استمرت الاشتباكات العسكرية لليوم الثاني في العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى، بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي أدت إلى ارتفاع أعداد القتلى إلى 56 شخصاً، في حين أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة أن "ساعة النصر اقتربت"، حيث شنت ضربات عسكرية لقوات الدعم السريع بالقرب من العاصمة، في محاولة لإعادة تأكيد السيطرة على البلاد.
إذ دوت اشتباكات صباح الأحد، 16 أبريل/نيسان 2023، بالعاصمة الخرطوم، استمراراً للاشتباكات التي وقعت طيلة ليل السبت، بالإضافة إلى سماع إطلاق نار في محيط مطار مدينة مروي بالولاية الشمالية.
وفي الساعات الأولى من الصباح أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية في بيان، أن "ساعة النصر اقتربت"، مبشرة الشعب السوداني بـ"أخبار سارة قريباً"، بينما نشرت قوات الدعم السريع مقطعاً مصوراً، قالت إنه لضرب مقر القوات البرية للجيش السوداني.
وجاء في بيان الجيش السوداني الذي نشره على صفحته بموقع فيسبوك: "اقتربت ساعة النصر، نترحم على الأرواح البريئة التي أزهقتها هذه المغامرة المتهورة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع المتمردة، ودعواتنا للمصابين، ونبشر شعبنا الصابر الأبي بأخبار سارة قريباً بإذن الله".
وأتبعت البيان بآخر جاء فيه: "ندير معركتنا بثبات وتركيز، نسيطر تماماً على الموقف العام للعملية، ولا صحة لادعاءات المتمردين بحصار القيادة العامة، صحيح مازالت الاشتباكات تدور هنا وهناك، لكن الموقف يتجه نحو الاستقرار وليس ثمة ما يُقلق".
طيران أجنبي
بينما قالت قوات الدعم السريع إن قواتها في بورتسودان تتعرض إلى هجوم من طيران أجنبي، محذرة من التدخل الأجنبي، وأهابت بالرأي العام الإقليمي والدولي وقف هذا العدوان، كما أعلنت أنها أسقطت طائرة سوخوي دون تحديد مكانها.
ارتفاع أعداد القتلى
يأتي ذلك بينما أصدرت لجنة أطباء السودان المركزية حصراً مبدئياً لأحداث يوم السبت، 15 أبريل/نيسان، حيث أعلنت أن عدد القتلى وصل إلى 56 قتيلاً، معظمهم عسكريون، و595 مصاباً، بينهم عشرات من الحالات الحرجة.
وفي بيان لها على صفحتها بموقع فيسبوك، قالت اللجنة "استيقظ السودانيون والسودانيات، صباح 15 أبريل/نيسان، على فاجعة اشتباكات بين قوات الشعب المسلحة وقوات الدعم السريع، أدت هذه الاشتباكات إلى وقوع عدد كبير من القتلى والإصابات المتوسطة والحرجة.
وتابعت اللجنة: "إننا نهيب بتغليب صوت العقل والوقف الفوري لإطلاق النار العبثي، الذي راح ضحيته أبرياء مدنيون عزّل، ولا بد من فتح ممرات آمنة لإجلاء المحتجزين والعالقين والمصابين لإسعافهم".
البيان أكد على وجود إصابات ووفيات بين المدنيين، لكن اللجنة لم تتمكن من الوصول إلى المستشفيات والمرافق الصحية، نسبة لصعوبة الحركة واعتراض القوات النظامية لعربات الإسعاف والمسعفين.
أحدث ردود الفعل
كما تستمر لليوم الثاني ردود الفعل الدولية على الأحداث في السودان، حيث قالت وزارة الخارجية الصينية، الأحد، إن الصين قلِقة للغاية بشأن التطورات في السودان، وإنها تحث طرفَي الصراع على وقف إطلاق النار، للحيلولة دون تفاقم الوضع.
ونقل الإعلام الصيني الرسمي عن السفارة الصينية في السودان قولها إنها لم تتلقَّ أي تقارير عن سقوط ضحايا صينيين بالسودان، وذكّرت رعاياها في البلاد بالحفاظ على سلامتهم.
بينما قال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء المستويات العالية من العنف في السودان، الذي راح ضحيته العشرات، فيما تَواصل وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع الدول التي لها تأثير هناك من أجل وقف القتال، مضيفاً أن مبعث قلق واشنطن الأساسي هو سلامة المواطنين، وكذلك الأمريكيين الموجودين بالخرطوم.
واندلعت صباح السبت اشتباكات بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في العاصمة الخرطوم، وتبادَل الطرفان اتهامات ببدء كل منهما هجوماً على مقارّ تابعة للآخر، بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كلاً منهما.
ووصف الجيش قوات "الدعم السريع" بـ"المتمردة"، متهماً إياها بـ"نشر الأكاذيب باعتداء قواتنا عليها، للتغطية على سلوكها المتمرد".
وعام 2013 جرى تشكيل تلك القوات لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المسلحة المتمردة في إقليم دارفور (غرب)، ثم تولت مهامَّ منها مكافحة الهجرة غير النظامية على الحدود وحفظ الأمن.
واندلعت الاشتباكات قبل ساعات من لقاءٍ كان مرتقباً بين قائد الجيش، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات "الدعم السريع"، حليفه السابق، الذي بات ألدَّ أعدائه، محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وثمة خلاف بين البرهان وحميدتي، بشأن دمج مقترح لقوات "الدعم السريع" في الجيش، حيث يريد البرهان إتمام العملية خلال عامين، هي مدة مرحلة انتقالية مأمولة، بينما يتمسك حميدتي بعشر سنوات، وهو خلاف يرى مراقبون أنه يُخفي أطماعاً في الحكم.
وجراء خلافهما تأجَّل مرتين التوقيع على اتفاق بين العسكريين والمدنيين، آخرهما كان مقرراً في 5 أبريل/نيسان الجاري، لإنهاء الأزمة التي يعيشها السودان منذ انقلاب البرهان على الحكومة المدنية في 2021، عبر حزمة إجراءات استثنائية.