حذر مستشار ديوان الرئاسة الفلسطينية لشؤون القدس أحمد الرويضي في مقابلة مع "عربي بوست" من "مفاجآت كبرى" على صعيد استهداف المسجد الأقصى المبارك، موضحاً تفاصيل حول معركة السيادة على مدينة القدس المحتلة، ومحاولة الاحتلال إنهاء الوصاية الأردنية، محذراً من خطورة المخططات الإسرائيلية بإقامة كنيس يهودي قرب مصلى باب الرحمة في المسجد الأقصى.
وشدد على أن "المشهد الآن في القدس عنوانه معركة السيادة، فإسرائيل قامت بضم القدس واعتبرتها جزءاً منها، بالتالي نفذت القانون الإسرائيلي عليها وألحقتها بمحاكمها وسلطاتها الإدارية واعتبرت أهلها مقيمين وليسوا مواطنين".
وتابع أن الحكومة المتطرفة اليمينية الحالية في إسرائيل "تقوم بخطوات عملية لإنهاء الوصاية الأردنية، فهي علناً تتحدث عن احترامها، لكن على أرض الواقع تقوم بالاقتحامات والحفريات والاعتداءات وأداء الطقوس التلمودية، واعتدت على باب الرحمة، وتفرض التهجير القسري والهدم في أحياء، واستيطان في أخرى، ولكن الأخطر أن الاحتلال يريد سياسياً أن ينهي القدس ووضعها السياسي على أنها منطقة محتلة".
فيما يتعلق بمحاولات فرض التقسيم الزماني والمكاني على الأقصى على غرار ما جرى في الحرم الإبراهيمي في الخليل، أشار الرويضي إلى أن الاحتلال الإسرائيلي "حاول قبل رمضان وهدد بارتكاب مجازر حتى ينفذ المشهد الذي نفذه في مدينة الخليل كما نفذ التقسيم في الحرم الإبراهيمي، لذلك هو يخطط لهذا الأمر بالفعل".
إلى نص المقابلة كاملة:
هناك تحذيرات من خطورة التصعيد الإسرائيلي في المسجد الأقصى بعد رمضان فهل نحن أمام مرحلة متقدمة من التوترات واستهداف الأقصى؟
المشهد الآن في القدس عنوانه معركة السيادة، فإسرائيل قامت بضم القدس واعتبرتها جزءاً منها، بالتالي نفذت القانون الإسرائيلي عليها، وألحقتها بمحاكمها وسلطاتها الإدارية، واعتبرت أهلها مقيمين وليسوا مواطنين.
إسرائيل تريد أن تنهي موضوع الضم حتى تمنع أي إمكانية لأن تقام دولة فلسطينية في المستقبل، وتنهي حل الدولتين، لأنه بدون القدس لا يمكن أن تقام دولة فلسطينية.
لأن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وهذا وفق القرارات الدولية، إلى جانب أن الاعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب بالأمم المتحدة كان على أساس حدود 1967 بما فيها القدس الشرقية، حتى إن قرار محكمة العدل الدولية بخصوص الجدار أكد أن القدس الشرقية محتلة، وكذلك الأمر في محكمة الجنايات الدولية التي اعتبرت أن القدس الشرقية هي جزء من أراضي 1967.
كل ذلك بالنسبة لإسرائيل لا يعني أنها تمكنت من تنفيذ برنامج الضم كاملاً، فهي تريد أن تنهي موضوع الضم لتفرض سيادتها تماماً، وأن تعتقل محافظ القدس وتمنع المؤسسات المقدسية وأن تغير المنهاج وتلحق المؤسسات الفلسطينية بمؤسسات الاحتلال، وتريد أن تجعل القدس تحت الولاية والسيطرة الإسرائيلية.
وجود الحكومة الإسرائيلية المتطرفة الحالية، إلى أي درجة سيساهم في دفع مخططات الاحتلال بحق الأقصى؟
هناك تداعيات بالتأكيد، في كل مرحلة منذ عام 1967 كانت إسرائيل هي التي تفرض الإرادة، ولا يعتقد أحد أن الجماعات الاستيطانية هي تعمل بشكل منفرد، بل هي أدوات فقط مثل جمعية إلعاد عطيرت كوهنيم، فهي تستولي على العقارات بحماية الأمن الإسرائيلي وحكومة الاحتلال وقضاء الاحتلال، وجميعها توفر غطاء لها، إلى جانب الأحزاب الإسرائيلية اليمين واليسار فهي متفقة على تهويد القدس والاستيطان والهدم وإغلاق المؤسسات.
