أظهرت بيانات من مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي)، أن البنوك سعت للحصول على سيولة طارئة بمبالغ قياسية خلال الأيام القليلة الماضية؛ في أعقاب انهيار بنكي "سيليكون فالي" وسيجنتشر"، مما أدى بدوره إلى تبديد جهود بذلها البنك المركزي على مدار أشهر، لتقليص حجم ميزانيته.
وأعلن "الاحتياطي الفيدرالي" (البنك المركزي الأمريكي)، في بيان له، أن المبالغ المستحقة في إطار "برنامج التمويل المؤقت للبنوك" وصلت إلى 11.9 مليار دولار بحلول الأربعاء.
وحصلت البنوك حتى الأربعاء على 152.9 مليار دولار، وهو مبلغ مرتفع غير مسبوق، من نافذة الخصم لدى البنك المركزي الأمريكي، وهي تسهيل تقليدي يعمل كملاذ أخير. كما حصلت على قروض بقيمة 11.9 مليار دولار من برنامج "الإقراض البنكي لأجَل" الذي استحدثه "المركزي الأمريكي" في الآونة الأخيرة.
وتجاوز الاقتراض من نافذة الخصم الرقم القياسي السابق البالغ 112 مليار دولار في خريف عام 2008، خلال المرحلة الأسوأ من الأزمة المالية.
ومع أن مبالغ الاقتراض تعد كبيرة، شعر بعض المحللين بالارتياح إزاءها، وقالوا إن الأمر يقلص المخاوف من تفاقم الأحداث التي شهدتها الأيام الماضية، إلى مستوى يمكن أن يؤدي إلى انهيار الاقتصاد بأكمله.
فيما قال توماس سيمونز، خبير اقتصاد سوق المال لدى بنك جيفريز الاستثماري: "الأرقام، كما نراها هنا، أكثر اتساقاً مع فكرة أن هذه مجرد مشكلة فردية لدى عدد قليل من البنوك"، وأضاف أن جهود الدعم التي تبذلها الحكومة تبدو ناجعة، كما أن حجم المبالغ التي كشف عنها مجلس الاحتياطي الاتحادي، الخميس، تشير إلى "أنها ليست مشكلة ضخمة على مستوى النظام".
كما أدت زيادة الإقراض الطارئ إلى توقف انكماش ميزانية مجلس الاحتياطي الاتحادي، بل والنمو بشكل ملحوظ.
فبعد أن بلغت ذروة قرب تسعة تريليونات دولار في الصيف الماضي، قبل أن يبدأ البنك المركزي اتخاذ إجراءات لتقليل حيازاته من سندات الخزانة والسندات المدعومة بالرهن العقاري، انخفض إجمالي الحيازات إلى 8.39 تريليون دولار في الثامن من مارس/آذار، قبل أن يرتفع إلى نحو 8.7 تريليون دولار، وهو الأعلى منذ نوفمبر/تشرين الثاني.
انهيار بنك سيليكون فالي
وتسببت انهيار بنك سيليكون فالي (بنك وادي السيليكون) في استمرار خسائر أسهم البنوك العالمية، الثلاثاء 14 مارس/آذار 2023، إذ لم تُفلح تأكيدات الرئيس الأمريكي جو بايدن، وصنّاع السياسات الآخرين في تهدئة الأسواق، ودفعت إلى إعادة التفكير بشأن مستقبل أسعار الفائدة.
أسهُم البنوك في آسيا واصلت خسائرها، حيث خسرت أسهم البنوك الأسترالية الكبيرة "إيه.إن.زد" و"وستباك" و"إن.إيه.بي" أكثر من 2%، وهوى المؤشر الفرعي للقطاع المصرفي في بورصة طوكيو 6.7% في مستهل التعاملات، مسجلاً أدنى مستوياته منذ ديسمبر/كانون الأول 2022.
دامين بوي، كبير محللي استراتيجيات الأسهم ببنك بارينجوي الاستثماري في سيدني، قال إنه "بدأ التدافع على البنوك، وسوق ما بين البنوك (إقراض المال بين المؤسسات المالية) واقع تحت ضغط".
كذلك أدى سباق محموم لإعادة تقدير زيادات أسعار الفائدة المتوقعة إلى اهتزاز الأسواق، إذ يراهن المستثمرون على أن يحجم مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) عن رفع أسعار الفائدة الأسبوع المقبل.
أيضاً يتوقع المتعاملون حالياً فرصة بنسبة 50% ألا يرفع "المركزي الأمريكي" الفائدة في الاجتماع المقبل، مع استيعابهم لخفض الفائدة في النصف الثاني من العام. وفي مطلع الأسبوع الماضي كان السوق قد استوعب تماماً رفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، مع توقعات بنسبة 70% أن تبلغ الزيادة 50 نقطة أساس.
ووسط مخاوف المستثمرين من حدوث انهيارات إضافية، خسرت البنوك الأمريكية نحو 90 مليار دولار من قيمتها بسوق الأسهم الإثنين الماضي، لترتفع خسائرها خلال جلسات التداول الثلاث الماضية، إلى نحو 190 مليار دولار.