كشف تسجيل مسرب عن تورط مسؤول أمريكي في التستر على شركة هَيكفيجن الصينية، التي شاركت في انتهاك حقوق الإيغور، حيث كانت تعرف معلومات أكثر مما كشفت عن الأنشطة التي تستخدم فيها كاميراتها المنتشرة في إقليم شينجيانغ الصيني، بحسب موقع The Intercept الأمريكي، الجمعة 21 أبريل/نيسان 2023.
الموقع الأمريكي أشار إلى أن الكاميرات التي تنتجها شركة "هَيكفيجن" Hikvision الصينية للتكنولوجيا الرقمية تعد جزءاً كبيراً من النظام الذي أنشأته السلطات الصينية في إقليم شينجيانغ، حيث شبكات مراقبة مكثفة للتجسس على سكان الإقليم من الإيغور واضطهادهم، بل وانتشار الكاميرات في الشوارع، وعلى أبواب المنازل والمساجد، لترسيخ نظام القمع الذي أشرف على اعتقال آلاف الأشخاص في السنوات الماضية.
ومع ذلك، فإن الشركة الموصوفة بأنها أكبر شركة مصنعة لكاميرات المراقبة الأمنية في العالم، لطالما أنكرت تورطها في انتهاكات الحكومة الصينية لحقوق الإيغور والأقليات المسلمة الأخرى.
وفي مواجهة العقوبات الأمريكية المتزايدة، أنشأت شركة هيكفيجن في عام 2019 لجنة معنية بفحص مدى مراعاة الشركة لحقوق الإنسان، ومراجعة مشاركتها في أكبر خمسة مشروعات للشرطة الصينية في شينجيانغ.
خدمات بيير ريتشارد بروسبير
ولهذه الغاية استعانت الشركة الصينية بخدمات بيير ريتشارد بروسبير، سفير المهام الخاصة السابق (سفير متجوِّل) للتحقيق في جرائم الحرب بوزارة الخارجية الأمريكية، تحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، والمدعي العام لجرائم الحرب في الأمم المتحدة في أواخر التسعينيات.
بقيت النسخة الكاملة من المراجعة الداخلية لنشاط الشركة سرية، لكن هَيكفيجن أصدرت بياناً قالت فيه إن الشركة لم تتورط عن علم في أي انتهاكات لحقوق الإنسان.
ومع ذلك، فقد كشف تسجيل سُرب مؤخراً أن شركة هَيكفيجن كانت تعرف معلومات أكثر مما كشفت عن الأنشطة التي تستخدم فيها كاميراتها، وأن مشروعاتها مرتبطة بشركات فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات مباشرة لتورطها في انتهاكات حقوق الإنسان.
تطهير صورة الشركة
ينطوي التسجيل المسرب على إحراج للشركة الصينية وللمتورطين في التستر عليها، فقد استُخدم مسؤول أمريكي سابق له تاريخ بارز في العمل بمجال حقوق الإنسان، لتطهير صورة شركة تبيَّن أنها متورطة في انتهاكات قاسية لحقوق الإنسان، إلى حدٍّ استدعى فرض عقوبات أمريكية عليها.
علاوة على ذلك، فإن ملاحظات بروسبير في التسجيل المسرب تجعله أول مسؤول يعترف علناً بتورط شركة هَيكفيجن في هذه الانتهاكات.
عقدت هَيكفيجن، في مارس/آذار الماضي، مؤتمراً حول البيئة والمجتمع والحوكمة، في مدينة سيدني الأسترالية. وترأس بروسبير، الذي يعمل الآن محامياً بشركة ArentFox Schiff للضغط القانوني والعلاقات العامة، جلسةً حملت عنوان "مقدمة في الامتثال لحقوق الإنسان".
