تصاعد الخطاب العنيف والعنصري ضد الفلسطينيين وصار أوسع انتشاراً على منصات التواصل الاجتماعي في العام الماضي 2022، وذلك وفقاً لتقرير جديد نشره المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة)، الذي يعد أحد شركاء شركة ميتا، الشركة الأم لموقع فيسبوك وموقع إنستغرام، بحسب ما نقل موقع The Intercept الأمريكي، الإثنين 27 مارس/آذار 2023.
حيث تزايدت تعليقات الكراهية ضد الفلسطينيين بنسبة 10% في عام 2022، مقارنة بالعام 2021، وذلك وفقاً لما ورد في التقرير الذي استند إلى تحليل مجمع لذكر كلمات "عرب" و"فلسطينيين" والكلمات المفتاحية المرتبطة بهذا السياق عن طريق مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي الإسرائيليين.
أسباب تصاعد الخطاب العنصري
بدورها، أرجعت مؤسسة "حملة" هذه الزيادة إلى موجة العنف في العالم الحقيقي، بما في ذلك قتل الصحفية الراحلة لدى شبكة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، والغارات العسكرية الإسرائيلية في المسجد الأقصى بالقدس.
كان موقع إنترسبت قد أفاد سابقاً بأن عام 2022 كان الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ نهاية الانتفاضة الثانية، ويبدو أن عام 2023 في سبيله بالفعل لتجاوزه في أعداد الخسائر.
في السياق، قالت منى اشتية، مديرة أنشطة الدعوة والاتصال بمؤسسة "حملة": "الزيادة بنسبة 10% في الخطاب العنيف ضد العرب والفلسطينيين، تدق ناقوس الخطر، ويجب أن تؤخذ على محمل الجد من عمالقة التقنية كي يتمتع كل شخص بحقوقه وحرياته في الفضاء الرقمي".
وأشار تقرير مؤسسة "حملة" أيضاً إلى وجود زيادة واضحة في التحريض العنيف والتعصب الأعمى ضد أعضاء الكنيست الفلسطينيين، وهي زيادة تُعزى إلى الائتلاف الحكومي الذي شكله عضوا الكنيست نفتالي بينيت ويائير لابيد.
حيث إن غالبية خطاب الكراهية الذي أطلقه بينيت والذي سُلط الضوء عليه في التقرير، اتخذ صورة ادعاءات بأن العرب إرهابيون، وأن أعضاء الكنيست العرب يناصرون الإرهاب، ودعوات بموت الفلسطينيين العرب أو نزوحهم قسرياً.
فيسبوك بؤرة الكراهية الساخنة ضد العرب
في حين أن التقرير يذكر أن منصة فيسبوك تبقى بؤرة ساخنة للكراهية ضد العرب، فإنه يقول إن "تويتر لا تزال المنصة الرئيسية للخطاب العنيف ضد الفلسطينيين داخل إسرائيل".
طالما تعقبت مجموعات المجتمع المدني التي على شاكلة مؤسسة "حملة"، الطرق التي تراقب بها منصات التواصل الاجتماعي الفلسطينيين على شبكة الإنترنت، عبر التطبيق المتحيز وغير المتوازن لسياسات تعديل المحتوى، عن طريق كتب قواعد تخلط دائماً بين الخطاب السياسي غير العنيف وبين تأييد الإرهاب.
ففي أعقاب نشر موقع إنترسبت قائمة شركة ميتا لمن أُطلق عليهم "الأفراد والمنظمات الخطيرة"، أشار باحثو تعديل المحتوى إلى أن الشرق الأوسط، وجنوب آسيا، والأشخاص المسلمين والجماعات المسلمة، كانوا مُمَثَّلين بنسبة مفرطة.
وتعد مؤسسة "حملة" واحدة من مئاتٍ من منظمات المجتمع المدني حول العالم، التي تعمل معها ميتا في إطار جهود "تحسين استيعاب تأثير" منصاتها حول العالم.
جهود "ميتا" غير كافية
وقالت شركة ميتا على موقعها: "ندخل في شراكات مع منظمات الخبراء التي تمثل أصوات وتجارب المستخدمين المهمشين حول العالم، والتي على استعداد لإثارة التساؤلات والشواغل حول المحتوى على فيسبوك وإنستغرام".
أضافت الشركة: "بالإضافة إلى الإبلاغ عن المحتوى، يقدم الشركاء الموثوقون ملاحظات مهمة حول سياسات المحتوى وتطبيقها، للمساعدة في ضمان أن تحافظ جهودنا على سلامة المستخدمين".
لكن المدافعين عن حقوق الفلسطينيين يقولون إن هذه الجهود لم تحقق المرجو منها.
اليمين المتطرف "سعيد"
في حديثه مع موقع إنترسبت، قال أُبي العبودي، الناشط الحقوقي الفلسطيني والمدير التنفيذي لمركز بيسان للبحوث والإنماء، إن "الجناح اليميني الإسرائيلي كانوا أكثر من سعداء للإعلان على منصات التواصل الاجتماعي عما يريدون أن يفعلوه بالشعب الفلسطيني".
أضاف أن "هناك انتشاراً لخطاب الكراهية ضد الفلسطينيين. وهذه هي نتيجة علاقة قوة غير متكافئة، حيث تسعد كبرى شركات التقنية بتأييد الرواية الإسرائيلية، وفي الوقت ذاته تقمع الرواية الفلسطينية".
تأتي هذه النتائج التي توصلت إليها مؤسسة حملة حول انتشار الخطاب المناهض للفلسطينيين على الإنترنت، على النقيض تماماً من مساعي شركات التواصل الاجتماعي المحمومة لقمع الخطاب الفلسطيني على الإنترنت.
وقد أشار موقع إنترسبت أكثر من مرة إلى أن سياسات تعديل المحتوى الخاصة بهذه المنصات، تُطبق بأسلوب قسري بصفة منتظمة، مما ينتج عنه فرض رقابة على أصوات الفلسطينيين، بما في ذلك تعليق حسابات الصحفيين الفلسطينيين.
وفي العام الماضي، خلُصت مراجعة أطلقتها شركة ميتا، إلى أن تحركات الشركة خلال حملة القصف الإسرائيلية ضد قطاع غزة في مايو/أيار 2021، حملت "تأثيراً سلبياً على حقوق الإنسان.. وعلى حقوق المستخدمين الفلسطينيين في حرية التعبير، وحرية التجمع، والمشاركة السياسية، وعدم التمييز، ومن ثم (حملت تأثيراً سلبياً) على قدرة الفلسطينيين على مشاركة المعلومات والأفكار المرتبطة بالتجارب التي مروا بها".
كذلك أشارت نتائج التقرير إلى ازدواجية صارخة في المعايير على صعيد جهود المسؤولين الإسرائيليين لتعديل الخطاب على الإنترنت، ولطالما عملت إسرائيل مع شركات التواصل الاجتماعي في إطار جهود حذف المحتوى الذي ترتئي أنه تحريضي، وأبلغت بصفة متكررة عن منشورات بهدف حذفها.