أدلت امرأتان تقولان إنهما اعتُقلتا مدةً في "معسكرات إعادة التثقيف" الصينية، وهربتا منها، بشهادتين مباشرتين إلى نواب في الكونغرس الأمريكي، وقدَّمتا تفاصيل مروّعة لما يتعرّض له المحتجزون هناك، واستغاثتا بالأمريكيين ألا يتجاهلوا ما قالت الولايات المتحدة إنها ممارسات تتواصل فيها حملات الإبادة الجماعية التي يتعرّض لها الإيغور وغيرهم من الأقليات العرقية المسلمة في الصين، حسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
قالت الإيغورية، غلبهار هايتيواجي، في شهادتها أمام لجنة خاصة من مجلس النواب الأمريكي الخميس، 23 مارس/آذار، إن المعتقلين كانوا يتعرضون لـ11 ساعة من "غسل الأدمغة" كل يوم، خلال ما يقرب من 3 سنوات أمضتها في معسكرات الاعتقال ومراكز الاحتجاز الصينية، وتضمن ذلك الإجبار على ترديد الأناشيد الوطنية، والهتاف بمديح الحكومة الصينية قبل وجبات الطعام وبعدها.
شهادات لمعتقلين من الإيغور
كما أشارت هايتيواجي إلى أن المعتقلين كانوا يعاقبون لتحدثهم بلغة الإيغور، وخضعوا لجلسات استجواب منتظمة كانت رؤوسهم تغطى خلالها، ويقيدون بالأغلال إلى كراسيهم. وروت أنها قُيدت ذات مرة بالسلاسل إلى سريرها مدة 20 يوماً، وأن السجينات كنّ يتعرّضن للتعقيم، ويُقال لهن كذباً إنهن يتلقين تطعيمات.
وقالت هايتيواجي: إن "الكاميرات تنتشر في جميع أنحاء المعسكر. ويراقبون كل حركة لنا". وروت في شهادة مكتوبة أنهم حلقوا لها شعر رأسها، وأنها "فقدت إحساسها بذاتها على أثر ذلك، وصارت عاجزة عن تذكر وجوه أفراد عائلتها".
وتقول الصحيفة البريطانية إن غلبهار تمكنت من النجاة من هذه المحنة في عام 2019، بعد حملة مكثفة من عائلتها ومطالبات من الحكومة الفرنسية بإطلاق سراحها. ولأنها تعرضت للهزال الشديد، دفعتها السلطات الصينية دفعاً إلى تناول الطعام قبل خروجها لكي لا يبدو أنها تعاني سوء التغذية عند نقلها إلى فرنسا. ونبَّه عليها المسؤولون الصينيون تنبيهاً شديداً قبيل مغادرتها ألا "تتحدث عن أي شيء رأته في معسكر الاعتقال"، وأنذروها إن هي فعلت ذلك، "فإنهم سينتقمون من أفراد عائلتها في الوطن".
لكن هايتيواجي رفضت السكوت ونشرت في عام 2021 كتاباً عما تعرضت له في محنتها، فما كان من الحكومة الصينية إلا أن صنفتها "إرهابية"، ولم تتمكن منذ ذلك الحين من الاتصال ببقية أفراد عائلتها الذين ما زالوا يعيشون في الصين.
"فظائع القرن العشرين"
وفي شهادة ثانية، قالت قِلبنور صديق، المنتمية إلى الأقلية العرقية الأوزبكية في الصين والناشطة الحقوقية الآن في هولندا، إن السلطات الصينية أجبرتها على التدريس للمحتجزين في أحد معسكرات الاعتقال. ونقل المترجم شهادتها التي شبَّهت فيها مراكز الاعتقال بأنها "معسكرات اعتقال حربية" محاطة بسياج من الأسلاك الشائكة والحراس المسلحين.
وروت صديق أنها كانت تسمع "أصوات الصراخ الرهيبة" لسجناء الإيغور وهم يعذبون. وأشارت إلى أن اتصالها بأسرتها قد انقطع أيضاً، و"لا أعرف إن كان زوجي لا يزال على قيد الحياة أم لا".
من جانب آخر، قال النائب الأمريكي الجمهوري مايك غالاغر، رئيس لجنة الاستماع بالكونغرس، إن اللجنة معنية بتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها قوة عالمية عظمى مثل الصين، و"أقل ما يمكننا فعله هو ضمان أن يتذكر الناس في غضون الأعوام الخمسين القادمة أن الإبادة الجماعية في شينغ يانغ كانت واحدة من فظائع القرن العشرين، وألا يكون في العالم حينئذ مدير تنفيذي ولا صانع سياسات ولا مستثمر ولا رئيس جامعة ينظر إلى أحفاد الإيغور في أعينهم، ويدّعي أنه لا يعرف ما تعرّض له أجدادهم".
واتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا والأمم المتحدة الصينَ باضطهاد الإيغور وغيرهم من الأقليات العرقية المسلمة في منطقة شينغ يانغ اضطهاداً واسع النطاق، وأنها أرسلت مليوناً أو أكثر إلى معسكرات تلقين، قال الناجون منها إن المحتجزين يتعرضون فيها للمراقبة الجماعية والتعذيب والاعتداء الجنسي والتعقيم القسري.
في المقابل، تنكر الصين الاتهامات، وتزعم أن سياساتها في شينغ يانغ ليست بدافع الاضطهاد وإنما مكافحة الإرهاب وخطر المتطرفين. وقال ليو بينغيو، المتحدث باسم سفارة الصين في واشنطن، إن شهود اللجنة "اختلقوا أكاذيب بشأن شينغ يانغ" بناءً على دوافع سياسية لديهم.
في غضون ذلك، قال رجا كريشنامورثي، النائب الديمقراطي البارز بلجنة الكونغرس، إن اللجنة أحسنت الاستعداد للعمل على تسليط الضوء على الانتهاكات التي تحدث في الصين، و"نحن نبذل ما في وسعنا لكي يسمع الحزب الشيوعي الصيني صوتنا عالياً وواضحاً بأن الإبادة الجماعية يجب أن تنتهي".