كشف مصدر دبلوماسي مطلع لـ"عربي بوست" أن رئيس النظام السوري بشار الأسد استقبل، قبيل أيام، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في دمشق.
وكان ضمن الحضور نائب الرئيس السوري علي مملوك ومدير الاستخبارات العامة حسام لوقا، حيث جرى نقاش مستفيض حول ضرورة تعزيز حظوظ فرنجية.
وشدد الأسد على أنه سيبذل جهوداً مع الدول العربية التي تتواصل معه لإقناعها بأهمية أن يكون فرنجية رئيساً، وما يمكن أن يقدمه كضمانات سياسية مستقبلية.
وبحسب المصدر، فإن الأسد شكل فريقاً خاصاً لمواكبة الملف الرئاسي اللبناني يضم مملوك ولوقا والمستشارة بثينة شعبان، إضافة إلى السفير السوري السابق في لبنان علي عبد الكريم علي.
ويشير المصدر أن هذا الأمر ينطوي على شعور الأسد بأن الانفتاح العربي عليه سيؤدي إلى عودة جامحة له للبنان، وخاصة أن النظام في سوريا، وعلى مدار العقود التي سبقت الثورة السورية، كان يعتبر لبنان مسرحاً رئيسياً لنفوذه السياسي والإقليمي.
وأوضح المصدر الدبلوماسي العربي لـ"عربي بوست" أن الهواجس العربية والغربية من عودة النظام السوري لـ"العبث" بالشأن اللبناني، ليست من فراغ، خاصة بعد تقاطع معلومات تشير إلى قيام الأسد باستدعاء مجموعة من الشخصيات والنواب اللبنانيين لمواكبة الملف اللبناني معهم بشكل مباشر.
هذه الهواجس عبرت عنها مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط بربرا ليف، في لبنان، حيث اختتمت جولتها إلى الشرق الأوسط.
وكانت ليف التقت بالمسؤولين اللبنانيين وعلى رأسهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بالإضافة للقاء ممثلين عن قوى المعارضة والتغيير.
وتأتي زيارة ليف بعد أقل من 24 ساعة على زيارة وفد إيراني برئاسة كمال خرازي الوزير السابق ومدير المجلس الاستراتيجي للشؤون الخارجية، في سياق التقارب بين السعودية وإيران، ما يفتح الباب على نقاش فعلي عن اقتراب عقد صفقة رئاسية في البلاد برعاية دولية وإقليمية.
وفيما حاول المسؤولون اللبنانيون معرفة الموقف الحقيقي للإدارة الأمريكية حول الاستحقاق الرئاسي، ودعمهم لأي من المرشحين، كان الجواب بأن واشنطن تريد إعادة تكوين السلطة، وأنها لن تتدخل في التفاصيل مع التأكيد الذي سمعه المسؤولون اللبنانيون من الزائرة الأمريكية حيال رفض مسألة "المقايضة،" والتي تطرحها باريس بين رئاستي الحكومة والجمهورية.
بالتوازي كشفت مصادر دبلوماسية أن المسؤولة الأمريكية ناقشت ملفات الرئاسة والانتخابات، إضافة لملف التأخير في الاتفاق مع صندوق النّقد الدّولي، واتفاق الربط الكهربائيّ مع الأردن عبر سوريا، كذلك وقف التصعيد مع الجانب الإسرائيلي عقب اتفاق ترسيم الحدود.
متفقون مع السعودية وقطر: لا يمكن وصول فرنجية
وبحسب مصادر دبلوماسية خاصة لـ"عربي بوست" فإن زيارة ليف جاءت قبيل أيام من انعقاد الاجتماع الخماسي، الذي يضم ممثلين عن الولايات المتحدة والسعودية وقطر ومصر وفرنسا، وبعد أيام من اجتماع عاصف جمع مسؤولين فرنسيين وسعوديين على خلفية قبول باريس بوصول مرشح حزب الله والنظام السوري (سليمان فرنجية) لموقع الرئاسة.
وتشير المعلومات إلى أن ليف أبلغت بري أن بلادها متفقة مع السعودية وقطر على ما أسمته "دفتر شروط" جرى إعداده في اجتماعات خماسية وثنائية حول مواصفات رئيسي الجمهورية والحكومة في البلاد، والتي في حال طبقت ستجري مساعدة لبنان على الخروج من أزمته والتعافي من الانهيار المالي والاقتصادي الواقع منذ سنوات.
