أكدّ عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عزام الأحمد، أنّ السلطة الفلسطينية تتطلع لأن تعيد القمة العربية التي ستستضيفها السعودية، مبادرة السلام العربية التي طرحتها سابقاً في قمة بيروت.
وأعرب الأحمد عن تطلعه لأن تعيد السعودية الحيوية والنشاط إلى هذه المبادرة والالتزام بها نصاً وروحاً بكل بنودها سياسياً، مؤكداً أنّ زيارة الرئيس الفلسطيني الأخيرة للسعودية تدخل ضمن هذا السياق، مشيراً إلى أنّه لا علاقة إطلاقاً بين زيارة وفد حماس وزيارة محمود عباس إلى السعودية.
وأضاف الأحمد في مقابلة مع "عربي بوست": "معلوماتي الأكيدة أنّ وفد حماس لم يذهب بدعوة رسمية، وإنّما حماس هي التي طلبت زيارة السعودية والحصول على تأشيرة عمرة، وهذا ما تمّ بالفعل، فلا علاقة لزيارة الرئيس الفلسطيني من قريب ومن بعيد بزيارة وفد حماس".
وحول الانقسام الفلسطيني والخلاف مع حركة حماس، ألقى الأحمد باللائمة على حماس، قائلاً: "لا توجد رغبة لدى حماس لإنهاء الانقسام"، مؤكداً أنّ هذا الانقسام صناعة "إقليمية دولية عربية" بأدوات وبعض الأيادي الفلسطينية، في إشارة إلى حماس، على حد وصفه.
وعن ملف خلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تساءل الأحمد: "لماذا يتم طرح مثل هذه القضايا؟ برأيي هدفها إحداث الفتن في الداخل الفلسطيني والصراعات التي لا فائدة منها، وبالتالي هناك أنظمة وقوانين، فيمن يخلف الرئيس الفلسطيني، وذلك وفق النظام الأساسي لمنظمة التحرير".
وأكدّ عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية في حركة فتح أنّ الحركة لا تزال تقود الثورة الفلسطينية وتمارس كل أشكال النضال حتى تصل إلى تحقيق الأهداف والمبادئ التي أعلنتها منذ بداية انطلاق الثورة، وهو إنهاء الاحتلال البغيض وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقدس عاصمتها الأبدية.
وإلى نص المقابلة:
ماذا تحمل زيارة محمود عباس إلى السعودية رفقة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات الفلسطينية ماجد فرج؟
أولاً، تربطنا علاقات تاريخية طويلة مع المملكة العربية السعودية منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية، والسعودية من البلدان الأولى والأكثر وقوفاً إلى جانبنا، ودعمتنا بكل ما نحتاجه سياسياً ومادياً ومعنوياً، وكانت سنداً أساسياً طوال مسيرتنا، سواء في حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية من أجل استعادة حقوقنا الوطنية وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وإنهاء الاحتلال.
هذه ليست الزيارة الأولى، بل سبقتها زيارة مر عليها فترة طويلة قبل أن تتم الزيارة الأخيرة قبل أيام، وبالتالي، وفي ظل الأوضاع السياسية الراهنة، كان للزيارة الأخيرة أهمية كبيرة جداً، خاصة أنّ هناك حراكاً سياسياً إقليمياً ودولياً.
السعودية تلعب دوراً أساسياً من خلال الاستعدادات التي تجري على قدم وساق من أجل عقد القمة العربية القادمة يوم 19 مايو/آيار، والتي ستتولى رئاستها منذ تاريخ عقد القمة الحالي وحتى القمة التي تليها.
يأتي هذا في ظل حراك سياسي كبير وواسع حول القضية الفلسطينية لوضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني ووضع حد للأعمال الأحادية الجانب التي تقوم بها دولة الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وفي مقدمة ذلك اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى تحت حماية قوات الاحتلال، فحتى حرمة رمضان لم يحترموها، وكذلك استمرارهم في اجتياح المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية.
