أفادت تقارير بإطلاق النار بكثافة من جديد، الخميس 20 أبريل/نيسان 2023، في وسط العاصمة السودانية الخرطوم ومناطق أخرى، في ظل محاولات دولية لانتزاع وقف لإطلاق النار بين طرفي القتال، مع محاولة الكثيرين الفرار من المدينة مع اقتراب عيد الفطر.
وقال الجانبان في وقت سابق إنهما سيلتزمان بوقف لإطلاق النار لمدة 24 ساعة، حيث كان من المقرر أن يبدأ في السادسة من مساء أمس الأربعاء بالتوقيت المحلي (1600 بتوقيت غرينتش)، لكن سرعان ما انتُهك وقف إطلاق النار بتجدد القتال.
السكان يهرعون إلى الشوارع
وفي المدينة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من خمسة ملايين نسمة، تهرع العائلات إلى الطرق للفرار من الغارات الجوية والرشقات النارية والمعارك في الشوارع، التي أودت بحياة أكثر من 270 مدنياً منذ السبت، وتتركز في الخرطوم ودارفور في الغرب.
على بعد عشرات الكيلومترات من العاصمة تستمر الحياة بشكل طبيعي، وتفتح المنازل لاستقبال النازحين الذين يصلون في حالة صدمة، بسياراتهم أو مشياً لساعات على الأقدام، مع ارتفاع سعر البنزين إلى عشرة دولارات للتر الواحد، في أحد أفقر بلدان العالم، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
وللوصول إلى مكان آمن خضع هؤلاء لأسئلة وتفتيش رجال متمركزين على نقاط مراقبة لقوات الدعم السريع، التابعة للفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، والجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، القائد الفعلي للسودان منذ الانقلاب الذي قاده الرجلان في 2021.
وقال ساكن في الخرطوم، يُدعى عبد الملك "لا يوجد غذاء والمتاجر الكبيرة خاوية، والوضع ليس آمناً، لذلك يرحل الناس بصراحة".
كما كان على النازحين خصوصاً التقدم في مسيرهم، وسط جثث على أطراف الطريق ومدرعات وآليات صغيرة متفحمة، بعد احتراقها في المعارك بالأسلحة الثقيلة، وتجنب أخطر المناطق التي يمكن رصدها من بعيد من أعمدة الدخان الأسود الكثيفة.
الدعم السريع يتحدثون عن خرق الجيش للهدنة
من جانبها أصدرت قوات الدعم السريع بياناً عن خرق الهدنة، وقالت إنها تعرضت للهجوم في أم درمان، وكبّدت الجيش خسائر رداً على ذلك، بما في ذلك إسقاط طائرتي هليكوبتر.
ولم يتسن التحقق من مزاعم قوات الدعم السريع على نحو مستقل، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز.
وتركّز بعض من أعنف القتال حول المجمع الذي يضم مقر القيادة العامة للجيش، ومقر إقامة رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان.
ويتحكم الجيش في مداخل الخرطوم، ويحاول فيما يبدو قطع طرق الإمدادات لمقاتلي قوات الدعم السريع، حسبما قال سكان وشهود.
في الوقت ذاته تضغط قوى دولية مراراً في سبيل وقف إطلاق النار، لكن دون جدوى تذكر، وتُكابد لإجلاء رعاياها بعد أن وصل العنف إلى المطار وعدة مناطق تضم سفارات.
صراع على السلطة
يستعر القتال منذ صباح يوم السبت، وتسبب في قطع إمدادات الكهرباء والمياه عن العديد من الأماكن في الأيام الأخيرة من شهر رمضان.
ويدور الصراع على السلطة في السودان بين البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، ويأتي بعد خطة مدعومة دولياً لتشكيل حكومة مدنية جديدة، ودمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي.
وأفسد الصراع آمال إحراز تقدم باتجاه الديمقراطية في السودان، ويُنذر بجر جيران السودان إليه، وقد تتدخل فيه قوى إقليمية.
ويرأس البرهان مجلس السيادة الذي تشكّل بعد الإطاحة بعمر البشير في 2019، وأُعيد تشكيله بعد انقلاب عسكري عام 2021. ويقول محللون إن قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس مجلس السيادة، ربما تصل إلى أكثر من مئة ألف مقاتل.
ولقي ما لا يقل عن 270 شخصاً حتفهم وأصيب 2600، وفقاً لتقديرات وزارة الصحة السودانية. وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء السودانية، إن تسعة مستشفيات تضررت بنيران المدفعية، وجرى إخلاء 16 مستشفى، كما لا توجد مستشفيات تعمل بشكل كامل في العاصمة.
يقول بعض السكان إن أسعار البنزين ارتفعت، ورفع بعض الباعة أسعار الأطعمة الطازجة كثيراً.
فيما يتقاتل الفصيلان العسكريان في أنحاء أخرى من السودان أيضاً، بما في ذلك منطقة دارفور، التي تقع غربي البلاد، وشهدت صراعاً وحشياً احتدم بعد عام 2003، وأدى إلى تشريد ما يربو على مليوني شخص.
وقال ستيفان دوغاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، للصحفيين إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سيبحث الموقف، اليوم الخميس، مع رئيس الاتحاد الإفريقي والأمين العام للجامعة العربية ومنظمات أخرى معنية.
وأضاف "الناس في السودان يواجهون نفاد الغذاء والوقود والإمدادات الأخرى الحيوية. والكثيرون بحاجة ماسة إلى الرعاية الطبية".
وكان حوالي ربع سكان السودان يعانون بالفعل من الجوع الشديد، حتى قبل اندلاع الصراع. وأوقف برنامج الأغذية العالمي واحدة من كبرى عمليات المساعدات العالمية التي يقدمها في السودان، يوم السبت، بعد مقتل ثلاثة من موظفيه.