أطلق ناشطون متضامنون مع القضية الفلسطينية حملة لمقاطعة عالمية للتمور الإسرائيلية، خلال شهر رمضان المبارك، مستخدمين شعار "لا تفطروا بطعم الفصل العنصري"، لافتين إلى تسلل بعضها إلى الأسواق الدولية والعربية تحت مسميات تخفي مكان إنتاجها، وهو المستوطنات غير الشرعية.
حظيت الحملة بتفاعل كبير في مواقع التواصل الاجتماعي، محذرة من أن الشركات الإسرائيلية تسوق لمنتجاتها من التمور المزروعة في المستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين، متضمنة توعية للتمييز بينها وبين التمور الفلسطينية.
حذروا كذلك من أن تجارة التمور الإسرائيلية تساهم في تطوير المشاريع الزراعية الاستيطانية، وفي الوقت ذاته فإنها تضر بالإنتاج الفلسطيني.
إذ تعتمد مئات الأسر الفلسطينية في دخلها على بيع التمور التي يتم تصديرها إلى الخارج، لا سيما في كل من أريحا ومنطقة الأغوار.
تفاعلت مع الحملة الجاليات الفلسطينية في عدد من الدول حول العالم، ودعت إلى دعم منتجات الفلسطينيين الموثوق بها، للإسهام في دعم المزارعين الفلسطينيين.
في الأعوام الماضية، فرضت سلطات الاحتلال مراراً منعاً لتصدير المنتجات الفلسطينية بينها التمور، وطرحت نفسها بديلاً عن المنتجات الفلسطينية وتسوق منتجاتها.
أما هذا العام، فرغم التحديات والتضييقات على الفلسطينيين، فإن شركات أكدت لـ"عربي بوست" تمكنها من تصدير منتجاتها من التمور إلى الخارج.
وقال متحدث من شركة "حصاد" الفلسطينية للتمور، إنها تمكنت من بيع كامل المحصول من التمور هذا العام إلى الخارج، لا سيما إلى السوق الأوروبية.
حملة في أمريكا
حظيت حملة مقاطعة التمور الإسرائيلية في رمضان تفاعلاً في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان لمنظمة "مسلمو أمريكا من أجل فلسطين" (AMP) وأبناء الجاليات العربية والفلسطينية دور في التوعية بعدم شراء التمور الإسرائيلية من الأسواق الأمريكية.
حذرت المنظمة من أن معظم التمور الإسرائيلية تسوَّق على أنها منتجات فلسطينية.
وحثت المنظمة أبناء الجالية الفلسطينية على دعم المنتجات الموثوق منها للمساهمة في دعم المزارعين الفلسطينيين.
أطلقت كذلك المنظمة حملة لمقاطعة التمور الإسرائيلية في شهر رمضان، تحت وسم "قاطعو_التمور_الإسرائيلية".
وقالت إنها سجلت انخفاضاً للواردات من التمور الإسرائيلية في السوق الأمريكية بنسبة 16.5% عام 2021، وأن النسبة زادت عن ذلك في العام الذي تلاه.
عن أسباب مقاطعة التمور الإسرائيلية، قالت المنظمة إنه "يتم زرعها في المستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين، كما أنه يتم ريها من الموارد المائية المسروقة من الشعب الفلسطيني".
أشارت أيضاً إلى أن "العمال الفلسطينيين المضطرين للعمل في هذه المزارع يتلقون أجوراً زهيدة نظير جهودهم الشاقة، حيث احتلت إسرائيل أراضيهم وممتلكاتهم وأصبحوا عمالاً بعد أن كانوا أصحاب الأرض".
نشرت كذلك أسماء أبرز الشركات الإسرائيلية في أمريكا التي تقوم ببيع التمور الإسرائيلية، وهي: "جوردان ريفر، وسينسيرلي نتس، وأوربان بلاترز".
أما مؤسسة "وول بالستاين" الأمريكية فنشرت أسماء 19 شركة تبيع التمور الإسرائيلية في أمريكا، وحذرت من شراء منتجاتها.
دعوات للمقاطعة في بريطانيا
في بريطانيا، كانت الحملة مشابهة من حيث التفاعل الكبير، وبدأت بجهود من منظمة "أصدقاء الأقصى" البريطانية، التي دعت المسلمين في المملكة المتحدة لتجنّب شراء منتجات التمور الإسرائيلية، التي تغزو المتاجر الإنجليزية.