منذ بداية العالم الحالي وحتى اليوم زاد عدد الشهداء عن 100 شهيد خلال أقل من 3 شهور بسبب هذه الاقتحامات اليومية التي تتم مع مئات الجرحى ومئات المعتقلين إلى جانب استمرار أعمال "العربدة"، التي يقوم بها المستوطنون المتطرفون في ظل حكومة اليمين الأشدّ تطرفاً منذ قيام إسرائيل وحتى اليوم.
نحن نتطلع لأن تعيد القمة العربية القادمة، وخاصة السعودية التي تعدّ صاحبة مبادرة السلام العربية التي طرحتها في قمة بيروت، ونأمل إعادة الحيوية والنشاط إلى هذه المبادرة والالتزام بها نصاً وروحاً بكل بنودها سياسياً.
هذا ما أكد عليه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في اللقاءات التي جرت مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خاصة ما يتعلق منها بالتعامل مع القضية الفلسطينية ورفض سياسات التطبيع، التي نصت مبادرة السلام العربية مراراً وتكراراً على ألا اعتراف ولا تطبيع ولا علاقات مع الكيان الصهيوني قبل أن يتم إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
كيف تنظرون إلى زيارة وفد حماس للسعودية تزامناً مع وجود الرئيس الفلسطيني هناك؟
لا علاقة إطلاقاً بين زيارة وفد حماس وزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، ومعلوماتي الأكيدة أنّ وفد حماس لم يذهب بدعوة رسمية، وإنّما حماس هي التي طلبت زيارة السعودية والحصول على تأشيرة عمرة، وهذا ما تمّ بالفعل، فلا علاقة لزيارة الرئيس الفلسطيني من قريب ومن بعيد بزيارة وفد حماس.
كنت في وفد حركة فتح الذي شارك في حوارات مكة التي توصلت إلى "اتفاق مكة"، وشكلت على أثر ذلك حكومة وحدة وطنية فلسطينية لمنع انهيار الوضع الفلسطيني بسبب حالة الأزمة التي كانت قائمة في ذلك الوقت مع حماس في قطاع غزة.
وكما قال الملك السعودي المرحوم الملك عبد الله بن عبد العزيز: "لم أستطع التحمل أن أرى الدماء الفلسطينية تراق بأيد فلسطينية في شوارع غزة"، سمعته بنفسي قال ذلك، وقال لنا أيضاً: "لن أسمح لكم القيام بالعمرة إلا إذا وقعتم على الاتفاق".
وبالفعل وقعنا على الاتفاق ولم تدم حكومة الوحدة الوطنية التي كانت برئاسة إسماعيل هنية من طرف حماس، وأنا كنت حينها نائب رئيس هذه الحكومة عن حركة فتح، لكن لم تدم الحكومة أكثر من 100 يوم، وحصل العنف المسلح في غزة فازداد غضب السعودية أكثر بسبب هذه الانقسام.
لكننا نأمل بالفعل أن يأخذ الجميع عبرة من ذلك، ونعمل على إنهاء هذا الانقسام البغيض الذي لم يكن انقساماً فلسطينياً-فلسطينياً، وإنّما لعبت قوى دولية وإقليمية دوراً في هذا الانقسام. فالانقسام سببه تدخلات عربية إسرائيلية إيرانية.
هل هناك مساعٍ من قبل السلطة الفلسطينية لإعادة ملف الحوار من جديد بين الفصائل الفلسطينية، سواء على المستوى الداخلي مع حركة حماس، أو عبر أدوار أو وساطات عربية وإقليمية، وإلى أين تسير الأمور في هذا الملف؟
الاتفاق الموجود وقع عليه من قبل الطرفين، لكن يجب أن يكون هناك إرادة سياسية خاصة لدى حماس من أجل إنهاء الانقسام.
