يشهد حزب "الليكود" اليميني، الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، انقساماً حاداً ما بين مؤيد ومعارض، لوقف تمرير خطة "الانقلاب القضائي"، التي أثارت جدلاً وانقساماً واحتجاجات ضخمة ضد الحكومة، فيما دعا نتنياهو إلى اجتماع لقادة أحزاب الائتلاف الحاكم.
يوجد لدى حزب "الليكود" 32 نائباً من أصل 120 في الكنيست (البرلمان)، وهو قائد الائتلاف الحكومي المكون إجمالاً من 64 نائباً، والذي نال ثقة الكنيست، في 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ويوصف بأنه "الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل".
الانشقاق بصفوف "الليكود" عززه انضمام يولي أدلشتين، النائب البارز بالكنيست من "حزب الليكود"، إلى الدعوة التي أطلقها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، لتعليق التعديلات المقترحة للمضي بـ"الانقلاب القضائي".
أدلشتين الذي يتولى منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية والدفاع بالكنيست، دعا الأحد 26 مارس/آذار 2023، إلى تعليق التعديلات القضائية لإتاحة الفرصة للنقاش والمراجعة، ولدى سؤاله خلال مقابلة عما إذا كان سيمتنع عن التصويت، أو يصوت ضد مشروع القانون، لم يجب بشكل مباشر، لكنه أشار لعدم حضوره جلسات في الكنيست هذا الشهر.
كذلك قال أدلشتين لراديو الجيش الإسرائيلي: "أحتاج لأن أذكركم بأنني لم أحضر القراءات الأولى لمشاريع القوانين تلك، عندما لم يستمعوا لي في ليكود وتجاهلوا دعوتي للحوار"، وأضاف: "لا نريد أن نتخلى تماماً عن التعديلات، (لكن) طرحها للتصويت قبل أن يتضح وجود دعم لها ستكون مخاطرة من الأفضل تجنبها".
بدوره، دعا وزير الزراعة آفي ديختر، وهو من حزب "الليكود"، إلى وقف مساعي إقرار خطة "الانقلاب القضائي"، إلى ما بعد الأعياد القريبة التي تبدأ بعيد الفصح (5-12أبريل/نيسان المقبل).
القناة السابعة بالتلفزيون الإسرائيلي، أوردت أن ديختر أبلغ نتنياهو ووزراء "الليكود"، خلال الأيام الأخيرة، بأن "الخلاف عميق"، و"لن يكون هناك طريق للعودة"، إذا لم يوقفوا حزمة التشريعات المثيرة للجدل.
تُفاقم الانشقاقات في حزب نتنياهو وفي حكومته بشأن "الانقلاب القضائي"، الضغوط الناجمة عن الاحتجاجات الحاشدة غير المسبوقة، والمستمرة منذ أشهر، والتي ينظمها إسرائيليون يرون أن التعديلات التي تنوي الحكومة إدخالها على القضاء، تعرض استقلال المحاكم والقضاء للخطر.
وأمس السبت، 25 مارس/آذار 2023، كان وزير الدفاع يوآف جالانت، وهو نائب عن حزب "الليكود" أيضاً، قد خالف موقف الحزب العام، وحث نتنياهو علناً على تعليق إقرار التشريع لمدة شهر.
جالانت قال إن الاحتجاجات التي خرجت على مستوى إسرائيل ضد التعديلات، وانضم لها عدد متزايد من جنود الاحتياط، تؤثر على عمل القوات النظامية وتهدد الأمن القومي، وأضاف في تصريحات بثها التلفزيون "لن أجعل ذلك يسيراً"، في إشارة إلى احتمال امتناعه عن التصويت على التصديق على مشروع القانون، إذا ما جرى هذا الأسبوع.
من جهته، رحّب النائب البارز عن حزب "الليكود"، دافيد بيتان، بتصريحات جالانت، كما تحدث النائب إيلي دالال من حزب "الليكود" عن تفضيله لتعليق التصديق على التشريع، لكن لم يتضح بعد إن كان هناك نواب آخرون من "الليكود" قد يمتنعون عن التصويت خلال طرح التشريع للتصديق عليه.
بدورها، ذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" الإسرائيلية، بوجود أصوات أخرى في "الليكود"، ترى أنه من الأفضل وقف خطة نتنياهو بشأن القضاء، لكنها غير مستعدة للحديث علناً للإعلام.
من المقرر أن يُطرح مشروع قانون أساسي يمنح الائتلاف الحاكم مزيداً من السيطرة على تعيين القضاة في الكنيست للتصديق عليه هذا الأسبوع، حيث يوجد لنتنياهو وحلفائه 64 مقعداً من إجمالي مقاعد الكنيست البالغ عددها 120 مقعداً.
وعاد نتنياهو في وقت مبكر من صباح الأحد، 26 مارس/آذار 2023، لإسرائيل، بعد أن أنهى زيارة للندن، لكنه لم يعلق بعد على دعوة أعضاء من حزبه لتعليق التعديلات.
بدورها، لم تبدُ النائبة عن الليكود، تالي جوتليب، المؤيدة للتعديلات القضائية، منزعجةً من تلك الاعتراضات، وقالت لمحطة 103 إف.إم الإذاعية في تل أبيب "لدينا 62 (سيصوتون بنعم)، وحتى إن لم يحضر شخص ما فسيكون لدينا 61. سيجرى التصويت هذا الأسبوع".
كذلك طالب نواب من "الليكود" بإقالة الوزراء المعارضين لخطة إصلاح القضاء، وقال أوفير كاتس، رئيس الائتلاف، في مقابلة مع القناة "14": "مَن لم يصوت للإصلاح (القضائي) هذا الأسبوع، فقد انتهت مسيرته السياسية في الليكود".
كما قال وزير الاتصالات، شلومو كارعي، رداً على تصريح جالانت: "إسرائيل على مفترق طرق تاريخي بين الديمقراطية والديكتاتورية، ووزير دفاعها يختار الديكتاتورية، ويعطي دفعة لرفض الخدمة والانقلاب العسكري".
يُذكر أنه إلى جانب "الليكود" (32 مقعداً) يضم الائتلاف أحزاب: "شاس" (11 مقعداً) و"يهدوت هتوراه" (7 مقاعد) الدينيين، و"الصهيونية الدينية" (7 مقاعد)، و"قوة يهودية" (6 مقاعد)، و"نوعم" (مقعد واحد).
تقول المعارضة إن خطة "الانقلاب القضائي" تمثل "بداية النهاية للديمقراطية"، فيما يردّد نتنياهو أنها تهدف إلى "إعادة التوازن بين السلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، الذي انتُهك خلال العقدين الأخيرين".