كشفت وثائق البنتاغون السرية، التي يقول محققون إن مسربها عضو صغير في الحرس الوطني الجوي لولاية ماساتشوستس، عن مدى اعتماد الاستخبارات الأمريكية على الاتصالات التي تعترضها سراً لمراقبة خصومها وحلفائها على السواء.
صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، نشرت السبت 15 أبريل/نيسان 2023، تقريراً سلط الضوء على بعض الوثائق التي تتعقب التحركات العسكرية لحكومات أجنبية، وجهوداً دبلوماسية، وصفقات أسلحة سرية، فضلاً عن مناقشات في العواصم الصديقة وغير ذلك.
التقرير أشار إلى أنه من المقرر أن تنتهي صلاحية برنامج التنصت القوي الذي يسمح ببعض هذه العمليات الاستخبارية نهاية العام.
وكان المسؤولون في إدارة بايدن يناقشون إمكانية رفع السرية عن هذه المعلومات الاستخباراتية رسمياً، لإثبات الحماية التي يوفرها هذا البرنامج للولايات المتحدة، وإقناع الكونغرس بتجديده، لكن يبدو أن التسريب الأخير عجّل بظهور المشكلة.
الأردن يخطط لاسترضاء بكين
ووفقاً للصحيفة، فإن إحدى الوثائق تصف كيف كانت وزارة الخارجية الأردنية تخطط لاسترضاء بكين، بعد استبعاد الشركات الصينية من طرح شبكة الجيل الخامس في الدولة الشرق أوسطية.
بينما تشير وثيقة أخرى إلى أن كوريا الشمالية كانت تجري فحوصات للأجهزة قبل إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات.
"تقارير استخبارات إشارات"
هذه الوثائق وعشرات الوثائق الأخرى تخبر القراء المستهدفين- كبار صانعي السياسات الحكومية وضباط الجيش- بأنها تستند إلى "تقارير استخبارات إشارات". واستخبارات الإشارات هي فن اعتراض الاتصالات الإلكترونية، من المكالمات الهاتفية إلى رسائل البريد الإلكتروني إلى نبضات الرادار.
إلى ذلك، قال غلين غيرستيل، المستشار العام السابق في وكالة الأمن القومي، المسؤول عن التنصت الإلكتروني وفك الشفرات: "هذا مثال حي على القدرات التكنولوجية للحكومة الأمريكية في هذا المضمار".
ومن ضمن أدوات التنصت الأساسية التي تستخدمها الحكومة الأمريكية المادة 702 من قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية أو FISA.
وهذا القانون الذي ستنتهي صلاحيته هذا العام إذا لم يجدد الكونغرس المصادقة عليه، يسمح لوكالة الأمن القومي باستهداف اتصالات المواطنين غير الأمريكيين الذين يستخدمون المنصات المملوكة للولايات المتحدة مثل جوجل وميتا ومايكروسوفت وأبل، بموجب المادة 702، بإشراف محكمة استخبارات أجنبية خاصة، توافق على القواعد التي يعمل البرنامج بموجبها، لكنها لا توافق على جميع أهداف المراقبة الفردية.
ولا تُجمع كل معلومات استخبارات الإشارات بموجب المادة 702، إذ تستخدم الحكومة الأمريكية أيضاً تقنيات الأبواب الخلفية للمرور إلى شبكات الاتصالات الأجنبية، ولديها طائرات ومسيرات وأقمار صناعية متخصصة تجمع الإشارات أيضاً.
المراقبة الإلكترونية
ولا تذكر تقارير الاستخبارات السرية المستندة إلى المراقبة الإلكترونية إن كانت الاستخبارات الأمريكية تراقب طرفاً واحداً في المحادثة، أو كلا الطرفين، أو حتى طرفاً ثالثاً يصف الأحداث.
وهي لا تحدد دائماً الطريقة التي تُجمع بها هذه المعلومات الاستخبارية، أو بموجب أي سلطة قانونية. وقال خبراء إنه من الجائز أن بعض عمليات المراقبة تجريها دول صديقة، ثم ترسلها إلى المخابرات الأمريكية.
يقول غيرستل، الذي يدعم تجديد المادة 702، وغيره من كبار المسؤولين الاستخباريين السابقين، إنه من شبه المؤكد أن بعض هذه المواد جُمعت في إطار هذا البرنامج. وبعض الوثائق المسربة تحتوي على علامات تشير إلى استخدام مادة قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية في تقارير الاستخبارات.
والمعلومات المأخوذة من عمليات التنصت الإلكترونية الأمريكية، كما هو موضح في الوثائق المسربة، واسعة النطاق بدرجة صادمة: مجلس الأمن القومي في كوريا الجنوبية، وبرامج الأسلحة في كوريا الشمالية، ومداولات الأمم المتحدة بشأن أوكرانيا، والجيش الروسي وشركاته الدفاعية وشركة فاغنر، والموساد، وإيران، وكولومبيا ونيكاراغوا وساحل العاج.
ويتوقع أن تكون المعركة على تجديد المادة 702 حامية، إذ تعرضت سلطات المراقبة رغم الدعم العام الذي تحظى به من قادة كلا الحزبين في الكونغرس، لانتقادات منظمات الحريات المدنية، وكذلك الساسة المحافظين والليبراليين لاتساع نطاقها وافتقارها إلى الشفافية.