لذلك الآن في ظل وجود وزير المالية الإسرائيلي المتطرف سموتريتش ووزير الأمن القومي بن غفير، فالوضع أخطر، لأن هؤلاء يتحدثون بشكل علني.
بن غفير بدأ الحكومة في أول يوم له باقتحام المسجد الأقصى المبارك، وتحدث بشكل واضح عن تقسيمه زمانياً ومكانياً، لذلك المعركة سوف تتوسع، والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت التي لها علاقة بالصراع، لأن الاحتلال يخطط لهدم حي الشيخ جراح من جديد، وحي البستان، والاستيلاء على المسجد الأقصى المبارك، وإغلاق العديد من المؤسسات الفلسطينية في المدينة، لذلك فإن المعركة صعبة.
يتصدر باب الرحمة ومصادرة محتوياته المشهد، مؤخراً، على ماذا ينطوي الآن؟
باب الرحمة يتعرض لمحاولات متواصلة من الاحتلال لاستهدافه وإقامة كنيس يهودي فيه، خاصة اقتحامه خلال الأيام الماضية أكثر من مرة.
استهداف باب الرحمة بدأ في العام 2017، بمحاولة فرض إقامة كنيس يهودي في المسجد الأقصى المبارك، وهذا ما أفشلناه، لأننا كنا ندرك أن فتح الاحتلال باباً من جهة مقبرة باب الرحمة من الخارج، يمهد له أن يجعل منه جزءاً من كنيس يهودي يخططون لإقامته.
باب الرحمة جزء من المسجد الأقصى المبارك شأنه شأن قبة الصخرة وغيرها لأن المسجد الأقصى مساحته 144 دونماً، كل ذلك ليس الأبنية فقط، بل الحدائق وكل شيء فيه.
وباب الرحمة جزء أصيل من الأقصى الذي هو حق خالص للمسلمين وحدهم، لا يشاركهم به أحد.
الآن تكرار المعركة هي محاولة فرض التقسيم المكاني والزماني، ونقول إن من يتحمل مسؤولية التصعيد هو الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته في المسجد الأقصى المبارك.
التقسيم الزماني والمكاني بات أكثر تقدماً الآن، برأيك هل بات مصير الأقصى مشابهاً للحرم الإبراهيمي في الخليل؟
الاحتلال الإسرائيلي حاول قبل رمضان وهدد بارتكاب مجازر حتى ينفذ المشهد الذي نفذه في مدينة الخليل، كما فعل من التقسيم في الحرم الإبراهيمي بعد ارتكابه مجزرة، لذلك هو يخطط لهذا الأمر.
نحن ندرك ونفهم معادلتنا بشكل واضح، ولذلك نقول إن معركتنا يجب أن يقودها رجل دين في المسجد الأقصى المبارك، نظراً لقيمة الأقصى الدينية، وهذه المعارك لها بعد ديني، لذلك نحذر من الحرب الدينية، وليس كموضوع سياسي فقط.
إرادتنا وثباتنا على الأرض كفلسطينيين هي التي ستفشل هذه المشاريع في الأقصى. وبالتجربة كنا قادرين دوماً كفلسطينيين أن نقف في الخندق الأمامي في الدفاع عن أولى القبلتين وثالث الحرمين، إضافة إلى دعم الوصاية الأردنية والدعم العربي الإسلامي المطلوب بهذه المعركة.
حذرتم سابقاً من محاولات مستمرة لإنهاء الوصاية الأردنية تدريجياً على المقدسات في القدس، فكيف يتم ذلك وفق توثيقكم؟
يريد الاحتلال أن ينهي الوصاية الأردنية، رغم أنه يتحدث علناً عن احترام الوصاية، ولكنه على أرض الواقع لم يلتزم بتعهداته، ويقوم يومياً بالاقتحامات والحفريات والاعتداءات وزيادة ساعات الاقتحامات وأداء طقوس تلمودية.
الاعتداء على باب الرحمة قبل أيام بهذا المشهد الذي رأيناه، يدلل على هذا الحقد الدفين لمحاولة فرض التقسيم المكاني.
هي معركة عنوانها معركة السيادة، وفيها تفاصيل منها التهجير القسري والهدم للأحياء والاستيطان، ولكن الأخطر أن إسرائيل تريد سياسياً أن تنهي القدس ووضعها السياسي على أنها منطقة محتلة، بالتالي فرض تطبيق السيادة الإسرائيلية عليها، وتدريجياً، لإنهاء الوجود الفلسطيني فيها.
