كشفت مصادر عسكرية سودانية لـ"عربي بوست" عن أن قوات الدعم السريع نقلت أكثر من 60 ألف مقاتل من دارفور إلى الخرطوم، في تحشيد عسكري كبير لها، ما أشعل فتيل الأزمة مع الجيش السوداني، جنوب العاصمة.
أكدت كذلك أن تحركات كبيرة رُصدت خلال اليومين السابقين، تمثلت بتنقل آليات عسكرية من منطقة الزرق شمال دارفور إلى الخرطوم، الأمر ذاته الذي جاء في تصريحات صحفية من قيادة الدعم السريع، قبيل بدء اشتباكات مع الجيش السوداني في العاصمة.
في المقابل، قام جيش السودان بحشد قواته في العاصمة الخرطوم، لا سيما في منطقة مروي، التي تشهد تحشيدات متبادلة بين الجانبين، وسط خشية من تصاعد التوتر ووصوله إلى حد الاشتباكات بين الجانبين.
أماكن الاشتباكات
صباح السبت، بدأت الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، في حين أكد مراسل "عربي بوست"، أنها تركزت في كل من:
قرب المدينة الرياضية
قرب القيادة العامة في الخرطوم
قرب مقر إقامة البرهان
قرب القصر الرئاسية
بالقرب من بيت الضيافة
السوق العربي
قوة مصرية محاصرة
كشفت مصادر عسكرية استخباراتية لـ"عربي بوست"، وجود قوة مصرية محاصرة في مطار مروي، الذي تقول قوات الدعم السريع إنها تمكنت من السيطرة عليه بعد اشتباكات مع قوات الجيش.
وقالت إنه قبل أشهر عدة، كانت هناك مناورات عسكرية بين الجيش السوداني والجيش المصري اتخذوا بعدها من مطار مروي الدولي قاعدة عسكرية، بموافقة البرهان.
وأشارت إلى أنه "جرى في هذه التدريبات استبعاد قوات الدعم السريع منها، مؤكدة أن البرهان يحظى بدعم مصري على عكس قوات حميدتي".
وحصل "عربي بوست" على صور من داخل مطار مروي للتواجد المصري فيه، في حين لم يتمكن من معرفة مصير هذه القوة، التي استبعدت المصادر أن يكون لها دور أو تدخل في الاشتباكات الجارية.
تأكيدا لانفراد "عربي بوست" ظهر في مقطع فيديو في وقت لاحق من الاشتباكات، عناصر قوات الدعم السريع بعد سيطرتهم على مطار مروي، يؤكدون فيه سيطرتهم عليه، وتظهر خلفهم طائرات مصرية.
ووصف أحد قادة عناصر الدعم السريع المتواجدة في المطار تواجد الطائرات المصرية بـ"الاحتلال" وأن القوات المسلحة "عميلة" وفق وصفه.
"مروي" في مركز التوتر
تعليقاً على هذه التطورات الأخيرة، قال العميد الركن المتقاعد، خالد محمد عبيد الله، لـ"عربي بوست" إن قوات الدعم السريع ترى أن قواتها تتحرك في أُطر المهام الموكولة إليها، والمعلومة لدى القائد العام (للجيش) بخصوص الهجرة عبر الصحراء والمناطق المستهدفة بعبور اللاجئين خاصة في منطقة دنقلا والدبة شمال البلاد".
لكنه أشار إلى أن "ظهور هذه القوة في مروي وبالقرب من مطارها يعد خرقاً أمنياً باعتبار أن المنطقة ليست لديها سوابق للجريمة العابرة التي قد تستدعي كل هذا التواجد العسكري للدعم السريع".
وأوضح أن "عدم وجود قيادة مشتركة وآلية ضبط وسيطرة معلومة بين الجيش والدعم السريع تقود لمعركة غير محسوبة العواقب إذا استمرت التوترات. في حين يبدو أن جمود العملية السياسية في السودان وتأرجحها انعكس سلباً على القوات النظامية".
يأتي ذلك على خلفية الخلافات بين الجيش السوداني والدعم السريع القوات شبه العسكرية وتصاعد حدتها من حين لآخر، خلال الفترة الأخيرة، بعد التوقيع على مسودة الاتفاق "الإطاري" الأولية في الخامس من ديسمبر/كانون الأول 2022.
الاحتشاد العسكري بين الجانبين بدأ منذ الأسابيع الماضية في العاصمة الخرطوم والولايات، لكن الذي فاقم الوضع أكثر هو اتهام الجيش لقوات الدعم السريع بعدم التنسيق معها، والتحرك من دون موافقة القيادة العسكرية، بحسب بيان الناطق الرسمي باسم الجيش، الذي نفت صحته قوات الدعم السريع، وقالت إنها "تعمل بتنسيق تام مع الجيش".
أسباب الخلاف
مصادر عسكرية أفادت لـ"عربي بوست" بأن سبب التوتر والخلاف الرئيسي يعود لأمرين أساسيين: الأول يتعلق بقضية الدمج للدعم السريع، واقتراح الجيش فترة عامين لإكمال العملية، فيما ترى "قوات الدعم السريع" بقيادة محمد دقلو (حميدتي) أن العملية تحتاج لعشر سنوات.
عمل الخلاف على تأجيل التوقيع على وثيقة الاتفاق النهائي بين المكونين العسكري والمدني أكثر من مرة، بعد انتهاء ورش الإصلاح الأمني والعسكري الذي قادته الآلية الثلاثية ممثلة في بعثة الأمم المتحدة يونيتامس وبقية القوى السياسية ممثلة في قوى الحرية والتغيير وأحزاب المعارضة.
أما عن نقطة الخلاف الثانية فقالت المصادر إنها "تتعلق بالقيادة والسيطرة، خلال المرحلة المقبلة".
أوضحت أن "الجيش يرى أن قيادة الدولة يجب أن تكون للقائد العام، بينما الدعم السريع ترى أن تكون قيادة الدولة لرئيس الوزراء المدني في الحكومة المقبلة، وكل هذه الخلافات زادت المخاوف من اندلاع صراع مسلح لا سيما في منطقة مروي شمال السودان التي تشهد أوسع تحشيدات عسكرية بين الجانبين".
من جانبه، رأى أمجد فريد، المستشار السياسي لرئيس الوزراء السابق، في تصريح لـ"عربي بوست"، أن "الحشد العسكري، ونذر المواجهة بين قوات الدعم السريع الجيش، مؤشر خطير على التهديد بنقل الصراع على امتداد البلاد".