تتطلع شركات النفط والغاز العالمية العملاقة، مثل شركة هاليبرتون وشركة شيفرون وإيني، إلى صفقات جديدة في شمال إفريقيا، لاسيما الجزائر وليبيا ومصر، بعد سنوات من ضعف الاستثمار في البنية الأساسية للطاقة في شمال القارة، وتنامي الطلب من أوروبا، بحسب صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، الجمعة 24 مارس/آذار 2023.
إذ أبرمت شركتا هاليبرتون وهانيويل إنترناشونال إنك صفقات بقيمة 1.4 مليار دولار لتطوير حقل نفط ومصفاة مع المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية معروفة في إفريقيا، وفقاً لرئيس الشركة المملوكة للدولة، فرحات بن قداره.
كما تخطط شركة إيني الإيطالية لاستثمارات تهدف إلى تعويض قرابة نصف الغاز الذي كانت تستورده من روسيا بغاز الجزائر.
وفي فبراير/شباط الماضي، ذكرت صحيفة The Wall Street Journal، أن شيفرون تتطلع أيضاً لإبرام صفقة للتنقيب عن الطاقة في الجزائر. وفي يناير/كانون الثاني، أعلنت شركة النفط الأمريكية الكبرى عن اكتشاف كبير للغاز الطبيعي في مصر.
الوضع في ليبيا بات أكثر استقراراً
إلى ذلك، قال مسؤولون في شركات النفط الغربية، إن المناخ السياسي بات أكثر استقراراً في شمال إفريقيا، لا سيما في دول مثل ليبيا، التي هدأ فيها القتال بين الجبهات المحلية في العامين الماضيين، بعد ما يقرب من عقد من الحرب الأهلية.
وكانت شركات أمريكية كثيرة انسحبت من المنطقة، واعتبرتها مخاطرة سياسية كبيرة، واكتفت بالتركيز على إنتاج النفط الصخري في أوطانها.
المسؤولون أوضحوا أن قرب المنطقة من أوروبا، واحتياطياتها الهائلة، حيث تمتلك الجزائر ثالث أكبر موارد صخرية قابلة للاستخراج في العالم، تجعلان العمل هناك جديراً بالمخاطرة.
الاستفادة من ارتفاع أسعار الطاقة
وفي الوقت نفسه، تحرص الشركات الحكومية في منطقة شمال إفريقيا على إبرام هذه الصفقات، لأنها تعتبرها فرصة لسد الفجوة التي خلفتها روسيا، والاستفادة من ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.
وبعض البلدان، مثل مصر، حريصة على زيادة دخلها من بيع الطاقة، في ظل الصعوبات التي تواجهها مع ارتفاع تكاليف استيراد السلع التي من بينها الغذاء، وذلك بعد أن عطّلت حرب أوكرانيا النقل ورفعت أسعار السلع العالمية.
من جهته، قال بن قداره، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط بليبيا: "أظن أنه بإمكاننا أن نكون بديلاً قوياً للغاز الروسي لأوروبا".
ويُتوقع أن توقِّع الشركة الليبية المملوكة للدولة اتفاقيةً بقيمة مليار دولار مع شركة هاليبرتون، تُمكّن الشركة الأمريكية من إعادة بناء حقل الظهرة النفطي، وفقاً لبن قداره.
بن قدارة أضاف أن حقل النفط الذي يقع في وسط ليبيا دمره مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية عام 2015، وتديره الآن شركتا كونوكو فيليبس وتوتال إنيرجي إس إي.
وهذه الصفقة ستكون واحدة من أكبر الصفقات التي ستبرمها شركة خدمات النفط الأمريكية العملاقة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في السنوات الأخيرة.
ومن المقرر أن تكشف المؤسسة الوطنية للنفط الليبية وشركة هانيويل عن اتفاق لبناء مصفاة في جنوب ليبيا، حسبما قال بن قداره ومتحدث باسم الشركة الأمريكية. وقال المتحدث إن الصفقة الأولية، التي يتوقع الإعلان عنها مطلع هذا الأسبوع، تتعلق بتصميم المصنع، وسيتبعها اتفاق بقيمة 400 مليون دولار لبناء المصنع بأكمله.
وتعتمد ليبيا اعتماداً كبيراً على مواردها النفطية في دخلها القومي، رغم أنها تكافح منذ سنوات لتحويل خامها إلى وقود للسيارات، وهذا يجعلها تعتمد إلى حد كبير على واردات البنزين باهظة الثمن.
بينما قال جيف بورتر، رئيس شركة North Africa Risk Consulting Inc ومقرها الولايات المتحدة: "الشركات الأمريكية أقرت بأن ليبيا بيئة صالحة للعمل"، مضيفاً أن الشركات تعتبرها الآن "بيئة يمكن العمل فيها بدرجة أمان معقولة، بحيث أصبح الاستثمار بطرق لم تكن متاحة قبل بضع سنوات ممكناً".
وتصدِّر المؤسسة الوطنية للنفط معظم غازها إلى أوروبا، عبر خط أنابيب يمتد من ليبيا إلى إيطاليا، وخلال السنوات الثلاث أو الخمس المقبلة تهدف إلى زيادة إنتاج النفط إلى مليوني برميل يومياً، من حوالي 1.2 مليون حالياً، وإنتاج 4 مليارات متر مكعب من الغاز يومياً، زيادة عن حوالي 2.6 مليار.
وفي يناير/كانون الثاني، وقّعت المؤسسة الوطنية للنفط وشركة إيني، التي تنتج الجزء الأكبر من الغاز في البلاد، صفقة بقيمة 8 مليارات دولار لتطور الشركة الإيطالية العملاقة حقلي غاز لضخ 850 مليون متر مكعب يومياً لمدة 25 عاماً. وبموجب هذه الاتفاقية، سيبدأ إنتاج الغاز عام 2025، ليصل إلى 850 مليون متر مكعب يومياً بحلول عام 2026.
تعويض الغاز الروسي
وفي الجزائر، تتطلع شركة إيني لتصدير 3 مليارات متر مكعب إضافية من الغاز سنوياً، بدءاً من هذا العام، لتسهم في تعويض الغاز الروسي. وستصبح الجزائر منطقة الاستثمار الأولى للشركة في السنوات الأربع المقبلة.
ومن مصر، تهدف إيني إلى تصدير 3 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى إيطاليا، اعتباراً من هذا العام، وذلك بالمقارنة بحوالي مليار متر مكعب صدّرتها العام الماضي.
وقدرة مصر على تصدير الغاز محدودة، بالنظر إلى الطلب المتزايد على الكهرباء من سكانها، الذين يزيد تعدادهم عن 100 مليون نسمة، وليس لديها أي خطوط غاز متصلة بأوروبا. على أنها تطمح لأن تصبح مركزاً لتوزيع الطاقة في البحر المتوسط، فتستورد مزيداً من الغاز من إسرائيل، وتصدّر الغاز المسال إلى إيطاليا.