حذّر الجيش السوداني، في الساعات الأولى من صباح الخميس 13 أبريل/نيسان 2023 مما وصفه "بتحشيد القوات والانفتاح داخل العاصمة وبعض المدن" من جانب قيادة قوات الدعم السريع، فيما كشفت قوات الدعم طبيعة التحركات التي حدثت خلال الساعات الماضية في أرجاء البلاد.
وتأتي التحذيرات والتحركات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الوقت الذي لا تزال الأمور عالقة في السودان بعد تأجيل التوقيع على الاتفاق السياسي الجديد، ونقطة الخلاف الرئيسية قائمة بين الجيش، بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وفي بيان متلفز للجيش السوداني، قال إن تحركات قوات الدعم السريع تشكل "تجاوزاً واضحاً للقانون، وتمت دون موافقة قيادة القوات المسلحة".
البيان أضاف: "بلادنا تمر بمنعطف تاريخي وخطير، وتزداد مخاطره بقيام قيادة قوات الدعم السريع بتحشيد القوات والانفتاح داخل العاصمة وبعض المدن… وهذه التحركات والانفتاحات تمت دون موافقة قيادة القوات المسلحة أو مجرد التنسيق معها، ما أثار الهلع والخوف في أوساط المواطنين، وفاقم من المخاطر الأمنية، وزاد من التوتر بين القوات النظامية".
كما أكدت القوات المسلحة السودانية، أن محاولاتها في إيجاد الحلول السلمية لهذه التجاوزات لم تنقطع، وذلك "حفاظاً على الطمأنينة العامة وعدم الرغبة في نشوب صراع مسلح يقضي على الأخضر واليابس".
وحول إعادة تمركز قوات الدعم السريع، قال الجيش السوداني، إن التمركز يخالف مهام ونظام عمل قوات الدعم السريع، وفيه تجاوز واضح للقانون ومخالفة لتوجيهات اللجان الأمنية المركزية والولائية، واستمرارها سيؤدي حتماً إلى المزيد من الانقسامات والتوترات التي ربما تقود إلى انفراط عقد الأمن بالبلاد.
فيما جددت القوات المسلحة السودانية تمسكها بما تم التوافق عليه في دعم الانتقال السياسي وفقاً لما تم في الاتفاق الإطاري، محذرة القوى السياسية من مخاطر المزايدة بمواقف القوات المسلحة الوطنية، والتي لم تبخل في سبيل تحقيقها بتقديم المهج والأرواح رخيصة لينعم السودان بالأمن والاستقرار.
"الدعم السريع" يكشف طبيعة التحركات
وفي وقت سابق الخميس، كشفت قوات الدعم السريع في السودان، طبيعة التحركات التي حدثت خلال الساعات الماضية في أرجاء البلاد.
وذكرت في بيان أنها "قوات قومية تضطلع بعدد من المهام والواجبات الوطنية التي كفلها لها القانون، وهي تعمل بتنسيق وتناغم تام مع قيادة القوات المسلحة، وبقية القوات النظامية الأخرى، في تحركاتها".
بيان الدعم السريع أضاف: "نؤكد أن قوات الدعم تنتشر وتتنقل في كل أرجاء الوطن من أجل تحقيق الأمن والاستقرار ومحاربة ظواهر الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية ومكافحة التهريب والمخدرات والجريمة العابرة، والتصدي لعصابات النهب المسلح أينما وجدت".
كما أشارت إلى أن وجود قوات الدعم السريع، بالولاية الشمالية، وفي مروي على وجهة التحديد، يأتي ضمن وجودها في بقية الولايات، في إطار تأدية مهامها وواجباتها، التي تمتد حتى الصحراء. وفي سبيل ذلك قدمت قوات الدعم السريع، عدداً من الشهداء والجرحى، لأجل تحقيق الأمن والطمأنينة للمواطنين.
ودعت قوات الدعم السريع في السودان "جميع المواطنين ووسائل الإعلام إلى عدم الانسياق وراء المعلومات الكاذبة، التي تهدف إلى إشاعة الفتنة، وتقويض أمن واستقرار الوطن"، محذرة "الجهات التي تعمل على فبركة وترويج الشائعات وبثها، بأنها سوف تقوم بملاحقتها قانونياً، ولا مجاملة في أمن وسلامة الوطن".
ومنذ انقلاب أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، الذي أطاح باتفاق المرحلة الانتقالية، يعيش السودان حالة من عدم الاستقرار والاضطرابات والاحتجاجات. لكن القوى المختلفة نجحت مؤخراً في التوصل إلى اتفاق إطاري جديد يحكم المرحلة الانتقالية، ويحظى بدعم المجتمع الدولي ومبعوث الأمم المتحدة.
وقد يؤدي مشروع الاتفاق إلى تهميش المخضرمين من عهد الرئيس المخلوع عمر حسن البشير، الذين استعادوا بعض القوة في أعقاب انقلاب أكتوبر/تشرين الأول، لكن الاتفاق النهائي تأجل مرتين بسبب خلافات داخلية حول خطط إعادة هيكلة الجيش.
الخلافات بين البرهان وحميدتي
يهدف الاتفاق الجديد، الذي ينص على تشكيل حكومة مدنية، ويحظى بدعم قوي من المجتمع الدولي، إلى إنهاء الفراغ السياسي الذي أعقب الانقلاب، لكن التوقيع تأجل للمرة الثانية الأربعاء الماضي، مع مواصلة الجيش وقوات الدعم السريع المفاوضات حول الالتزامات التي سيتعهدان بها، فيما يتعلق بإعادة هيكلة الجيش.
ويواجه الاتفاق السياسي معارضة من "لجان المقاومة" المؤيدة للديمقراطية التي ترفض المفاوضات مع الجيش وقادت احتجاجات مناهضة له منذ الانقلاب الذي عرقل الانتقال السياسي السابق. وخرجت أكبر مظاهرات حاشدة هذا العام في أنحاء السودان، الخميس 7 أبريل/نيسان؛ إحياء للذكرى الرابعة لاعتصام 2019 الذي أدى إلى الإطاحة بالبشير.
وأفادت مصادر سياسية وعسكرية لرويترز بأن التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع برزت على السطح في الأسابيع الماضية بشأن الجدول الزمني المقترح لدمج تلك القوات في الجيش. وبحسب المصادر، فإن الجيش يريد تحديد المدة بعامين، بينما تقول قوات الدعم السريع إن الأمر يحتاج إلى 10 سنوات، وإن إعادة الهيكلة يجب أن تشمل الإصلاح داخل مؤسسة الجيش.
كما أن القيادة المؤقتة للجيش هي موضع خلاف آخر بين الجانبين، حيث تقترح قوات الدعم السريع ضم الرئيس المدني القادم لمجلس السيادة بموجب الاتفاق إلى مجلس مشترك لقادة الجيش وقوات الدعم السريع.