أصبحت الحكومة الروسية أكثر نجاحاً في التلاعب بحسابات مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث بدرجة أكبر بكثير مما كان معروفاً في السابق، واستخدمت آلاف الحسابات الإلكترونية المزيفة لتعزيز أكاذيب حول الجيش الأوكراني والآثار الجانبية للقاحات، وفق ما جاء في وثائق البنتاغون المسربة مؤخراً.
حسب تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية نُشر، الأحد 16 أبريل/نيسان 2023، تقول إحدى الوثائق إن الروس المسؤولين عن إدارة هذه الحسابات يتباهون بأن الشبكات الاجتماعية لا تكتشف هذه الحسابات الزائفة إلا بنسبة 1% فقط.
هذا التحليل غير المؤرخ، الوارد في وثائق البنتاغون المسربة، لكفاءة روسيا في تعزيز الحملات الدعائية على تويتر ويوتيوب وتيك توك وتليغرام ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى يستشهد بأنشطة وقعت أواخر عام 2022، ويبدو أنه قُدِّم إلى قادة الجيش الأمريكي في الأشهر الأخيرة.
يأتي هذا الكشف عن قدرات التضليل الروسية المتطورة في الوقت الذي اتهم فيه مالك موقع تويتر إيلون ماسك وبعض الجمهوريين في الكونغرس، الحكومة الفيدرالية، بالتواطؤ مع شركات التكنولوجيا لقمع الآراء اليمينية والمستقلة بتصوير الكثير من الحسابات على أنها محاولات روسية للتأثير الأجنبي.
تقييم صريح ونادر من المخابرات الأمريكية
امتنعت وزارة الدفاع عن التعليق، فيما لم ترد شركات تيك توك وتويتر وتليغرام، وكلها مذكورة في الوثيقة على أنها أهداف لعمليات التلاعب الروسية، على طلب للتعليق.
قالت شركة جوجل المالكة لموقع يوتيوب في بيان: "لدينا تاريخ قوي في الكشف عن الشبكات الروبوتية واتخاذ إجراءات ضدها. ونحن نراقب ونحدّث إجراءاتنا الوقائية باستمرار".
هذه الوثيقة تقدم تقييماً صريحاً ونادراً من المخابرات الأمريكية لعمليات التضليل الروسية. وتشير الوثيقة إلى أن مُعدّيها هيئة الأركان المشتركة والقيادة الإلكترونية الأمريكية والقيادة الأوروبية، المنظمة المسؤولة عن إدارة الأنشطة العسكرية الأمريكية في أوروبا.
كما تركّز الوثيقة على "مركز حوسبة البحث العلمي الرئيسي" في روسيا، والذي يشار إليه أيضاً باسم GlavNIVTs. والمركز يتبع مباشرة الإدارة الرئاسية الروسية. وقالت إن الشبكة الروسية التي تدير حملته التضليلية تعرف باسم فابريكا Fabrika.
كان المركز يعمل في أواخر عام 2022 على تحسين شبكة فابريكا، وفقاً لما يقوله التحليل، الذي خلص إلى أن "هذه الجهود ستعزز على الأرجح قدرة موسكو على السيطرة على بيئتها المعلوماتية المحلية والخطابات المؤيدة لروسيا في الخارج".
بينما قال التحليل إن فابريكا نجحت رغم العقوبات الغربية على روسيا والصعوبات التي تسببها الرقابة الروسية على منصات التواصل الاجتماعي داخل البلاد.
جاء في ملخص التحليل: "برامج الروبوت تشاهد المحتوى وتضع "إعجاباً" له وتشترك فيه وتعيد نشره وتتلاعب بعدد المشاهدات لتعزيز ظهوره في نتائج البحث وقوائم التوصيات". وتضيف أنه في حالات أخرى، ترسل فابريكا المحتوى مباشرة إلى المستخدمين العاديين بعد جمع معلومات عنهم مثل عناوين البريد الإلكتروني وأرقام الهواتف من قواعد بيانات.
تفاصيل أخرى في وثائق البنتاغون المسربة
تقول الوثيقة الاستخباراتية إن من ضمن أهداف حملات التأثير الروسية إضعاف معنويات الأوكرانيين، واستغلال الانقسامات بين الحلفاء الغربيين.
فبعد محاولات روسيا عام 2016 للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، شددت شركات التواصل الاجتماعي إجراءات التحقق من المستخدمين، التي كانت أرقام الهواتف إحداها.
حيث قال موظفون إن روسيا تعاملت مع ذلك، في حالة واحدة على الأقل، بشراء شرائح هواتف بكميات كبيرة، وقد نجحت هذه الطريقة إلى أن رصدت الشركات هذا النمط. وتقول الوثيقة إن الروس اتجهوا الآن إلى شركات واجهة يمكنها الحصول على أرقام هواتف أقل قابلية للاكتشاف.
لخصت وثيقة منفصلة سرية للغاية من نفس مجموعة وثائق Discord ست حملات تأثير محددة كانت قيد التنفيذ، أو كان يُخطط لتنفيذها أواخر هذا العام من جانب هيئة روسية جديدة، مركز العمليات الخاصة في الفضاء الإلكتروني. وقالت الوثيقة إن المجموعة الجديدة تستهدف بشكل أساسي حلفاء أوكرانيا في المنطقة.
كان من ضمن هذه الحملات حملة هدفها نشر فكرة أن المسؤولين الأمريكيين يخفون الآثار الجانبية للقاح، لتأجيج الانقسامات في الغرب. وزعمت حملة أخرى أن كتيبة آزوف الأوكرانية كانت تُعاقب في إقليم دونباس شرق البلاد.
بينما تروج حملات أخرى، تستهدف دولاً معينة في المنطقة، لفكرة أن لاتفيا وليتوانيا وبولندا تريد إعادة اللاجئين الأوكرانيين للقتال؛ وأن جهاز الأمن الأوكراني يجند موظفي الأمم المتحدة للتجسس؛ وأن أوكرانيا تنفذ عمليات تأثير على أوروبا بمساعدة الناتو.
فيما تهدف حملة أخرى إلى الكشف عن هويات محاربي المعلومات الأوكرانيين، أي الأشخاص الذين يقفون على الجانب الآخر من حرب دعائية عميقة.