طالبت مصر كل الأطراف السودانية بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، حمايةً للأرواح، على أثر الاشتباكات المسلحة بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، في حين دعت السعودية جميع الأطراف إلى تغليب الحوار على الصراع، بينما قال السفير الأمريكي بالسودان، إن تصاعد الموقف داخل المكون العسكري إلى قتال مباشر "أمر في غاية الخطورة"، كما أعرب كل من روسيا وبريطانيا عن قلقهما من تصاعد العنف.
واندلعت اشتباكات مسلحة، السبت، 15 أبريل/نيسان 2023، بالعاصمة السودانية الخرطوم ومدينة مروي، فيما قالت قوات الدعم السريع إن قوات الجيش دخلت قاعدة تابعة لها في جنوب الخرطوم، بينما اتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بأنها حاولت مهاجمة قواته في مواقع مختلفة.
وفي بيان لوزارة الخارجية المصرية، قالت إن القاهرة تتابع بقلق بالغ تطورات الوضع في الخرطوم، على أثر الاشتباكات الدائرة هناك"، مطالبة في الوقت ذاته كل الأطراف السودانية بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، حمايةً للأرواح ومقدّرات الشعب السوداني الشقيق، وإعلاءً للمصالح العليا للوطن.
فيما أبدت وزارة الخارجية السعودية قلقها البالغ إزاء التصعيد والاشتباكات في السودان، وتدعو جميع الأطراف المعنية إلى تغليب الحوار على الصراع.
إلى ذلك، قال السفير الأمريكي في السودان، جون غودفري، في تغريدة على حسابه بموقع تويتر: "استيقظت على أصوات إطلاق النار والقتال المزعجة للغاية، وأنا حالياً أحتمي في مكان مع فريق السفارة، كما يفعل السودانيون في جميع أنحاء الخرطوم وغيرها".
وأضاف: "تصعيد التوترات داخل المكون العسكري إلى القتال المباشر أمر خطير للغاية، أدعو بشكل عاجل كبار القادة العسكريين إلى وقف القتال".
الوضع في الخرطوم "هش"
كما علق وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، وقال إن الوضع في الخرطوم "هش"، مضيفاً أنه ربما يكون هناك لاعبون آخرون يحاولون عرقلة التقدم الذي تحقق باتجاه الحكومة المدنية في السودان.
في السياق ذاته، أعربت السفارة الروسية بالسودان عن قلقها من تصاعد العنف، وحثت الأطراف على وقف إطلاق النار.
من جهتها، حثت السفارة البريطانية في السودان رعاياها على البقاء في أماكن مغلقة، وقالت إنها تراقب الموقف عن كثب، بعدما قالت قوات الدعم السريع، شبه العسكرية، إنها سيطرت على القصر الرئاسي ومواقع أخرى.
وعبر موقع تويتر قالت السفارة "نراقب عن كثب الموقف في الخرطوم والمناطق الأخرى التي تدور فيها اشتباكات".
وفي وقت سابق السبت، أعلنت قوات الدعم السريع عن سيطرتها على مطار الخرطوم الدولي وقاعدة مروي الجوية، والقصر الجمهوري، وذلك في أعقاب مواجهات عنيفة اشتعلت بين هذه القوات، وبين الجيش السوداني، فيما تحدثت مصادر طبية عن وقوع إصابات جراء المواجهات بين القوات السودانية.
"الدعم السريع"، التي يقودها الجنرال محمد حمدان دقلو، اتهمت في بيان نشرته على حسابها في موقع تويتر، الجيشَ بشن هجمات متزامنة على مقراتها في الخرطوم ومروي ومدن أخرى.
أشارت "الدعم السريع" إلى أنها دافعت عن نفسها، وأعلنت سيطرتها على مطار وقاعدة مروي، إضافة إلى سيطرتها على مطار الخرطوم.
في بيان آخر، قالت قوات الدعم السريع إنها سيطرت على "القصر الجمهوري، وبيت الضيافة"، كما أفادت بسيطرتها على عدد من المواقع في الولايات السودانية، دون أن تذكر مزيداً من التفاصيل.
من جهته، اتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بأنها حاولت مهاجمة قواته في مواقع مختلفة، وقال إن "الدعم السريع تنشر الأكاذيب باعتداء قواتنا عليها؛ لتغطي على سلوكها المتمرد"، بحسب بيان للجيش.
كذلك لفت الجيش السوداني إلى أن "الاشتباكات تدور بين القوات المسلحة والدعم السريع المتمردة بالمواقع الاستراتيجية".
يأتي هذا التوتر الكبير في السودان بعد يومين على تحذير الجيش من أن البلاد تمر بـ"منعطف خطير"، بعد انتشار قوات الدعم السريع المسلحة في الخرطوم والمدن الرئيسية، فيما تراوح جهود العودة إلى المرحلة الانتقالية مكانها.
الجيش قال في بيانه، الخميس الماضي، إنه "يقع على عاتق القوات المسلحة دستوراً وقانوناً، حفظ وصون أمن وسلامة البلاد، تعاونها في ذلك أجهزة الدولة المختلفة"، مضيفاً أن "القوانين نظمت كيفية تقديم هذا العون، وبناءً على ذلك وجب علينا أن ندق ناقوس الخطر بأن بلادنا تمر بمنعطف تاريخي وخطير، وتزداد مخاطره بقيام قيادة قوات الدعم السريع بحشد القوات داخل العاصمة وبعض المدن".
وتشكلت قوات الدعم السريع في 2013، وانبثقت عن ميليشيا "الجنجويد" التي اعتمد عليها عمر البشير، الذي أطيح به إثر انتفاضة شعبية في 2019، في قمع تمرد إقليم دارفور.
يُذكر أن البلاد تتخبط حالياً في انسداد سياسي بسبب الخلاف بين الحاكم الفعلي للبلاد قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ونائب قائد قوات الدعم السريع دقلو.