الحوار تمّ بتكليف من جامعة الدول العربية، ووقعنا اتفاقاَ بالفعل في مصر ولم يدم وطويلاً، وشكلت حكومة وفاق وطني ولم تدم سنة واحدة، بعد أن أخذنا الوعود بإنهاء الانقسام. لكن الأمور عادت إلى ما كانت عليه؛ لأنّه لا توجد رغبة لدى حماس لإنهاء الانقسام، لأنّ هذا الانقسام كما قلت هو صناعة إقليمية دولية عربية بأدوات وبعض الأيادي الفلسطينية، وأقصد هنا حماس.
هل يمكن أن تحدثنا عن آخر مساعي تشكيل حكومة وحدة وطنية بين فتح وحماس والفصائل الفلسطينية؟
بهذا الصدد كانت قد تحركت الجزائر. قارب على إعلان الحوار الذي أطلقته الجزائر سنة تقريباً، وآخر محاولة قامت بها عندما استدعت وفدين من فتح وحماس، فكان وفد من حماس برئاسة حسام بدران، مفوض العلاقات الوطنية في حماس، ووفد فتح برئاستي أنا عزام الأحمد بصفتي مفوض العلاقات الوطنية لحركة فتح.
قدم كل طرف منا – بناء على طلب الجزائر – ورقة عن آلية تنفيذ اتفاق الجزائر والمستند على الاتفاق الأصلي الذي وقع في القاهرة. وكان جوهر اقتراحنا تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم خلالها منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية المشاركة أو المؤيدة بقرارات الشرعية الدولية.
لكن حماس قدمت ورقة أخرى. وقلت ذلك أمام وفد حماس وللأشقاء الجزائريين: "ورقة حماس لا تمت بصلة إلى إعلان الجزائر أو لاتفاق المصالحة"، ورغم ذلك، الرئيس أبو مازن سبق أن وجه بخطابه في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية في 1 يناير/كانون الثاني 2023، قائلاً: "علينا أن نعزز من وحدتنا الوطنية أولاً في منظمة التحرير الفلسطينية بين فصائلها، ومن ثمّ مع من هم خارج المنظمة مثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي"، وذلك وفق تلك الورقة التي أشرت إليها.
ما هي مساعي السلطة الفلسطينية للتصدي للحملة الإسرائيلية المتصاعدة في الضفة الغربية والقدس والمسجد الأقصى؟ هل هناك مساعٍ وأدوار على الأرض أو على المستوى السياسي والدبلوماسي؟ وما هي طبيعة التنسيق بينكم وبين مصر والأردن، خاصة أنه جرى هناك اجتماعات سابقة في العقبة وشرم الشيخ؟
نحن أهم شيء بالنسبة إلينا الصمود والتصدي للاحتلال من أجل وقف عربدته، سواء جيش الاحتلال وحكومة اليمين المتطرف حكومة نتنياهو-بن غفير، أو المستوطنين وحماتهم الذين يتنكرون لكل شيء.
وفي نفس الوقت نحن لم نرفض أي وساطة تحركت دولياً وعربياً سواء ما جرى في لقاء العقبة وبعد ذلك في شرم الشيخ.
فيما يتعلق بلقاء العقبة، كان جوهر الاتفاق هو تجميد الاستيطان لمدة ستة أشهر وتجميد ووقف اجتياحات المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وإيقاف عربدة المستوطنين، وكذلك اقتحامات المسجد الأقصى.
الأعمال الأحادية الجانب التي تقوم بها إسرائيل باتت معروفة لدى الجميع، وذلك بما يتعارض مع الاتفاقات الموقعة، ولكن الجانب الإسرائيلي نقض ما وقع عليه في اتفاق العقبة في نفس يوم التوقيع عليه، وجاء شرم الشيخ ونقضوا الاتفاق أيضاً.
إسرائيل لا تلتزم لأنّها لا تريد، وقد تحاول ألا يكون هناك أي أطراف غير الطرف الفلسطيني، ونحن نرفض ذلك ولا يمكن أن نقبل، ونحن نؤمن أنّ القضية الفلسطينية قضية صراع عربي فلسطيني صهيوني إسرائيلي، والعالم كله طرف في هذا الصراع.
