحكومة
جاءت تلك التوصيات ضمن دراسة شاملة لتعامل الحكومة البريطانية مع مختلف الطوائف الدينية في المجتمع. وكانت صحيفة الغارديان البريطانية كشفت من قبل عن بعض أبرز التوصيات الواردة في التقرير، ومنها إطلاق حملات حكومية لمكافحة الزواج القسري والمدارس الدينية غير المسجلة.
وتقدم بعض ملاحظات بلوم في التقرير خطاباً يتناقض تناقضاً واضحاً مع خطاب الكثير من الرسائل الحكومية الأخيرة، حول ما يُوصف بالإرهاب الإسلامي.
إذ ينبه بلوم في التقرير إلى أن: "التطرف الإسلامي، والإرهاب المتأثر بالأيديولوجيات الإسلامية المتشددة، ومناصرة المنظمات الإرهابية والمتطرفة… كلها أمور مستنكرة لدى التيار العام من المسلمين البريطانيين، على نحو مماثل لاستنكار المسيحيين البريطانيين لأعمال الإرهابي اليميني النرويجي أندرس بريفيك. وإن لم تُبذل المساعي اللازمة لتعديل هذا الوضع، فإنه لمن المحزن أن كثيراً من المسلمين البريطانيين ستزداد العقبات أمام شعورهم بالقبول التام والاندماج في المجتمع البريطاني".
وقال بلوم: "خلال إعداد هذا التقرير واستشارة المعنيين بالقضايا المناقَشة فيه، وصف كثير من المسلمين، بحزنٍ واضح في كثير من الأحيان، كيف جعلهم المجتمع يشعرون بأنهم موصومون بدعم الإرهاب، وأنهم مسؤولون عما يُوصف بأعمال الإرهاب الإسلامي أو يدعمونها سراً".
أضاف: "لدينا في هذا التقرير ما يكفي للزعم بأن هذا يحدث في شتى أوساط المجتمع، حتى أعلى مستوياته، وأن من يعملون في السياسة ليسوا بريئين من أفعال الوصم، لاسيما أن بعضهم يروج مزاعم لا أساس لها عن تعاطف المسلمين مع المتطرفين، ويتبنى لغة معادية للمسلمين على نحو لم نشهده من قبل".
يختلف الخطاب الوارد في هذا التقرير عن نظيره في التقرير الذي أعدَّه ويليام شوكروس، مستشار الحكومة لبرنامج "بريفينت"، المخصص لمكافحة التطرف، والذي تضمن مزاعم بأن: "الحقائق تُبين أن أكثر التهديدات فتكاً في العشرين عاماً الماضية جاءت من الإسلاميين، وأن هذا التهديد متواصل".
الحكومة ترحب
في المقابل، يتضمن تقرير بلوم 22 توصيةً للوزراء، من بينها إلحاق موظفي العموم، ومنهم الأطباء والمعلمون وضباط الشرطة، بدورات تدريبية إلزامية في مراعاة الحقوق والمشاعر الدينية.
إضافة إلى تنظيم المدارس الدينية غير المنظمة، وتقديم قروض طلابية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، ومراجعة الإجراءات التي تزيد التطرف في السجون، وإطلاق حملة لتجنيد المزيد من الجنود المسلمين في القوات المسلحة البريطانية، والتصدي للمتعصبين البيض ذوي الدوافع الدينية، والتحقيق في سياسات التطرف المرتبطة بأتباع الديانة السيخية.
كما تشمل التوصيات استخدام قانون الأمان عبر الإنترنت لإزالة المواد التي تحرض على الكراهية الدينية، وتمويل برنامج جديد لمساعدة الأشخاص المغادرين للبيئات الدينية القسرية، وإصلاح الوحدة الحكومية المعنية بالنظر في قضايا الزواج القسري، وتزويدها بالموارد المناسبة.
بدورها، رحبت الحكومة بالتقرير، الأربعاء 26 أبريل/نيسان، لكنها لم تعلن التزامها بتنفيذ أي من توصياته.
وقالت جين سكوت، وزير الدولة للشؤون الدينية، في بيان: "أحيي هذا التقرير وأشكر كولن على عمله، سننظر بعناية في التوصيات، وأنا حريصة على التعاون مع المعنيين من جميع الأديان".
ونُشر التقرير، الأربعاء 26 أبريل/نيسان 2023، بعد أربع سنوات من التكليف الصادر عن بوريس جونسون، رئيس الوزراء آنذاك، بإعداده. ويأتي في نحو 160 صفحة، ويتناول مختلف المسائل المتعلقة بالشؤون الدينية، مثل دور القساوسة في السجون، والتهديد المتزايد من السيخ المتطرفين والقوميين الهندوس.