بدوره، قال رئيس الشؤون العامة للحملة، شاميول جواردر: "في رمضان هذا العام، من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نقاطع إسرائيل، ويمكننا إرسال رسالة واضحة، بأنه لن نعطي أموالنا لدولة فصل عنصري تنتهك القانون الدولي وتقتل الأطفال الفلسطينيين".
جاء في بيان باسم المنظمة ذاتها: "في رمضان، احرصوا على ألا تُفطروا بطعم الفصل العنصري".
أضافت أيضاً: "إسرائيل هي أكبر منتج في العالم للتمور التي يتم إخفاء حقيقة مصدر إنتاجها. دعونا نحرص على عدم شراء التمر الذي يدعم الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي لفلسطين ونظام الفصل العنصري".
بحسب المنظمة، فإنه يتم تصدير 50% من التمور الإسرائيلية إلى أوروبا، وتُعد المملكة المتحدة ثاني أكبر مستورد للتمور الإسرائيلية في القارة العجوز.
كيف يمكن التمييز بينها؟
تحت شعار "تفقّدوا الملصق" (Check The Label)، دعت منظمة "أصدقاء الأقصى" في بريطانيا، إلى تفقّد ملصقات منتجات التمور في المتاجر قبل شرائها، وحثتهم على تجنبها.
أوضحت أنه في حال وجد مكان إنتاجها "إسرائيل" أو "الضفة الغربية" أو "وادي الأردن"، فإنها تمور إسرائيلية.
أما التمور الفلسطينية، فيكتب عليها مكان الإنتاج، مدينة أريحا، أو الأغوار الفلسطينية.
في أستراليا، نشرت شركة "ون باث" الأسترالية الإسلامية مقطعاً مصوراً لمقاطعة شراء علب التمور الإسرائيلية التي يبدأ الباركود الخاص بها بأرقام "782".
أما في كندا، تفاعلت حركة المقاطعة العالمية "BDS" القسم الكندي، وأصدرت بيانات حذرت فيها من شراء العلامات التجارية الإسرائيلية في الأسواق المحلية.
وأرفقت أسماء وصور بعض منتجات التمور الفلسطينية المستوردة من المزارعين الفلسطينيين في مدينة أريحا، بديلاً عن شراء التمور الإسرائيلية.
في الدول العربية أيضاً، نظم ناشطون حملات توعوية تدعو لمقاطعة منتجات التمور التي تنتجها شركات إسرائيلية في الأراضي المحتلة وفي مستوطنات الضفة الغربية.
وحذرت حملات مقاطعة للاحتلال في الدول العربية من انتشار للتمور الإسرائيلية، لا سيما في الدول التي قامت بتطبيع العلاقات، لا سيما في المغرب، وسبق أن كشف تحقيق استقصائي، أعدته مؤسسة "أريج" الإعلامية، يفضح كيفية تبييض التمور الإسرائيلية.
وكان اتحاد المزارعين الفلسطينيين، واتحاد نقابات المهندسين الزراعيين، ومجلس النخيل الفلسطيني، وائتلاف الدفاع عن الأرض، قد أشادوا بجهود حركة مقاطعة إسرائيل في المغرب، وعبروا عن دعمهم لحملة مقاطعة التمور الإسرائيلية، التي أطلقتها الهيئات المدنية المغربية.
أين تتم زراعة التمور الإسرائيلية؟
تشير آخر الأرقام المعلنة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ينتج أكثر من 100 ألف طن من التمور سنوياً، بينما تعد المملكة المتحدة ثاني أكبر مستورد للتمور الإسرائيلية في أوروبا.
جاء ذلك بحسب ما نشرته منظمة "مسلمو أمريكا من أجل فلسطين"، مشيرة إلى أن "نحو 60% من التمور الإسرائيلية تُزرع في مستوطنات غير شرعية على أراضٍ فلسطينية، وباستخدام الموارد الطبيعية المسروقة مثل المياه".
أما الأماكن التي تزرع فيها التمور الإسرائيلية، فهي في المستوطنات القريبة من منطقة الأغوار وكذلك الجولان المحتل.
تشكل منطقة الأغوار امتداداً جغرافياً حدودياً جعلها محط أنظار الاحتلال الإسرائيلي لطبيعتها الخصبة، وتوفر مصادر المياه الهائلة فيها، وقد سيطر فيها على المقدرات الزراعية الإنتاجية كافة.