يعيش سكان العاصمة السودانية، الخرطوم، تحت نيران المواجهات العنيفة المندلعة بين الجيش من جهة، وقوات "الدعم السريع" من جهة أخرى، ويغامرون بالخروج بضع دقائق لشراء بعض احتياجاتهم ثم يعودون بأسرع ما يمكن، محاولين تجنب القفز فزعاً مع دوي كل انفجار، وسط غياب المياه والكهرباء.
في الضاحية الشمالية للخرطوم، كما في المناطق الأخرى، لم يغمض لأحد جفن طوال الليل بسبب هدير الطائرات، ودوي الضربات الجوية، وأصوات المدفعية، ومعارك الشوارع بالبنادق الآلية أو الرشاشات الثقيلة، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
فاروق أحمد أحد سكان الخرطوم، أصر على فتح مخبزه رغم الارتفاع الشديد في درجات الحرارة التي اشتدت وطأتها بسبب انقطاع الكهرباء، وقال في تصريح للوكالة الفرنسية وهو يوزع الخبز على مواطنين يتعجلون المغادرة لتجنب مخاطر التواجد في الشارع: "لم يعد لدينا كهرباء، والمياه مقطوعة ولكننا نواصل العمل".
خوف بين الأطفال
ليس بعيداً عن المخبز سقط قتلى برصاصات طائشة في المواجهات، التي اندلعت يوم السبت وأوقعت حتى اليوم الأحد 56 قتيلاً مدنياً ونحو 600 جريح، ولا تزال المواجهات مستمرة بين الجيش والدعم السريع.
ليست الرصاصات وحدها التي يمكن وصفها بأنها طائشة، بل سقطت قذائف بعيداً عن أهدافها المحتملة في هذه المعركة الحامية بين حليفي الأمس قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، قبل أن يتصاعد الصراع بينهما ليتحول إلى نزاع مسلح.
يقول سعد أحمد وهو ما زال تحت صدمة الرعب الذي عاشه مساء السبت: "سقطت قذيفة على بعد عشرة أمتار من منزلي"، وأضاف أن "إطلاق النيران والانفجارات لا تتوقف" حول منزله لأن قواعد الجيش وقوات الدعم السريع تقع في قلب الأحياء السكنية.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، لا يتوقف بث مقاطع فيديو ملتقطة على عجل من نوافذ الشقق للمدرعات والمسلحين ولمعارك الشوارع، وتقول سناء أحمد (43 سنة) إنها تخشى أن يقع الأسوأ، في العاصمة التي تتصاعد منها أعمدة الدخان السوداء.
مثل الجميع في شمال الخرطوم، لديها انطباع بأن الوضع بات أكثر توتراً بعد 24 ساعة من الطلقة الأولى التي يتبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عنها، وقالت سناء في تصريح للوكالة الفرنسية: "منذ الأمس نعيش في رعب. أطفالي مروعون من دوي الانفجارات، وانقطاع المياه والكهرباء يزيد الوضع سوءاً".
اختفاء السلع الغذائية
يعتقد الخباز فاروق حسن أن الأسوأ لم يأتِ بعد، إذ لم يعد من الممكن الانتقال بالسيارة بين الخرطوم وضواحيها، فالجسور والمحاور الرئيسية إما أغلقها الجيش أو يتعذر استخدامها لأنها مسرح للمعارك.
والسبت، عادت القطارات الآتية من أقاليم أخرى إلى الخرطوم أدراجها قبيل الوصول إلى العاصمة مع تواتر الأنباء عن اندلاع القتال.
لذا ومن دون وسائل انتقال، ستختفي السلع الغذائية في بلد يعاني من تضخم من ثلاثة أرقام ومن الفقر، الأمر الذي أدى إلى تقليص قدرة صغار التجار على الشراء والتخزين.
يقول حسن: "مخزون الدقيق لدي لن يكفي أكثر من 48 ساعة إذا لم تستطع شاحنات نقل المواد الغذائية التحرك".
يشار إلى أن الجيش السوداني، وافق على فتح ممرات آمنة للحالات الإنسانية العاجلة لمدة 3 ساعات اعتباراً من الساعة الرابعة عصراً بالتوقيت المحلي من يوم الأحد 16 أبريل/نيسان 2023.