مستشفيات بالخرطوم تتحول إلى مدافن مفتوحة! جثث الموتى تتحلل فيها ولا إمكانية لنقلها إلى المقابر

عربي بوست
تم النشر: 2023/04/24 الساعة 07:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/24 الساعة 07:56 بتوقيت غرينتش
المواجهات في الخرطوم تزيد من الضغوط على المستشفيات - الأناضول

تحولت مستشفيات في العاصمة السودانية الخرطوم إلى مدافن مفتوحة، مع اشتداد ضراوة القتال بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، والتي أودت بحياة مئات القتلى، وأدت إلى إصابة الآلاف، وباتت المستشفيات تعمل تحت ضغط كبير في بلد يعاني فيه القطاع الصحي، كما قطاعات أخرى، من أزمات عدة. 

أطباء ومرضى في العاصمة السودانية التي يقطنها زهاء 5 ملايين نسمة، تحدثوا عن قصص مروّعة عن وضع مستشفيات باتت عاجزة عن إنجاز أحد أبسط المبادئ الإنسانية والدينية، وهو "إكرام الميت دفنه".

إبراهيم محمد، وهو شاب سوداني كان يتلقى العلاج من سرطان الدم في مستشفى الخرطوم التعليمي، وأدرك أن الشخص الذي يتلقى العلاج إلى جانبه بات جثة هامدة، لكن ضراوة المعارك في العاصمة السودانية حالت لأيام دون نقل جثمانه.

والد محمد قال في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية: "بسبب القتال العنيف، لم يتم نقل الشخص (المتوفى) ليتم دفنه" بعد وفاته يوم اندلاع الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، في 15 أبريل/نيسان 2023.

بقي محمد في الغرفة، حيث تنبعث رائحة الموت شيئاً فشيئاً، في مدينة تُعرف بحرارة مناخها حتى في هذه الفترة من العام… بعد 3 أيام، ترك الأب وابنه المستشفى، والجثة في مكانها، ونقلت الوكالة عن مصادر طبية قولها إن "هذا المشهد بات مألوفاً في السودان منذ بدء المعارك".

قبل مغادرة المستشفى في الخرطوم، كان إبراهيم ونجله أمام خيارين أحلاهما مرّ، وأوضح الأب أن الرائحة الكريهة ملأت الغرفة، وفاقمها انقطاع التيار الكهربائي لثلاثة أيام وارتفاع حرارة الطقس، فكان الخيار "إما أن نبقى في غرفة ذات رائحة عفنة، أو نخرج ونواجه طلقات الرصاص".

أكد إبراهيم أن "المستشفى كان يتعرض للقصف"، وقال إن تبادل الأعيرة النارية كان يجري "خارج المستشفى مباشرة"، مشيراً إلى أن بعض المرضى الذين غادروا آنذاك أصيبوا بالرصاص، وأوضح أنه اضطر للسير ونجله خارج المستشفى، وتطلّب وصولهما الى المنزل زهاء 5 ساعات.

أضاف إبراهيم أن "صحة ابني تدهورت منذ ذلك الحين"، لاسيما وأنه لم يتمكن من نقله إلى مركز طبي آخر لاستكمال العلاج، وقال: "أريد فقط أن يتوقف كل هذا حتى أتمكن من معالجة ابني".

انهيار النظام الصحي

المواجهات العنيفة بين الجيش و"الدعم السريع"، التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي) حوّلت الخرطوم ومدناً أخرى إلى ميادين حرب مفتوحة، وأعاقت تقديم الرعاية الصحية وعمل الأطباء، ووضعتهم تحت ضغوط إضافية في بلد عانى من النزاعات والعقوبات على مدى عقود.

يقول أمين عام نقابة أطباء السودان، عطية عبد الله، إن في مستشفيات عدة "تبقى الجثث المتحللة في العنابر"، وأشار إلى أن المعارك تسبّبت في "انهيار كامل وشامل لنظام الرعاية الصحية" في البلاد، وأدت الى امتلاء "المشارح والشوارع بالجثث".

أضاف عبد الله أن حوالي ثلاثة أرباع المستشفيات أغلقت أبوابها، والمنشآت الطبية باتت تكتفي بتقديم خدمات الطوارئ وعلاج المصابين جراء المعارك.

بحسب نقابة الأطباء أيضاً، تعرّض 13 مستشفى للقصف، وتم إخلاء 19 منشأة طبية أخرى خلال 8 أيام من القتال، فيما ذكرت منظمة الصحة العالمية، الأحد، 23 أبريل/نيسان 2023 بسقوط "8 قتلى واثنين من الجرحى" من الأطقم الطبية المعالِجة. 

 طواقم منهكة

وحتى المنشآت التي أبقت أبوابها مفتوحة "معرّضة لخطر الإغلاق في أي لحظة" جراء الوضع، وفق عبد الله، الذي يؤكد أنها تعاني أيضاً نقصاً حاداً في المستلزمات الطبية، لاسيما أكياس الدم والمعدات الجراحية الكافية، وكذلك الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية وحتى سيارات الإسعاف.

باتت طواقم المستشفيات منهكة، لأن "الفريق (الطبي) نفسه يعمل في بعض المستشفيات" لمدة 8 أيام متواصلة، وفق عبد الله الذي يشير الى أن "البعض لديه جرّاح واحد فقط…"، ويضيف بأسى "الجميع منهك للغاية".

ويوجّه المسعفون نداءات يومية لوقف إطلاق النار للسماح بوصول المساعدات الإنسانية، ونقل الجرحى ودفن الموتى. 

بدورها، حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من أن انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود يعرّض مخزوناً من اللقاحات وجرعات الأنسولين بقيمة أكثر من 40 مليون دولار، لخطر التلف.

يُشار إلى أن الاشتباكات تسببت بمقتل أكثر من 420 شخصاً وإصابة 3700 بجروح حتى يوم الإثنين، 24 أبريل/نيسان 2023، ودفعت عشرات الآلاف للنزوح من مناطق الاشتباكات نحو ولايات أخرى، أو في اتجاه تشاد ومصر.

إلا أن التقديرات ترجّح أن يكون العدد الفعلي للقتلى أعلى بكثير، مع عدم تمكّن الأطباء والعاملين في المجال الإنساني من الوصول إلى المحتاجين.

تحميل المزيد