محاولة إسرائيل إلغاء الوصاية الأردنية عن المقدسات يقوم بها نتنياهو فعلياً على الأرض، وينفذ برنامجاً لإنهاء الوصاية على الأقصى وكنيسة القيامة، بالاستيلاء على أراضيها في سلوان، وهو لا يحترم المقدسات ولا الأوقاف. لذلك لن تنتهي المشكلة بالقدس إلا بزوال الاحتلال.
ما هو مستوى التنسيق الفلسطيني الأردني لحماية الأقصى؟
هناك تنسيق فلسطيني أردني متواصل، وعلى كل المستويات، أبرزها اللقاءات والتشاور ما بين الملك عبد الله الثاني والرئيس محمود عباس، وتنسيق الخطوات والإجراءات الثنائية في كل المحافل لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات في القدس.
ما أهمية الرباط في المسجد الأقصى في هذا التوقيت؟
أشدد على أهمية الرباط في الأقصى وشد الرحال إليه، إلا أننا نرى للأسف حجم المعركة على المرابطين بالاعتقال والقتل والملاحقات الأمنية، ولذلك أهلنا أخذوا قرارهم بالدفاع عن الأقصى وعدم الرجوع عن ذلك.
رغم أن الاحتلال حاول أن يظهر أنه يحافظ على حرية الأديان في شهر رمضان، لكن هذا غير صحيح، فلو أنه سمح بحرية الوصول لكانت الأعداد تجاوزت نصف مليون من المصلين في الأقصى.
ولو لم يكن هناك حواجز واعتقالات ومنع أعمار معينة ومنع مواطنين من غزة والضفة من الوصول إلى القدس، لكانت الأعداد مضاعفة جداً.
لذلك هذه دعوة لكل الفلسطينيين لدعم أبناء القدس، لأن دعم القدس وأهلها هو جزء من حماية الأقصى، لأن أول من يقف في أي اعتداء هم سكان البلدة القديمة والقدس.
هناك استهداف للمنطقة الشرقية لإقامة كنيس يهودي في الأقصى.. ما خطورة ذلك؟
كل المسجد الأقصى مستهدف بمخططات الاحتلال، ولكن هم يريدون الآن استهداف منطقة باب الرحمة بشكل خاص، لإقامة كنيس يهودي، ولكن نحن نرفض بشكل قاطع ذلك، لأن هذا خطر حقيقي على الأقصى، وليس المنطقة الشرقية وحدها.
نحن نرفض كل تدخل إسرائيلي في الأقصى كونها هي قوة احتلال ليس لها وجود، ومن يجب أن يحميه هم الحراس في الأقصى، ومن يتحمل عملية التصعيد هو الاحتلال وحده، لذلك لا نقبل الضغوط على الجانب الفلسطيني أو أي محاولة لإظهار مسؤولية فلسطينية عن التصعيد الذي يسببه الاحتلال.
نريد أن نتوجه إلى الأقصى لأداء صلوات دون تدخل الاحتلال.
ما هي جهود الرئاسة الفلسطينية في تقديم الاحتياجات اللازمة لدعم صمود المقدسيين، والحفاظ على المؤسسات الوطنية، لاستمرارها في تقديم الخدمات للمقدسيين؟
القيادة تعمل على 3 مستويات، المستوى السياسي لأن القدس عاصمتنا الأبدية، بالتالي هذا موضوع سياسي، والاحتلال يجب أن يزول عنها، ما يعني التحرك على كل الأصعدة لهذا الغرض. والرئيس محمود عباس في ذهنه وفي عمله اليومي موضوع القدس، وهو عمل أساسي وعمل مركزي.
في المستوى الثاني العمل القانوني، في إطار توجهنا إلى محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية، فموضوع القدس حاضر لأنها جزء من الأراضي المحتلة عام 1967.
وأخيراً، الدعم المادي، إذ بدأنا بأنفسنا بخصم أصغر عملة على فواتير الهاتف، حيث صدر قرار رئاسي بهذا الأمر، وهذا قرار عربي صدر عن الجامعة العربية، والمطلوب أن تبدأ كل دولة بالتنفيذ.
نطالب العرب ختاماً بأن يفهموا خطورة المعركة في القدس، وأن أي إنهاء لمعركة القدس سيكون صدى ذلك في كل منطقة في العالم، وليس فقط في حدود فلسطين وحدها، لذلك فإن المطلوب دعم سياسي وتنموي للمدينة.