تظاهر المئات من العسكريين المتقاعدين وموظفي القطاع العام، الخميس 30 مارس/آذار 2023، في ساحة رياض الصلح، أمام مقر الحكومة وسط العاصمة اللبنانية بيروت، للمطالبة بتثبيت سعر صرف لرواتبهم التي تدنت قيمتها في ظل الارتفاع المستمر لسعر صرف الدولار.
ودعا إلى الوقفة "حراك العسكريين المتقاعدين"، وشارك فيها عدد من الضباط والعناصر المتقاعدة من كل المناطق اللبنانية، وسط استنفار أمني مكثف، وندد المحتجون بتدنّي قيمة رواتبهم في ظل الارتفاع المستمر لسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وطالبوا بتحسين أوضاعهم المعيشية من خلال تثبيت سعر صرف الدولار عند 28 ألفاً و500 ليرة بدلاً من 45 ألفاً و200 ليرة لرواتب المتقاعدين.
ويأتي الاحتجاج على وقع تفلت وتلاعب في سعر صرف الدولار، الذي بلغ الثلاثاء 145 ألف ليرة نهاراً، قبل أن يتهاوى ليستقرّ مساءً عند 110 آلاف ليرة للدولار الواحد.
ورفع المتظاهرون أعلام لبنان ولافتات مكتوباً على بعضها "لبنان وشعبه في خطر الزوال"، وذلك وسط حالة من الغضب الشديد تجاه ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.
رواتبهم لا تساوي شيئاً!
وخلال احتجاجهم، حاول العسكريون المتقاعدون تجاوز الأسلاك الشائكة مقابل السراي الحكومي (مقر الحكومة)، وسكب أحدهم مادة البنزين تمهيداً على ما يبدو لإشعال النار في جسده، لكن تم احتواء الوضع.
وقال رئيس رابطة قدامى القوى المسلحة وعضو مجلس تنسيقي لرابطة موظفي القطاع العام، اللواء متقاعد نقولا مزهر: "راتبي كان قبل الأزمة 4 آلاف دولار، واليوم أستحي أن أقول كم أصبح، فهو لا يكفي لدفع فاتورة الكهرباء".
وبنبرة غضب وحزن تابع مزهر: "بعد أربعين سنة خدمة في الجيش، اليوم أولادي يرسلون لي المال لمساعدتي في المصاريف بدل أن أُعطيهم أنا".
فيما قال المتحدث باسم العسكريين المتقاعدين العميد المتقاعد جورج نادر: "نحن هنا للمطالبة بحقوق العسكريين وكل القطاع العام، ليتقاضوا رواتبهم على سعر صيرفة 28500 كما كان عند إصدار الموازنة، في (سبتمبر) أيلول 2022" وأردف: "اليوم سعر صيرفة 90 ألف ليرة، ما يعني أن رواتبنا تبخّرت، وكل المساعدات المالية الأخرى التي نأخذها من الدولة لم تعد لها قيمة".
كما أشار إلى أن "العسكريين المتقاعدين يتبنون جميع مطالب فئات الموظفين الآخرين، التي باتت ترزح تحت خط الفقر، بسبب الغلاء وفقدان العملة قيمتها.. خسرنا 96% من قيمة رواتبنا، ونعيش الآن بـ4% فقط".
أما الشرطي عاطف الحاج شحادة، والذي خدم 30 عاماً في قوى الأمن الداخلي، فقال: "السياسيون سلبوا حقوقنا لأنهم ليسوا وطنيين، ولديهم أجندة خارجية ليقتلوا شعبهم ويدمروا بلدنا الجميل"، على حد قوله. وتابع: "سلبوا حقنا في الطبابة، فلم يعد لدنيا ضمان صحي، وربطة الخبز أصبحت بمئة ألف (ليرة)، ومازالوا يجلسون على الكرسي.. فليرحلوا".
ومشدداً على أنهم لا يستطيعون شراء خبز، "وخاصة أننا في شهر رمضان المبارك"، استطرد شحادة قائلاً إنه خسر 90% من راتبه، الذي أصبح 30 دولاراً فقط، بعد أن كان 1500 قبل الأزمة.
فيما قال زكي غصمان: "خدمت 26 سنة في الجيش، وجئنا اليوم للمطالبة بكرامتنا، حقنا نريده سواء وافقوا أم لا، انخفضت قيمة راتبي إلى 40 دولاراً بعد أن كان 1500 دولار قبل الأزمة".
وسيراً على الأقدام، توجّه العسكريون المتقاعدون لاحقاً إلى محيط مصرف لبنان المركزي في شارع الحمرا، وسط تعزيزات أمنية، ثم حاولوا دون جدوى تجاوز حاجز بشري شكّله الجيش للحيلولة دون وصولهم إلى البوابة الرئيسية للمصرف.
ويتقاضى موظفو القطاع العام في لبنان رواتبهم بالدولار، على سعر صرف يحدده المصرف المركزي بناء على العرض والطلب، والذي حدده الثلاثاء حاكم المصرف رياض سلامة بـ90 ألف ليرة للدولار الواحد.
وصباح الخميس، بلغت الليرة في تعاملات الأسواق الموازية (السوداء) نحو 107 آلاف ليرة للدولار، بينما تعدّى سعر صفيحة البنزين مليوني ليرة (نحو 18 دولاراً، حسب دولار السوق الموازية).
ومنذ 2019 يعاني الشعب اللبناني من أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة، أدت إلى انهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وشح في الأدوية والوقود وسلع أساسية أخرى، إلى جانب هبوط حاد في القدرة الشرائية.