بينما يتواصل القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يتابع النشطاء السودانيون بقلقٍ مصير بلادهم الذي بات مجهولا، ويقول المتظاهر الذي صار يُعرَف بلقب "سبايدرمان السودان" أنَّ الشعب السوداني سيواصل مقاومة القوات العسكرية التي اغتصبت الانتقال إلى الحكم الديمقراطي.
قال المدرس الشاب، الذي اشتهر باسم "سبيدي" بسبب الزي الذي ارتداه في الاحتجاجات ضد الانقلاب العسكري في عام 2021، لصحيفة The Guardian البريطانية الاربعاء 19 أبريل/نيسان 2023، إنَّ أحد أصدقائه لقي مصرعه في قتال عنيف بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، التي اندلعت يوم السبت 15 أبريل/نيسان.
الصراع حتمي بين الجيش السوداني والدعم السريع
تخوف نشطاء سودانيون من أنَّ الصراع على السلطة حتميٌ بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي قادت انقلاباً على الحكومة الانتقالية التي أقيمت بعد إطاحة عمر البشير من الرئاسة في 2019.
قبل خمسة أيام، امتد الاشتباك بين القوات التي يقودها الجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس السيادي الانتقالي في السودان، وقائد قوات الدعم السريع، الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، إلى شوارع العاصمة.
بينما أفاد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأربعاء 19 أبريل/نيسان، بأنَّ 270 شخصاً على الأقل قُتِلوا وأُصِيب أكثر من 2600 آخرين منذ بدء القتال، دون أن يعطي تفاصيل عن عدد المدنيين والمقاتلين الضحايا. وقالت منظمة الصحة العالمية إنَّ الإمدادات الحيوية تنفد في المستشفيات.
كما قال سبيدي، الذي واجه الرصاص والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه وهو يرتدي قناعاً وزيه المألوف الآن: "لا نريد حميدتي ولا البرهان. كلاهما مجرمان. لقد قتلا الناس وقتلا إخواننا". وأضاف: "الثورة ستستمر، وسنوقفهم. نحن ندين الجيش وقوات الدعم السريع والمرتزقة. ستستمر الثورة حتى نحصل على الديمقراطية".
بدورها، أعربت داليا محمد عبد المنعم، وهي صحفية سابقة تعيش في الخرطوم، عن قلقها بشأن تصاعد التوترات، لكن لم يكن بإمكانها توقع حدة العنف.
كما قالت: "لم أكن أعتقد أننا سنصل إلى هذه النقطة. أعلم أنه كانت هناك مشكلات جوهرية، لكن منذ الانقلاب، أدركت أنها معركة خاسرة وكل تأخير شجع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع".
أضافت: "إطلاق نار وطلقات مدفعية وانفجارات من قذائف آر بي جي [قذائف صاروخية] أو ما لا أعرفه بالضبط، دون توقف. وهذا هو الوضع منذ يوم السبت".
المدنيون "وقودا للمدافع"
فيما يحيط الكثير من الجدل بقوات الدعم السريع التي يقودها حميدتي؛ فقد نشأت من ميليشيات الجنجويد المتهمة بالإبادة الجماعية في دارفور، وكانت مسؤولة عن مذبحة بحق أكثر من 100 متظاهر خلال الاحتجاجات للإطاحة بالبشير في عام 2019.
ازداد نفوذ حميدتي منذ إطاحة البشير، عندما صار هو والبرهان أبرز القادة العسكريين في حكومة وعدت بالانتقال إلى الحكم المدني، حتى نفذا الانقلاب العسكري.
إذ قال ناشط آخر، البشير إدريس، إنَّ المدنيين صاروا "وقوداً لمدافع" الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وأصر على أنَّ أية مفاوضات سلام مستقبلية يجب أن تشمل قادة المجتمع المدني بالإضافة إلى الوسطاء الدوليين.
أضاف إدريس: "الإشارات كانت هناك – وقد حذرنا المنظمات الدولية، وحذرنا مما يمكن أن يحدث. كنت هناك في الاحتجاجات [بعد الانقلاب] ورأيت كيف استخدمت قوات الدعم السريع وقوات الشرطة والقوات شبه العسكرية القوة المميتة المفرطة والخطيرة".
بينما حذر إدريس من أنه حتى لو خفت حدة العنف، فإنَّ كل من قوات الدعم السريع والفصيل الإسلامي مندمجيّن في الحكومة لدرجة أنهما يشكلان تهديداً للاستقرار في المستقبل.
كما تابع إدريس: "نحن نتعامل مع ما يشبه السرطان، حيث تتعامل الخرطوم ومدن أخرى مع أفراد قوات الدعم السريع بملابس مدنية فقط. لقد رأينا الضرر الذي تسببوا فيه في دارفور والإبادة الجماعية هناك. البرهان وحميدتي كلاهما متورطان في ارتكاب الإبادة الجماعية".