أوردت وكالة Bloomberg الأمريكية، نقلاً عن مصادرها، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتعاون مع الصين في خطط سرية لجلب روسيا وأوكرانيا إلى طاولة المفاوضات "بحلول هذا الصيف".
صحيفة The Telegraph البريطانية قالت إن توبياس إلوود، رئيس لجنة شؤون الدفاع في مجلس العموم البريطاني، وصف هذه الخطط بأنها "خطيرة"، فيما استنكر السير إيان دنكان سميث، الزعيم السابق لحزب المحافظين البريطاني، تحركات الرئيس الفرنسي السرية ووصفه بأنه "ثعبان في العشب".
وقد كلف ماكرون مستشارَه للسياسة الخارجية، إيمانويل بون، بالعمل مع وانغ يي، وزير الخارجية الصيني، على وضع إطار يمكن استخدامه أساساً لمفاوضات تجري في المستقبل بين روسيا وأوكرانيا، حسبما أوردت تقارير إخبارية يوم الثلاثاء 18 أبريل/نيسان.
فيما قالت مصادر مجهولة لوكالة Bloomberg إن الفرنسيين يرون أن المحادثات بين روسيا وأوكرانيا ربما تحدث بحلول هذا الصيف. وزعمت تلك المصادر أن أي مفاوضات تُعقد في المستقبل بين الطرفين تتوقف على عدة شروط، أبرزها نجاح هجوم الربيع الأوكراني، الذي يُفترض أنه سيضع كييف في موقع قوة خلال المحادثات.
ونقلت وكالة Bloomberg عن مسؤول من مكتب ماكرون، تأكيدَه وجود خطة لدى مستشار السياسة الخارجية للرئيس الفرنسي للتحدث مع وزير الخارجية الصيني، غير أنه رفض التطرق إلى التفاصيل، وأشار إلى أن حلفاء فرنسا يُبلَّغون بأي مبادرة فرنسية في هذا الشأن.
ومع ذلك، لا يُعرف بعدُ ما إذا كان ماكرون يحظى بدعم كييف للمضي قدماً في خطته. لكن الرئاسة الفرنسية قالت السبت 15 أبريل/نيسان، إنه "ناقش خطوات تنظيم قمة للسلام" مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وأكد زيلينسكي أنهما ناقشا "نتائج زيارة الرئيس الفرنسي للصين" في مكالمة هاتفية.
وفي غضون ذلك، لم تؤكد مصادر فرنسية لصحيفة The Telegraph البريطانية ما أورده التقرير من تفاصيل، لكنها قالت: "إن ماكرون قال علناً خلال رحلته إنه يريد حمل الصين على الاضطلاع بدور بنَّاء. وقد جرت مناقشات دبلوماسية بطبيعة الحال، وهي في سياق المتابعة".
في المقابل، قال الكرملين يوم الثلاثاء 18 أبريل/نيسان إنه لم يطلع على أي خطط لاتفاق سلام قدَّمتها فرنسا.
ماكرون يتحرك لمصلحة الصين!
من جهة أخرى، لم تُظهر بكين حتى الآن أي بادرة للضغط على موسكو من أجل إنهاء غزوها لأوكرانيا. وقد فشل ماكرون خلال زيارته للصين في إقناع الرئيس الصيني شي جين بينغ بالتحدث إلى زيلينسكي، وأغضب حلفاءه في الغرب بالقول إن أوروبا عليها ألا تكون "تابعةً" لأجندة الولايات المتحدة بشأن تايوان.
وفي سياق التعليق على خطط ماكرون المزعومة، قال رئيس لجنة شؤون الدفاع بمجلس العموم البريطاني لصحيفة Telegraph: "ربما يظن [ماكرون] أنه يسعى وراء قضية نبيلة؛ لكنه في الواقع يُستدرج للتحرك ضمن قواعد اللعبة الصينية، متجاوزاً الممارسات الدولية الشائعة والآلية المعترف بها لحل النزاعات الدولية".
وزعم السير إيان، الزعيم السابق لحزب المحافظين البريطاني، أن الأوكرانيين لا يثقون بالرئيس الفرنسي، وقال: "عندما كنت في أوكرانيا وجدت أنهم لا يثقون بالصينيين ولا يثقون بماكرون، فهو من أوقعهم في هذا المأزق منذ البداية بالاتفاق الكارثي الذي توصل إليه [مع روسيا] بالتعاون مع المستشارة الألمانية [السابقة] أنجيلا ميركل إلى في 2014".
وأضاف السير إيان: "وبالتأكيد لا يثق الأوكرانيون به بعد أن ذهب إلى الصين. وهم يقولون: (ماكرون ليس لديه سوى هدف واحد، وهو تعزيز صورة ماكرون نفسه، ولا يهتم بمن يبيعه لتحقيق ذلك)".
من جانب آخر، قالت ريم ممتاز، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن "لقد تناقصت الثقة بماكرون بين شركائه وحلفائه الأوروبيين بسبب تصريحاته السابقة التي قال فيها إن الناتو يعاني (أعراض الموت الدماغي)"، وزاد على ذلك تعميق حواره مع روسيا في 2019، وحثِّه على عدم "إذلال روسيا" والتعاون معها في بناء "هيكل أمني" مشترك حتى بعد غزوها أوكرانيا. ومن ثم فإن "أي محاولة للعمل مع الصين بشأن أوكرانيا، دون تنسيق كامل مع شركائه الأوروبيين والولايات المتحدة ستزيد من عزلة فرنسا".