وبالتالي عندما حصلت لقاءات العقبة وشرم الشيخ كانت لقاءات خماسية وليست ثنائية، بل نحن نتطلع إلى صيغة المؤتمر الدولي بأكبر عدد ممكن من التجمعات الإقليمية والدولية تجاه القضية الفلسطينية.
ذكرتم في وقت سابق أن ملف خلافة عباس هو من صلاحيات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير فهي من ستختار الرئيس المقبل، والذي هو أوتوماتيكياً رئيس الدولة الفلسطينية.. هل هذا يعد قطعاً لأبواب القيل والقال في هذا الأمر؟
بالتأكيد أنا لم أسمع حتى الآن بأنّ أي دولة تبدأ بالحديث عمن هو خليفة للرئيس القائم أو من هو خليفة للملك القائم.. هناك قوانين وأنظمة، هذا ما قصدته.
بنفس الوقت لماذا يتم طرح مثل هذه القضايا؟ أنا برأيي هدفها هو إحداث الفتن في الداخل الفلسطيني والصراعات التي لا فائدة منها، وبالتالي هناك أنظمة وقوانين، من يخلف الرئيس الفلسطيني، أطال الله في عمره، النظام الأساسي لمنظمة التحرير واضح، والذي يؤكد أنه إذا حصل أي سبب ما وأدى إلى خلو في موقع رئيس منظمة التحرير، لا قدر الله، فإنّ اللجنة التنفيذية تجتمع وتنتخب بديلاً.
هذا حتى ينطبق على أي عضو لجنة تنفيذية تعرض منصبه للفراغ، فإنّ المجلس المركزي يأتي بعضو بديل. أتساءل: لماذا هذه التفاهات؛ الخليفة فلان أو الدولة الفلانية تدعم فلاناً، نحن لسنا مصلحة سائبة.
وهكذا ينطبق الأمر على حركة فتح التي لديها نظامها الأساسي أيضاً، فلو خلا منصب رئيس حركة، فتح فإنه يعقد مؤتمر استثنائي لبحث ملء الفراغ. أنا اعتقد أنه لا فائدة من طرح مثل هذه القضايا في الإعلام ولا حتى في صالونات التحشيش الفكري.
مستقبل حركة فتح إلى أين؟ وهل ترى أن الحركة قادرة على أن تعزز نفسها من جديد على المستوى الداخلي والعربي والإقليمي كلاعب مهم في ظل مزاحمة حماس أيضاً لها؟
حركة حماس عندما تأسست ومن دعموا هذا التأسيس ووفروا له كل عوامل القوة، كانوا يهدفون إلى أن تكون بديلاً عن منظمة التحرير التي تقودها حركة فتح منذ عام 1969 مع فصائل الثورة الفلسطينية إلى منظمة التحرير التي كانت تمارس الكفاح المسلح.
لكن أهداف كل من سعى لتكون حماس بديلة المنظمة قد فشلت، وهنا أقول إنّ فتح أطول ثورة في التاريخ، وقادت الثورة وفجرتها، وما زالت تقوم بدورها، وستبقى رغم التضليل الإعلامي الكبير الذي يضلل المواطنين، المدفوع بعوامل اليأس والإحباط للشعب الفلسطيني والأمة العربية.
وأقول كما كان يردد الرئيس الفلسطيني الخالد ياسر عرفات: "نحن مثل طائر الفينيق نموت ونحيا من جديد من تحت الرماد". وستبقى فتح تقود الثورة الفلسطينية، وتستمر بها وتمارس كل أشكال النضال، حتى نصل إلى تحقيق الأهداف والمبادئ التي أعلناها منذ بداية انطلاق الثورة، وهي إنهاء الاحتلال البغيض، وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة، والقدس عاصمتها الأبدية.