أظهرت وثائق أمريكية مسربة أن مصر تراجعت عن تزويد روسيا بالصواريخ بعد محادثات مع مسؤولين أمريكيين بارزين، ووافقت عوضاً عن ذلك على تصنيع قذائف مدفعية لأوكرانيا التي تواجه القوات الروسية لأكثر من عام، وفقاً لما ذكرته صحيفة washingtonpost، الإثنين 17 أبريل/ نيسان 2023.
كانت الصحيفة الأمريكية قد نشرت، الأسبوع الماضي، فحوى وثيقة أمريكية مُسربة، ذكرت فيها أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أحد أقرب الحلفاء لواشنطن بالشرق الأوسط، أمر مرؤوسيه مؤخراً بإنتاج 40 ألف من الصواريخ ليتم شحنها سراً إلى روسيا، وطالب المسؤولين بالحفاظ على سرية الصفقة "تحاشياً للمشكلات مع الغرب".
لكن الوثائق الجديدة التي أوردتها الصحيفة الأمريكية، أمس الإثنين، تُشير إلى أن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تخلى عن الفكرة في أوائل مارس/آذار 2023.
أوضحت الصحيفة أن تقييماً استخباراتياً بتاريخ 9 مارس/آذار 2023، أي في اليوم التالي لزيارة وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن للقاهرة، أشار إلى موافقة مصر على بيع قذائف مدفعية من عيار 155 ملم للولايات المتحدة.
أضافت الصحيفة أن "القاهرة قررت بيع قذائف المدفعية التي كانت الولايات المتحدة تواجه نقصاً فيها، لواشنطن، والتي سترسلها بعد ذلك إلى أوكرانيا".
من جانبها، قالت صحيفة The Wall Street Journal إن أوستن طلب من القادة المصريين تزويد أوكرانيا بقذائف مدفعية خلال محادثاتهم في القاهرة، لكنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق واضح، لكن وثيقة استخباراتية مؤرخة في 9 مارس/آذار، تشير إلى أن مصر وافقت.
تُشير الوثيقة المسربة إلى أن مصر تخطط لاستغلال طلب الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا بالذخيرة، لإبرام صفقة مساعدات عسكرية طويلة الأجل والحصول على معدات أمريكية محددة، مثل طائرات F-35 الشبحية، وأنظمة الدفاع الجوي باتريوت.
أضافت الوثيقة أن مصر ستحتاج إلى مساعدة أمريكية لإنشاء خط إنتاج للقذائف وإلى اتفاقية ترخيص ومواد خام.
سلطت الوثيقة الضوء أيضاً على أن المنافسة بين القوى العظمى سمحت لمصر بمحاولة اكتساب مزايا جديدة في الوقت الذي تتراجع فيه حيوية علاقتها مع الولايات المتحدة.
تُعد مصر أكبر مستفيد من المساعدات العسكرية الأمريكية على مستوى العالم بعد إسرائيل، إذ تتلقى ما يزيد على مليار دولار من المساعدات الأمنية سنوياً منذ عقود.
ولا توضح الوثائق ما إذا كانت القاهرة أعادت فيما بعد إحياء خطة تزويد موسكو بالصواريخ، أو إن كانت القاهرة زودت الولايات المتحدة بالذخيرة المطلوبة لأوكرانيا.
صحيفة The Telegraph البريطانية نقلت، الثلاثاء 18 أبريل/ نيسان 2023، عن أحد السفراء الغربيين في القاهرة، قوله إن التسريبات تشير إلى أن مصر "استهانت برد الولايات المتحدة على أي إمدادات أسلحة محتملة لروسيا"، وأرادت "تحقيق أكبر استفادة ممكنة من كلا الجانبين".
يقول مايكل حنا، مدير برنامج الولايات المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، إن "مجرد وجود منافسة يتيح فرصاً لتحقيق مكاسب سهلة مع الولايات المتحدة، ولك أن تتخيل أن هذا سيكون على حساب أجندة الديمقراطية وحقوق الإنسان".
كانت هذه الوثائق، ضمن ملفات استخباراتية أمريكية سرية، تم تسريبها على تطبيق Discord الذي يشيع استخدامه بين هواة الألعاب، وسبق أن قالت مصر إن مزاعم تخطيطها بيع صواريخ لموسكو "لا أساس لها من الصحة".
هذه الوثائق شديدة السرية، التي تستند جزئياً إلى استخبارات الإشارات، أو التنصت، تُفصِّل شهراً من التقارير الاستخباراتية من أوائل فبراير/شباط إلى أوائل مارس/آذار في عام 2023، وكانت موجهة لكبار مسؤولي البنتاغون.
الأولى، بتاريخ 17 فبراير/شباط، وتشير إلى أن مصر اتخذت خطوات في أواخر يناير/كانون الثاني وأوائل فبراير/شباط لتزويد روسيا بالصواريخ سراً، مثل تحديد سعرها والتخطيط للحصول على النحاس اللازم لصنع الصواريخ، بحسب ما أوردته الصحيفة البريطانية.
وفي محادثة بتاريخ 31 يناير/كانون الثاني، أخبر وزير الدولة للإنتاج الحربي محمد صلاح الدين، السيسي، بأنه أبلغ المندوبين الروس بأن السعر المتفق عليه البالغ 1100 دولار للوحدة قد يرتفع إلى 1500 دولار بسبب الزيادة المحتملة في أسعار النحاس.
تورد الوثيقة أن السيسي قال إن الروس مستعدون "لشراء أي شيء"، وأخبر الرئيس المصري صلاح الدين أيضاً، أن يطلب من روسيا "أدوات متخصصة" لتحسين دقة الصواريخ أو جودة المصانع المصرية التي تصنعها.
تشير وثيقة ثانية غير مؤرخة، تعود على الأغلب إلى منتصف فبراير/شباط، إلى أن مصر بدأت في إنشاء خط إنتاج صواريخ للجيش الروسي، وكان المندوبون الروس قد طلبوا شراء 15 ألف صاروخ بسعر 1100 دولار للواحد، حسبما جاء في الوثيقة، لكن السيسي أمر مرؤوسيه بشراء المواد اللازمة لإنتاج حوالي 40 ألف صاروخ.
إلا أنه يبدو أن الرئيس المصري قد أوقف خطة الصواريخ بعد زيارات من مسؤولين أمريكيين سافروا إلى القاهرة في أواخر فبراير/شباط، ووزير الدفاع لويد أوستن، الذي زارها في أوائل مارس/آذار، وفقاً لما أوردته The Telegraph.
يُشار إلى أن تسريب الوثائق الأمريكية الحساسة من وزارة الدفاع "البنتاغون" أثار ارتباكاً في الإدارة الأمريكية، واعتقلت السلطات الأمريكية العضو في الحرس الوطني التابع للقوات الجوية الأمريكية، جاك دوجلاس، المتهم بالضلوع في تسريب الوثائق.