وبحسب المصدر الدبلوماسي، فإن ليف كانت واضحة في لقائها مع المسؤولين، وتحديداً رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن الولايات المتحدة ليس لديها مرشح في لبنان.
فهناك أسماء كثيرة يجري طرحها هي أسماء جيدة وتنطبق عليها مواصفات ما جرى الاتفاق عليه في باريس بين الدول الخمس.
وبحسب المصادر فإن ليف استرسلت بنقاشها بالحديث إلى مرشح "الطرف الشيعي" أي سليمان فرنجية، بأنه لا تنطبق عليه أي من المواصفات المتفق عليها، لا لجهة الاستقلالية الداخلية والخارجية، ولا لجهة عدم تورط حزبه بالفساد، كونه كان مشاركاً منذ عام 1992 بالسلطة، وهناك مقربون منه معاقبون خارجياً بتهم الفساد.
بالإضافة لملفات قضائية داخلية للعديد من المقربين والذين عملوا في المرفق العام، ولا لناحية الاختصاص أو الإصلاح.
كذلك لفتت ليف أن بلادها مع دول عربية وأوروبية لديهم خشية أن يؤدي وصول فرنجية لتسرب رئيس النظام السوري بشار الأسد ونظامه "المنبوذ" عالمياً، إلى الساحة اللبنانية من جديد ما سيسبب أزمات مرتبطة بحساسيات وهواجس لفئات وأطراف داخلية تدرك بشكل كبير رغبة الأسد في العودة للتحكم بمفاصل الحكم في لبنان.
كذلك كانت ليف واضحة بالإشارة للمسؤولين في لبنان على ضرورة عدم انتظار فعالية أي حوار خارجي أو اتفاق إقليمي، خاصة أن الدول الفاعلة باتت تدرك بشكل جدي خطورة العودة للصيغ السياسية التي جرى الحكم فيها لعقود والقائمة على التقاسم وغياب الشفافية، وهذا الأمر لم يعد مقبولاً، مع التأكيد على ضرورة الانتباه لمواقف الأطراف "المسيحية والمسلمة" الرافضة لفرض مرشح من خارج الإجماع الداخلي.
جدية التصعيد مع إسرائيل
وتشير المعلومات إلى أن ليف وخلال جولتها استوضحت من المسؤولين اللبنانيين جدية التهديدات التي أطلقها أمين عام الحزب حسن نصر الله، والتي تناقض ما ثبته ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين، مؤكدة أن بلادها حريصة على الهدوء وعدم التصعيد ورفضها القيام بأي خطوة تفجير أمني أو عسكري يقوم به أي من الجانبين.
هذا كلام يبدو أنّه ينطوي على رسالة رفض لأي من تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو، في ظل توجس واشنطن من إمكانيّة انفلات الأمور على الحدود بين لبنان وإسرائيل، إذا ما قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الهروب من الأزمة الداخلية في إسرائيل بافتعال حرب إقليمية مع حزب الله أو الفصائل الفلسطينية.
ووفقاً للمعلومات، فإن استفسارات ليف تنطلق من عدم ارتياح أمريكي للاجتماعات التي عقدت بين نصر الله ومسؤولي حركتي حماس والجهاد الإسلامي منذ أيام، وإعادة الحديث عن تفعيل ما يسمى "غرفة العمليات المشتركة" لمحور المقاومة.
زيارة ليف وسط تحديات وصفقات
بالمقابل يعتقد المحلل السياسي اللبناني جورج شاهين أن زيارة ليف لبيروت بهدف تسليط الضوء على ما يمكن أن تقود إليه مساعي الدول الخمس، التي جمّدت أعمالها بمعزل عن اللقاءات الثنائية بين أطرافها. وإن بقي الوضع على ما هو عليه، فإنها قد تعطي مؤشراً الى انفصال لبنان عن مسار التفاهم الإيراني ـ السعودي في ظل النفي لوجود وثائق سرية ملحقة بتفاهم التبادل الدبلوماسي تتناول الدول المضطربة بسبب نزاع الطرفين.
وبحسب شاهين فإن مرد ذلك إلى نظرية تقول بأن إيران لا تريد ملف لبنان على طاولة البحث مع السعودية، وما زال الإهمال السعودي ماثلاً للعيان ما لم يتجاوب اللبنانيون مع مقتضيات مواصفات الرئيس، وهو أمر يُنبىء باستمرار المعادلة السلبية التي لا يمكن أن تبنى بمرحلة التفاهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية مع تزايد الترددات السلبية.