تصاعد السجال بين المسؤولين الإثيوبيين والمصريين بشأن سد النهضة، إذ اتهمت إثيوبيا، الخميس 16 مارس/آذار 2023، مصر بـ"خرق" ميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، تعقيباً على تصريحات أدلى بها وزير خارجيتها سامح شكري بشأن سد النهضة.
وأدانت أديس أبابا تصريحات شكري التي قال فيها إن "كل الخيارات مفتوحة، وتظل جميع البدائل متاحة، ومصر لها قدراتها وعلاقاتها الخارجية ولها إمكانياتها".
وجاءت تصريحات شكري في وقت تستعد فيه إثيوبيا للملء الرابع لخزان السد، دون التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب مصر والسودان.
تصريحات "غير مسؤولة"
إذ قالت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان، إن أديس أبابا "ترفض التصريحات غير المسؤولة" المنسوبة إلى وزير خارجية مصر، والتي تحمل "تهديداً لإثيوبيا"، مشيرة إلى أن مثل هذا التهديد "يشكل خرقاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة، والقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي".
واعتبرت الخارجية أن التصريحات تمثل أيضاً "انتهاكاً واضحاً لاتفاقية إعلان المبادئ بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير، الموقعة في 23 مارس/آذار 2015 بين إثيوبيا ومصر والسودان".
وطالب البيان مصر "بأن تكف عن تصريحاتها القاسية وغير القانونية".
وفي السياق، دعت أديس أبابا كافة الجهات المعنية إلى "التنبه إلى انتهاك مصر الصارخ لمبادئ العلاقات الدولية"، مؤكدةً أنه لا يمكن تحقيق أي مصلحة من خلال "التهديد والترهيب".
التعامل بحسن نية
في المقابل، شدد البيان على أن التعامل بحسن نية والاحترام الكامل لمبادئ القانون الدولي، سيجعلان الحل الودي بين الدول الثلاث "متاحاً الوصول إليه" خلال المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الإفريقي.
وتابع: "مرة أخرى، تكرر إثيوبيا دعواتها الأطراف إلى إعادة إشراك الاتحاد الإفريقي، والتوصل إلى حل تفاوضي بشأن سد النهضة".
ولفت إلى أن أديس أبابا من جانبها لا تزال ملتزمة بتسوية تُحقق منفعة للطرفين (مصر وإثيوبيا) بشأن هذه القضية.
ومنذ نحو أسبوع، لاح تصعيد لافت في خطاب مصر وإثيوبيا، وذلك قبل الملء الأحادي الرابع للسد من جانب أديس أبابا والذي لم يحدد موعده بعد.
وتضمَّن التصعيد تحذيرات مصرية من المساس بحصتها المائية ودعوة الجامعة العربية الجانب الإثيوبي للتوصل إلى اتفاق بشأن الملء والتشغيل، مقابل رفض إثيوبي متكرر والتمسك بحقها في سيادتها على السد، وتأكيد عدم الإضرار بأحد.
وأظهرت صور أقمار صناعية قبل 7 أيام، لشركة "ماكسار" الأمريكية، عملية الإنشاءات الجارية، والتعلية في سد النهضة لتجهيزه للتعبئة الرابعة.
المضي في استكمال بناء السد
إلى ذلك، أكدت أديس أبابا مُضيها قدماً في استكمال بناء السد، ودعت إلى حل الخلاف داخل البيت الإفريقي. وقال المتحدث باسم الخارجية ميليس إلم، إن نهر النيل إفريقي، ويجب حلُّ الخلافات بشأنه في البيت الإفريقي، مطالباً بوقف إحالة ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن الدولي أو جامعة الدول العربية.
كما أكد المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية أن بلاده مستمرة في استكمال بناء السد، مشيراً إلى أن الهدف من ذلك هو تحقيق مشاريعها التنموية وتوفيرُ الكهرباء لـ65 مليون إثيوبي يعيشون في الظلام، مشدداً على أن ما وصفها بالاتفاقات الاستعمارية السابقة قديمة ولن تقبلها بلاده.
وفي وقت سابق، جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعوته للتوصل إلى اتفاق ملزم مع إثيوبيا بشأن ملء وتشغيل سد النهضة. وقال خلال لقائه رئيسة وزراء الدنمارك ميته فريدركسن، في القاهرة، الإثنين الماضي، إنه من المطلوب الوصول إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن السد، مؤكداً أن مصر التي وصفها بالدولة الأكثر جفافاً في العالم، لا يمكنها أن تتحمل أي نقص في المياه بأي وقت من الأوقات، وفق تعبيره.
ووسط مفاوضات مجمدة منذ عام، تتمسك القاهرة والخرطوم بالاتفاق أولاً مع إثيوبيا على ملء السد وتشغيله، لضمان استمرار تدفق حصتيهما السنوية من المياه والمقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب و18.5 مليار متر مكعب على التوالي.
في المقابل، تواصل أديس أبابا رفض الاتهامات، بالتزامن مع ملئها 3 مراحل من السد دون توافق مع مصر أو السودان، معللة ذلك بأن السد الذي بدأت تشييده منذ 2011 "لا يستهدف الإضرار بأحد".