أصدرت وزارة الخزانة البريطانية تشديدات جديدة على الجمعيات الخيرية العاملة في المملكة المتحدة والتي تقدم أشكال دعم مختلفة لقطاع غزة، في خطوة تعزز قرار لندن إضافة "حركة حماس" إلى قائمة الإرهاب، بحسب ما قاله موقع Middle East Eye البريطاني، الجمعة 31 مارس/آذار 2023.
وبعث مكتب تطبيق العقوبات المالية التابع لوزارة الخزانة بخطابٍ إلى الجمعيات، طلب فيه تزويده بمعلومات عن أي مدفوعات من الجمعيات إلى السلطات داخل غزة منذ ديسمبر/كانون الأول 2020، وذلك من أجل مراقبة مستويات الامتثال للوائح العقوبات.
وأردف الخطاب: "بصفتكم جمعيةً خيرية تعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وربما في غزة، فمن مسؤوليتكم أن تحرصوا على الامتثال لالتزامات العقوبات المالية".
وعلم الموقع البريطاني بوجود ما لا يقل عن تسع جمعيات خيرية تلقت نسخاً من ذلك الخطاب في الأسبوع الماضي، وتضم القائمة عدداً من الجمعيات المسلمة، إضافة إلى أعضاء في لجنة إدارة الطوارئ والكوارث التي تضم تحت لوائها 15 جمعية رائدة.
ويطلب الخطاب من الجمعيات الخيرية تأكيد ما إذا كانوا يعملون داخل غزة أم لا، وتوفير "تفاصيل عن أي مدفوعات مثل رسوم، وضرائب، ومرافق، وخدمات السلطات المحلية، بما في ذلك مدفوعات إمداد الماء وخدمات النفايات والهاتف أو الإنترنت".
ونص الخطاب على أن الجمعيات الخيرية يجب أن تقدم بعض التفاصيل مثل التواريخ والمبالغ المدفوعة بالضبط، وأسماء الأفراد أو المنظمات المستلمة لتلك المدفوعات، مع ملخص يوضح سبب الدفع، وأي مستندات داعمة مثل الفواتير والإيصالات.
وحذّر الخطاب من أن الفشل في فعل ذلك قد يُعتبر جريمةً بموجب لوائح عقوبات مكافحة الإرهاب، بينما أوضح أنه يجب إرسال الرد في موعدٍ أقصاه 28 أبريل/نيسان.
استهداف في رمضان
ذكرت المصادر أن بعض الجمعيات الخيرية التي تلقت الخطاب قالت إنها تتشاور مع محاميها، فيما أعربت جمعيات أخرى عن استيائها، لأنها تلقت الخطاب في بداية شهر رمضان.
إذ تحدث مسؤول في إحدى الجمعيات الخيرية بشرط عدم الكشف عن هويته، وقال: "لقد تواصلوا مع الجمعيات الخيرية الإسلامية خلال أول يومين من شهر رمضان، وحددوا الموعد النهائي للرد في غضون شهر".
بينما قال مصدر يعمل لدى جمعية خيرية كبرى، إنّ طلب مكتب تطبيق العقوبات المالية يُعَدُّ "مهمةً شاقة على أي إدارة مالية في مثل هذه الفترة الزمنية القصيرة للغاية، خاصةً عندما يتخللها عيد الفصح وشهر رمضان".
فيما تحدث موقع Middle East Eye البريطاني إلى توم كيتينغي، من مركز أبحاث Royal United Services Institute. وأوضح كيتينغي أن الخطاب يثير التساؤلات حول سبب سعي مكتب تطبيق العقوبات المالية للحصول على المعلومات المطلوبة، وكذلك الكيفية التي سيؤدي بها الإفصاح عن المعلومات إلى دعم جهود الامتثال.
يُذكر أن هناك أكثر من 500 جمعية خيرية بريطانية مدرجة -لدى لجنة الجمعيات الخيرية- على أنها تعمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
لكن عدد الجمعيات العاملة في غزة أقل بكثير؛ نظراً إلى تحديات العمل داخل القطاع، وذلك منذ حصار إسرائيل له عام 2007.
ونشر مركز أبحاث Ayaan Institute تقريراً عن قطاع الجمعيات الخيرية الإنسانية المسلمة داخل المملكة المتحدة الشهر الماضي. وقدّر التقرير وجود 61 مشروعاً في غزة تحت إدارة جمعيات خيرية بريطانية، وذلك بين عامي 2017 و2021.
كما واجهت بعض الجمعيات الخيرية مشكلات في إرسال الأموال إلى شركائها على الأرض، لأن المصارف تعتبر تحويل الأموال إلى غزة من الأنشطة عالية الخطورة.
وصرّح نور شودري، رئيس جمعية Human Aid الخيرية، للموقع البريطاني بأنه قد أصبح من الصعب للغاية على الجمعيات البريطانية العمل داخل غزة. وأردف أن الجمعيات الخيرية المسلمة تحديداً ستتعرض لضغوطات قوية من أجل الرد على الخطاب.
وقال شودري: "عادةً ما تكون الجمعيات الخيرية المسلمة أصغر حجماً وأكثر مرونة، وسيقتطع هذا الأمر جزءاً من مواردها القيّمة التي كانت محدودةً في الأساس. وأنت تضرب الجمعيات الخيرية المسلمة في أكثر أوقات العام ازدحاماً بهذه الطريقة. وهذا ظلم فادح".