عادت قضية الطفل شنودة لتتصدّر عناوين الصحف وإثارة الجدل في مصر، بعد حكم المحكمة الإدارية بعدم الاختصاص، ورفض الدعوى المقامة من محامي أسرة الطفل بالتبني باحتضانها له، حيث وضعت السلطات الطفل قبل عام في دار لرعاية الأيتام، إثر شكوى تقدمت بها ابنة أخت الأب، بسبب نزاع بشأن الإرث.
حيث قضت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري، نهاية الأسبوع الماضي، برفض الدعوى القضائية المقامة من نجيب جبرائيل المحامي، وكيلاً عن أسرة مسيحية، للمطالبة بوقف قرار تغيير ديانة الطفل شنودة، وإعادته إليهم بصفتهم من ربّوه، وفق ما ذكرته وسائل إعلام مصرية.
قالت الأسرة في دعواها، إنهم في غضون عام 2018 عثروا على طفل رضيع حديث الولادة بأحد حمامات كنيسة السيدة العذراء مريم، بالزاوية الحمراء بالقاهرة، وكان هناك شهود مسلمون وأقباط عند خروجهم بالطفل الرضيع.
أضاف الزوجان أنهما قاما بتربية الطفل شنودة وحضانته، إذ لم ينجبا أطفالاً، غير أنه وبسبب خلافات على الميراث بين رب الأسرة وابنة شقيقته، ولاعتقادها أن هذا الصغير سيحجبها من الميراث، قامت بإبلاغ قسم الشرطة بأن هذا الطفل الرضيع لم يُعثر عليه داخل الكنيسة، وإنما خارجها، وبالتالي فهو طفل مجهول النسب.
الطفل شنودة يصبح مسلماً
قالت السيدة آمال، إنه بعد بلاغات قُدمت للنيابة تم استدعاء زوجها، والذي أقر بأن الولد مجهول النسب، وأنه وزوجته تبرعا لأخذه من الكنيسة ليتربى في منزلهما، وأكدت آمال أنها حينما أخذت الولد كان الأمر بموافقة كاهن كنيسة العذراء، مدينة النور، وبحسن نية منها.
كما قالت آمال لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إن النيابة لم تتخذ ضدها أي قرارات أو أي عقوبة، معقبة "الحمد لله، هم يعرفون أنني لم أرتكب خطأً، أنا ربيت الطفل شنودة في بيئة حسنة".
وضعت السلطات المصرية يدها على الطفل بحكم قضائي صدر منذ عام، وأودعته إحدى دور الرعاية، وذلك بعد عدم الاستدلال على أهله، وأصدرت شهادة ميلاد جديدة باسم جديد وهو يوسف، ودين جديد وهو الإسلام.
يقول نجيب جبرائيل، محامي السيدة آمال لـ"بي بي سي"، إن الإجراء الذي اتخذته السلطات المصرية ليس صحيحاً، لأن من يتم العثور عليه في دار عبادة "ذمية" يصبح مسيحياً بالتبعية، وأوضح أن فقهاء المسلمين قالوا بذلك، مضيفاً أنه تقدم بطعن على قرار السلطات بنزع الطفل من هذه الأسرة.
الأسرة تطعن في قرار السلطات
كما قال جبرائيل إنه طعن على قرار وزارة الداخلية، التي غيرت اسم الولد من شنودة إلى يوسف، وكذلك تغيير ديانته من مسيحي إلى مسلم.
بينما يقول هشام القاضي، المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، إن الأطفال مجهولي النسب، والذين يتم العثور عليهم في أي مكان يتم إيداعهم بدار للرعاية، وطبقاً للقانون يصبحون مسلمين.
كما أضاف أن الكنيسة كانت تتيح التبني للأسر المسيحية، قبل أن يغير البابا شنودة، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية السابق، اللوائح، لتنضوي تحت قانون الأحوال الشخصية المصري في عام 2008.
أما السيدة آمال فقد أبدت استغرابها من منعها من زيارة الطفل المودع في دارٍ للرعاية، وقالت بصوت عالٍ "سمّوه يوسف، أنا ابني أصبح عنده تشوش بسبب تغيير عاداته وديانته"، مضيفة أن هذا الطفل "لن يضيف إلى الإسلام أو المسيحية شيئاً"، راجيةً أن يعود إليها.
جدل على مواقع التواصل
موضوع الطفل شنودة أثار الكثير من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وكان من بين أشهر من علقوا على القضية رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، الذي أثار جدلاً بين عدد من متابعيه بعد تعليقه على القضية.
وبدأ الأمر بتعليق من ساويرس على تغريدة نشرتها صحيفة مصراوي، وقالت فيها: "عاجل.. القضاء الإداري يرفض دعوى عودة الطفل شنودة إلى أسرته بالتبني"، ليعلّق ساويرس بـ3 "قلوب مكسورة".
بينما علق صاحب حساب King قائلاً: "غريبة يا باشمهندس إن فيه ناس مش فاهمة تعليقك بالقلوب.. ماذا تقول لهم؟"، ليرد ساويرس قائلاً: "قلبي مكسور على أهل الطفل شنودة اللي ربوه وخسروه في لحظة نتيجة وشاية شريرة".
فيما ردّ صاحب حساب Legal advisor (حسن) قائلاً: "الحكم صحيح وفق نصوص الدستور، الذي قرر أن مصر دولة إسلامية، وقررت الشريعة أن من يولد في ديار الإسلام يكون مسلماً، وهذا ما يمنع على غير المسلم تبني المسلم أو تنصيره، أما ما سمّيته (وشاية) فهو (بلاغ) قرر القانون شرعيته، طالما كان قائماً على سبب صحيح".
ليردّ ساويرس قائلاً: "كلامك غير منطقي لأني ولدت في دولة إسلامية حسب كلامك ولست مسلماً، بل مسيحي مؤمن ومعتز بديانته والدول لا دين لها، مواطنوها هم الذين لهم دين، كل حسب مولده وأهله ومعتقداته، ويظل البلاغ الذي وراءه مصلحة شخصية وشاية أكيدة، والله أعلم".