حدَّد مكتب التحقيقات الفيدرالي هدفين أساسيين عندما استجوب صدام حسين، بعد اعتقاله بالعراق في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2003. وتمحور الهدفان حول اكتشاف حقيقة أسلحة الدمار الشامل الخاصة بصدام، وتحديد طبيعة علاقته بتنظيم القاعدة، بحسب ما أفاد به العميل اللبناني-الأمريكي جورج بيرو الذي عُيِّن لاستجواب صدام، لشبكة CNN الأمريكية.
وكان الهدفان ضروريَّين لإثبات قضية الحرب، بعد أن ربط الرئيس جورج بوش الابن وأجهزة الاستخبارات الأمريكية بين صدام والنظام العراقي وهجمات 11 سبتمبر/أيلول، التي شنها التنظيم على نيويورك وواشنطن قبلها بعامين.
"صدام ليست لديه أسلحة دمار شامل"
وبعد شهور من استجواب الزعيم العراقي، أصبح عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي المكلف بمهمة الاستجواب مقتنعاً بأن صدام ليست لديه أسلحة دمار شامل، فضلاً عن أنه لم يحمل في قلبه سوى المقت لتنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن.
حيث قال صدام عن العقل المدبر للتنظيم: "لا يمكنك أن تثق بأي شخص يمتلك لحيةً كهذه"، وذلك في أثناء مزاحه مع العميل اللبناني-الأمريكي.
وتحدث بيرو إلى صدام على مدار سبعة أشهر، وقضى معه ساعات على انفراد داخل غرفة التحقيق كل يوم، إثر اعتقال صدام قرب مسقط رأسه في تكريت قبلها بأسابيع.
صدام لا يحب "أسامة بن لادن"
وفي أثناء حديثه لشبكة CNN الأمريكية، قال بيرو: "أخبرني صدام بأنه لا يحب أسامة بن لادن ولا يؤمن بأيديولوجية القاعدة، لأنها كانت تستهدف تأسيس دولةٍ إسلامية في أرجاء العالم العربي. ولم تكن لدى صدام أي رغبة في تسليم السلطة أو التنازل عن أي شيء لأحد".
واستغرق صدام خمسة أشهر قبل أن يبدأ في الحديث عن برنامج أسلحة الدمار الشامل، الذي كان ضرورياً لإدارة بوش من أجل تبرير غزو العراق في مارس/آذار عام 2003. ومن المعروف أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية جورج تينيت، أخبر جورج بوش الابن بأن قضية امتلاك صدام أسلحة كيميائية وبيولوجية مضمونة كـ"الضربة القاضية".
لكن بيرو أدرك أن مزاعم صدام السابقة حول امتلاك أسلحة دمار شامل كانت "مجرد خدعة"، وغرضها هو إبعاد جارته وعدوته اللدود إيران عن حدود العراق. وقد اعترف لبيرو بأن برنامج أسلحة الدمار الشامل انهار بعد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، وعمليات التفتيش عن الأسلحة في أعقاب غزوه للكويت عام 1990.
"إيران هي عدوه الأكبر"
وأوضح بيرو: "لم تكن الولايات المتحدة أو إسرائيل أكبر أعدائه. بل كانت إيران هي عدوه الأكبر، وقد أخبرني بأنه كان يحاول موازنة الكفة مع إيران ومنافستها طوال الوقت. وتمثلت أكبر مخاوف صدام في أن تكتشف إيران مدى الضعف والهشاشة اللذين أصبح عليهما العراق، وعندها لن يمنعها شيء من غزو واحتلال جنوب العراق. ولهذا كان هدفه يتمثل في إبعاد إيران عن حدوده".
واعترف صدام بأنه كان ينوي إعادة بناء برنامج أسلحة الدمار الشامل في حال رفع العقوبات الأمريكية، قبل أن تأتي أحداث 11 سبتمبر/أيلول لتغير مجرى التاريخ.
وقال بيرو: "سألت صدام: (ماذا كنت ستفعل عندما تُرفع العقوبات؟ فأجاب: كنا سنفعل ما نحتاج لفعله، أو ما يتعيّن علينا فعله لحماية أنفسنا). وكانت هذه طريقته ليقول إنه كان سيُعيد إطلاق برنامج أسلحة الدمار الشامل بالكامل".
وعندما بدأ الغزو الأمريكي، قال صدام لبيرو إنه كان يعلم أن القوات العراقية لن تصمد سوى أيام معدودة، لكنه تنبأ بحركة التمرد الطويلة والوحشية التي ستسيطر على البلاد في السنوات التالية، لتقتل أكثر من 4700 من جنود الولايات المتحدة والتحالف، إضافة إلى نحو نصف مليون عراقي بحسب التقديرات.
وأردف بيرو: "أخبرني بأننا ليست لدينا أدنى فكرة عن مدى صعوبة حكم العراق، لكننا سندرك ذلك من خلال الإطاحة به".
– هذا الموضوع مُترجم عن صحيفة The Times البريطانية.