يواجه اللاجئ المصري سيد عبد اللطيف خطر الاحتجاز لأجلٍ غير مسمى، بعد قبول الطعن المقدم من حكومة أستراليا أمام محكمة فيدرالية، وقالت منظمة الأمن والاستخبارات الأسترالية للمحكمة إن لديها "معلومات سرية" لا يمكن مشاركتها مع عبد اللطيف، لكنها تُثبت أنه يعتنق وجهات نظرٍ متشددة.
حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية نُشر الخميس 9 مارس/آذار 2023، فقد تعرض عبد اللطيف للنفي من وطنه الأم قبل أكثر من عقدين، بعد إدانته غيابياً في محاكمةٍ جماعية فقدت مصداقيتها بالقاهرة عام 1999، بينما قال إنه لم يرتكب الجرائم الموجهة إليه في تلك المحاكمة. إذ تم الحصول على الأدلة المستخدمة ضده تحت التعذيب، كما يقول إنه كان ضحيةً للتعذيب أيضاً.
احتجاز اللاجئ المصري في أستراليا
وصل عبد اللطيف إلى أستراليا على متن سفينةٍ في عام 2012، وطلب اللجوء مع زوجته وأطفاله. وعاشت أسرته وسط المجتمع في أستراليا لسنوات، بينما ظل هو رهن الاحتجاز.
اعترفت أستراليا بحق عبد اللطيف في الحماية، إذ إن لديه خوفاً مبرراً من التعرض للاضطهاد، ولا يمكن إجباره على العودة إلى مصر. لكن تأشيرة دخوله تعرضت للرفض بسبب التقييم الأمني الذي أجرته منظمة الأمن والاستخبارات الأسترالية.
يُذكر أن أول المخاوف الأمنية للحكومة الأسترالية قد أُثيرت بسبب نشرة حمراء من الشرطة الدولية (الإنتربول)، وهي عبارة عن مذكرة توقيف دولية. لكن النشرة الحمراء أُلغِيَت في النهاية، بعد تقديم أدلةٍ إلى الإنتربول تُفيد بأن التهم الموجهة إليه لم تصل إلى المحكمة، أو صدرت بموجب أدلةٍ تم الحصول عليها تحت التعذيب.
أدلة "مشكوك في مصداقيتها"
في العام الماضي، قبلت محكمة فيدرالية استئناف عبد اللطيف لإلغاء اعتماد تقييمين أمنيين سلبيين من منظمة الأمن والاستخبارات الأسترالية، بحجة أن التقييمات اعتمدت على الأدلة التي تم الحصول عليها تحت التعذيب خلال محاكمته -المشكوك في مصداقيتها- بمصر.
وجدت القاضية ديبرا مورتيمر أن منظمة الأمن والاستخبارات الأسترالية استخدمت "أدلة فقدت مصداقيتها بالكامل على نحوٍ مادي وكبير، وذلك لأسباب، منها احتمالية الحصول عليها من خلال التعذيب و/أو (إعدادها) بواسطة السلطات المصرية".
بهذا أمرت ديبرا بإلغاء التقييم الأمني الذي أجرته منظمة الأمن والاستخبارات الأسترالية عام 2018 -والذي كان السبب الأساسي لحرمانه من تأشيرة الحماية- والتقييم الأمني اللاحق الصادر عام 2020.
فيما طعنت الحكومة في هذا القرار، لتقرر المحكمة الفيدرالية الكلية -المؤلفة من القضاة مايكل ويغني وروبرت برومويتش وديفيد أوكالاغان- أن تقبل طعن الحكومة يوم الخميس 9 مارس/آذار.
"معلومات سرية" لا يمكن مشاركتها
أفادت منظمة الأمن والاستخبارات الأسترالية أمام المحكمة الكلية بأنها لم تعتمد على المحاكمة المصرية فاقدة المصداقية والمعروفة إعلامياً باسم "العائدون من ألبانيا"، ولم تستخدم الأدلة التي تم الحصول عليها تحت التعذيب.
كما أوضحت المنظمة أن لديها "معلومات سرية" لا يمكنها مشاركتها مع عبد اللطيف، وهي المعلومات التي بنت عليها تقييمها بأن "عبد اللطيف اعتنق على ما يبدو، أيديولوجيةً داعمةً للعنف بدوافع سياسية".
قالت المنظمة إنها على قناعةٍ بأن عبد اللطيف تعامل مع أعضاء في جماعة "الجهاد الإسلامي" المصرية المحظورة، وسافر إلى اليمن مع أعضاء الجماعة في منتصف التسعينيات، كما كذب في ما يتعلق بقناعاته وأنشطته خلال المقابلات التي أجراها مع المنظمة.
بينما كتبت المنظمة في تقريرها: "يمثل عبد اللطيف خطراً لا يمكن تجاهله على أمن أستراليا، ويمكن تخفيف هذا الخطر برفض طلبه للحصول على تأشيرة حماية مؤقتة". وقد أنكر عبد اللطيف كافة المزاعم الموجهة إليه خلال مقابلاته الأمنية مع منظمة الأمن والاستخبارات الأسترالية.
كما أورد حكم المحكمة النص التالي في ملخص إحدى مقابلاته الأمنية: "وصف نفسه بأنه (مسلم معتدل) لا يتفق مع استخدام العنف لدعم معتقده الديني. كما قال إنه لا يدعم أي جماعات متشددة". ونفى عبد اللطيف سفره إلى اليمن من قبل.
بينما جاء في نص الحكم: "طلبنا من عبد اللطيف التعليق على الكيفية التي يجب أن تصدق بها منظمة الأمن والاستخبارات الأسترالية أنه يريد العيش في سلامٍ داخل أستراليا، بينما يستمر هو في إخفاء المعلومات. فأجاب بأنه يجب أن يرى الأدلة التي تمتلكها المنظمة قبل أن يتمكن من الرد".
كما أضاف وفق نص الحكم: "مطالبته بالرد تفرض عليه ضغطاً للاعتراف أو الإقرار بشيءٍ لم يفعله، وشبّه الأمر بالتعذيب. ثم كرر نفيه أي ارتباط أو مشاركة في أنشطةٍ من النوعية الموجهة إليه". وما يزال عبد اللطيف رهن الاحتجاز في مركز فيلاوود لاحتجاز المهاجرين في الوقت الحالي.