أصدرت وزارة الخارجية الفلسطينية بياناً صحفياً جاء فيه تحذير من أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي بصدد الإعداد لعمل عسكري وشيك ضد قطاع غزة، وأن قرار المواجهة بالنسبة لبنيامين نتنياهو قد اتخذ فور انتهاء فترة الأعياد اليهودية التي تتزامن مع العشر الأواخر من شهر رمضان الجاري، في حين حذر مسؤول فلسطيني في حديث لـ"عربي بوست" من تصعيد إسرائيلي خطير آخر في الضفة.
لم يسجل سابقاً للخارجية الفلسطينية أن أصدرت بياناً مشابهاً، إلى جانب أن نصه يعكس حصولها على معلومات مؤكدة عن النوايا الإسرائيلية تجاه قطاع غزة.
حذرت كذلك الخارجية الفلسطينية من عودة سياسات الاغتيال ضد قادة المقاومة، على اعتبار أنها المنقذ السياسي له، بهدف كسب أصوات المعارضة، وإجبارها على وقف حملة التحريض ضد حكومته.
في هذا الإطار ذاته، سبق أن كشفت مصادر خاصة في تقرير نشره "عربي بوست"، عن أن سبب فتح الفصائل الفلسطينية جبهات عدة خلال الأسبوع الماضي ضد الاحتلال الإسرائيلي، يعود إلى معلومات استخبارية تؤكد أن إسرائيل كانت تتجهز للقيام باغتيالات لقادة المقاومة في الداخل الفلسطيني وكذلك في لبنان وسوريا.
أطراف خارجية أبلغت السلطة
كشف مصدر في الحكومة الفلسطينية لـ"عربي بوست" عن أن أطرافاً فلسطينية من الداخل المحتل، وجهات إقليمية وأخرى دولية، قدمت للسلطة الفلسطينية معلومات مؤكدة عن تحضير إسرائيل لعدوان عسكري وشيك يستهدف قطاع غزة.
أضاف أنه "فور وصول هذه المعلومات للجهات الرسمية في السلطة، قامت وزارة الخارجية الفلسطينية بنشر هذا البيان، لوضع أبناء شعبنا في صورة الفعل الإسرائيلي المرتقب والاستعداد له".
بعض الترجيحات ربطت صدور بيان وزارة الخارجية، بعد ساعات فقط على انتهاء اجتماع أمني جمع نتنياهو بزعيم المعارضة يائير لابيد، الذي خرج من الاجتماع بانطباع سيئ.
عن ذلك، رجحت مصادر بأنه قد يكون أحد المقربين من لابيد قد سرب لأطراف في الداخل المحتل أو جهات إقليمية، نية حكومة نتنياهو الشروع بعمل عسكري ضد قطاع غزة.
تصعيد خطير آخر في الضفة
كذلك كشف السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف، إبراهيم خريشة، في حديث خاص لـ"عربي بوست" أن "إشارات من بعض الدول التي تتواصل معنا بشكل مستمر أبلغتنا بجدية حكومة نتنياهو في تنفيذ عدوان عسكري في مناطق السلطة الفلسطينية"، في الضفة الغربية.
وأضاف: "نحن بدورنا نقوم بالتنسيق مع كافة السفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج لوضعهم في صورة ما تتحضر له إسرائيل".
وأضاف: "نحن ندرك أن الحكومة اليمينية في إسرائيل لا تحتاج إلى مبرر لاستباحة الدم الفلسطيني، ولكن ما تتحضر له إسرائيل سيكون أبشع مما شهدناه طوال الحكومات الإسرائيلية الأخيرة، وقد يتجاوز مستوى التصعيد الإسرائيلي فرض نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد)".
وتابع بأن "البيان الصادر عن وزارة الخارجية هو بمثابة رسالة تحذير للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته بشكل فوري، لأن السلطة وحدها لن تكون قادرة على لجم العدوان الإسرائيلي حال وقوعه، خصوصاً أننا نرى حجم الانتقادات التي تتعرض لها حكومة نتنياهو من طيف واسع من الجمهور الإسرائيلي".