عقود الشركة
من جهة أخرى، قال بروسبير في التسجيل المسرب الذي حصلت عليه شركة IPVM، المعنية بالبحث في أنشطة شركات الأمن والمراقبة، واطلع موقع The Intercept الأمريكي عليه: "رأينا في عقود الشركة بعض العبارات المتعلقة بلغة الإيغور، والمساجد، وأشياء أخرى من هذا القبيل، وبدا لنا أن العقود كانت تتحدث عن [مراقبة] مجموعات من البشر، وليست مقتصرة على رصد منظمات إجرامية، على سبيل المثال"، أي أن صيغة العقود "كانت فضفاضة جداً"، فيما يتعلق بالنشاط الخاضع للمراقبة.
الحكومة الصينية هي صاحبة الحصة الحاكمة في أسهم شركة هَيكفيجن، إذ تزيد نسبة الأسهم التي تملكها في الشركة على 40%، ومع ذلك فإن الشركة لا تزال تزعم أنها شركة "مستقلة".
وكانت وزارة التجارة الأمريكية أدرجت، في مارس/آذار الماضي، خمس شركات تابعة لشركة هَيكفيجن- وتعمل في شينجيانغ- في قائمتها السوداء التجارية، ويأتي ذلك بعد إدراج هَيكفيجن ذاتها في قائمة الكيانات المعاقبة في عام 2019.
ومن الجدير بالذكر أن موقع The Intercept كشف في تقرير سابق أن الجيش الأمريكي كان قد انتهك العقوبات المفروضة على شركة هَيكفيجن بشراء كاميرات منها.
في المقابل، رفعت الشركة في فبراير/شباط دعوى قضائية على الحكومة الأمريكية ولجنة الاتصالات الفيدرالية، بشأن حظر يقيِّد بيع منتجات هَيكفيجن في الولايات المتحدة.
في غضون ذلك، قال بروسبير في خطابه بسيدني، إن شركة هَيكفيجن تقدمت إلى مناقصات للحصول على عقود عمل بما يقرب من 15 مشروعاً في إقليم شينجيانغ، وحصلت على 5 مشروعات منها.
وأوضح بروسبير: "في النهاية، حصلت هَيكفيجن على هذه العقود وبدأت العمل في المشروع"، وأشرفت مع الحكومة الصينية وإدارة شينجيانغ المركزية على بناء نظام المراقبة عبر المدن.
مراقبة الإيغور
إلى ذلك، قال بروسبير إن المراجعة التي أشرف عليها لأعمال الشركة تضمنت إطلاعه وفريقه على ما يقرب من 15 ألف صفحة من الوثائق. وأوضح أن العقود كانت صريحة بشأن استخدام كاميرات الشركة في مراقبة الإيغور بمناطق مختلفة، منها- على سبيل المثال- مقاطعة مويو، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من نصف مليون نسمة، وتقع في جنوب غرب شينجيانغ.
وفي سياق الحديث عن نشاط الشركة في مقاطعة مويو، قال بروسبير: "أكثر ما يثير القلق على الورق هو مشروع مويو"، "فقد اشتد قلقي بسبب اللغة المستخدمة في العقد، إذ تحدث العقد عما وصفه بالإرهاب، وحدد الإيغور هدفاً للمراقبة، وصرحت العقود بأنهم يريدون مراقبة المرافق المختلفة، ومنها المنشآت الدينية".
علاوة على ذلك، تغافل بروسبير عن الإشارة إلى أن مشروع مويو تضمن كاميرات بانورامية، استخدمت في مراكز "إعادة التثقيف"، وهي معسكرات الاعتقال، التي أدانتها منظمة العفو الدولية ووصفتها بأنها "أماكن لغسيل المخ والتعذيب والعقاب"، بالإضافة إلى تركيب كاميرا عند كل مدخل من مداخل مساجد مويو، البالغ عددها نحو ألف مسجد.
وفي تناقض مع ما كشفه بروسبير نفسه في المؤتمر، فإنه حاول التقليل من دور هَيكفيجن وصرفَ لومه إلى "القضايا الأمنية" والاختلافات الثقافية، على الرغم من وجود مجموعات كبيرة من الأدلة التي توضح الصبغة الجماعية لأنشطة الإبادة التي تمارسها الحكومة الصينية ضد سكان الإيغور.