الفصائل تتأهب لتصعيد إسرائيلي محتمل
سبق بيان وزارة الخارجية إعلان الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة في غزة، الخميس 7 أبريل/نيسان 2023، أنها رفعت درجة الاستنفار والجاهزية في غزة لصد أي عدوان إسرائيلي ضد القطاع، وأن الفصائل لن تسمح لنتنياهو بتصدير أزماته الداخلية تجاه الشعب الفلسطيني.
شهد قطاع غزة خلال الأسبوع الأخير توتراً أمنياً بعد شن سلاح الجو الإسرائيلي قصفاً لأهداف عدة استهدف مقرات ومواقع عسكرية تابعة لكتائب القسام، رداً على سقوط صواريخ انطلقت من القطاع تجاه البلدات الإسرائيلية، في ضوء الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على المعتكفين داخل المسجد الأقصى.
من جانبه، قال عبد الله عبد الله مفوض العلاقات الدولية في حركة فتح لـ"عربي بوست" إنه "بنظرة تحليلية تجاه الموقف الإسرائيلي الحالي، فإننا على أعتاب مواجهة مفتوحة".
وأضاف: "من وجهة نظرنا داخل حركة فتح والسلطة الفلسطينية، فإن أنظار الحكومة الإسرائيلية ستكون نحو غزة على الأقل في المدى القريب، لإعادة الردع الذي فقده في الجولة الأخيرة ضد الفصائل".
أكد كذلك حصول السلطة على "معلومات مؤكدة تشير إلى أن إسرائيل وضعت التقسيم الزماني والمكاني داخل المسجد الأقصى كهدف رئيسي لهذه الحكومة، وهذا من شأنه أن يبقي الباب مفتوحاً أمام سيناريوهات متعددة للمواجهة، لأن السلطة والشارع الفلسطيني والفصائل لن تقبل بأي شكل من الأشكال المساس بالوضع القائم داخل المسجد الأقصى".
"نتنياهو ينتظر الفرصة المناسبة"
تحدث نتنياهو في خطابه، الإثنين 10 أبريل/نيسان 2023، أن الجيش لا يزال في منتصف المعركة، وأنه مستعد لاتخاذ إجراءات قوية في جميع الجبهات بحسب الحاجة.
حمل هذا البيان إشارات من أن نتنياهو لم يحسم بعد مسألة الرد النهائي على إطلاق الصواريخ التي تعرضت لها المدن والبلدات الإسرائيلية مؤخراً، بالتالي سيبقى سيناريو تدحرج الأمور للمواجهة العسكرية هو الأرجح.
اتفق الكاتب والمحلل السياسي عادل شديد مع هذا الأمر، وأضاف لـ"عربي بوست" أن رد الجيش في قصفه الأخير لغزة لم يكن كافياً لاستعادة الردع الذي يطالب به الشارع الإسرائيلي، ولكن نتنياهو على ما يبدو ينتظر إشارتين للتحرك ضد غزة، الأولى مرهونة "بمنح الإدارة الأمريكية ضوءاً أخضر لحكومته لبدء للتحرك العسكري".
والإشارة الثانية، وفقاً للمتحدث ذاته، "الانتظار حتى انتهاء فترة الأعياد اليهودية"، مضيفاً أنه "حين يتحقق هذان الشرطان قد نشهد تصعيداً عسكرياً في غزة، سيسعى من خلاله نتنياهو لإظهار قوته، وأنه سيبدو القادر على إعادة الهدوء والاستقرار والأمن للإسرائيليين".
يشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يقوم بتصعيد مستمر في المسجد الأقصى منذ وصول حكومة بنيامين نتنياهو إلى السلطة، ليكون على رأس حكومة تعد الأكثر يمينية وتطرفاً في تاريخ إسرائيل، وسط تحذيرات فلسطينية من إجراءات تستهدف المسجد الأقصى المبارك، لا سيما في شهر رمضان المبارك، لفرض تقسيم زماني ومكاني فيه، الأمر الذي يؤدي إلى تصعيد أكبر في المنطقة.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.