اتفقت أحزاب المعارضة التركية المتحالفة تحت مسمى "الطاولة السداسية"، على اختيار رئيس حزب الشعب الجمهوري كليجدار أوغلو مرشحاً ممثلاً لها، بعد جدل داخلي كان سيعصف بالتحالف بينها بسبب عدم التوافق في البداية عليه مرشحاً لمنافسة الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، ما يثير تساؤلات عن الرابح والخاسر منها بسبب الاختيار الذي توافقت عليه.
جاء إعلان مرشح المعارضة قبل أيام من موعد إعلان الرئيس التركي الدعوة بصورة رسمية إلى انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة في تركيا في 14 مايو/أيار 2023.
وللحديث عن الرابح والخاسر بين المتحالفين على الطاولة السداسية من اختيار كليجدار أوغلو، تجدر الإشارة إلى ما كشفته وسائل إعلام تركية عن اتفاق بين قادة المعارضة لتوزيع الحقائب الوزارية، وحتى المقاعد البرلمانية بينهم.
صحيفة "مليت" التركية كشفت تفاصيل عن الاتفاق بين قادة المعارضة الستة، موضحة أنهم اتفقوا فيما بينهم على أن يتم تنسيق القوائم الانتخابية بشكل يُمكّن الأحزاب الصغيرة داخل الطاولة من الحصول على 20 مقعداً داخل البرلمان، حتى تتمكن من تشكيل كتلة نيابية داخل مجلس الأمة التركي.
وفقاً للاتفاق، سيحق لأحزاب الطاولة السداسية، وهي "الشعب الجمهوري، والجيد، وحزب السعادة، والمستقبل، وحزب الديمقراطية والتنمية، والحزب الديمقراطي"، تخصيص إحدى قاعات مجلس الأمة لكتلتها النيابية، وكذلك تحديد يوم لحديث زعيم الكتلة أمام وسائل الإعلام.
الفائزون
يرى الكاتب التركي في صحيفة "milliyet"، أوازي سندير، أن أحزاب السعادة والمستقبل والديمقراطية والتنمية والديمقراطي تُعد أكبر الفائزين في تحالف المعارضة، نظراً لضعف كتلتهم التصويتية في الشارع التركي.
بحسب "سندير"، سيكون من نصيب هذه الأحزاب كذلك إحدى الوزارات التي سيتم الاتفاق عليها لاحقاً، بالإضافة إلى أن لكل حزب إمكانية تعيين الموظفين والهيئة المساعدة للوزير من داخل الحزب الذي سيحصل على الوزارة، بسلطاتها التنفيذية كافة.
إلى جانب هؤلاء الفائزين، يرى الكاتب التركي أن زعيم حزب الشعب الجمهوري كليجدار أوغلو كان أكبر الرابحين كذلك، بعد اتفاق المعارضة على تسميته مرشحاً للرئاسة في مواجهة أردوغان.
جاء ذلك بعد أشهر من سخرية الكثير من فكرة ترشحه، ومطالبتهم بأن يكون المرشح التوافقي بين المعارضة هو رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، أو رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش.
على الرغم من ذلك، أشار الكاتب التركي سندير إلى أن رئيسي بلدية إسطنبول وأنقرة كانا من الرابحين في طاولة المعارضة، وذلك بعد ظهورهم بصورة المخلصين لحزبهم، ورفضهم الاستقالة والترشح باسم حزب الجيد، لانتخابات الرئاسة، على عكس رغبة حزبهم.
وتابع بأن إمام أوغلو ويافاش فازا كذلك بإمكانية تعيينهما نائبين لرئيس الجمهورية التركي، في حال فوز كليجدار أوغلو، ما يمهد الطريق أمامهما للترشح للرئاسة مستقبلاً بصورة مباشرة.
الخاسرون
بحسب الكاتب ذاته، فإن ميرال أكشنار باتت هي الخاسرة الوحيدة على الطاولة، وذلك بعد نجاح زعيم حزب الشعب الجمهوري في فرض اسمه مرشحاً لتحالف الطاولة السداسية، على عكس رغبة زعيمة حزب الجيد.
أضاف أن خسارة أكشنار جاءت كذلك بسبب الاستقالات التي تكاثرت داخل حزبها، بعد رفضها ترشح كليجدار أوغلو، ما يضعف كتلتها النيابية داخل البرلمان، ويهدد وجودها السياسي.
خرجت أيضاً تصريحات لصحفيين مقربين من حزب الشعب الجمهوري بأن لديهم ملفات حساسة ضد رئيسة حزب الجيد، وذلك بعد انسحابها السابق من الطاولة، قبل أن تعود إليها.
لكن سندير يرى أن تعيين 7 نواب للرئيس سيحدّ من صلاحياته، خاصة في القضايا التي تحتاج إلى معالجة عاجلة، مثل التعامل مع أي تهديد من اليونان، كما يقول الكاتب التركي، أو بالتعامل مع أي طارئ على الاتفاقات الموقعة مع ليبيا.
وقال: "ستواجه الأمانة العامة لمجلس الأمن القومي معظم المشاكل؛ لأن نواب الرئيس هم أعضاء طبيعيون في المجلس، وعند إضافة الرئيس و7 نواب ووزراء العدل والدفاع الوطني والداخلية والخارجية، ستكون الاجتماعات أكثر ازدحاماً من أي وقت مضى، ناهيك عن موضوعات الميزانية، وتوجهات الدولة في ظل الاختلافات الأيديولوجية التي تجمع الرئيس ونوابه المحتملين.
في صحيفة "heberturk"، أكد تقرير للكاتبة كوبرا بار أنه "عندما اعتلى القادة الستة المنصة، وألقى كليجدار أوغلو خطابه، أدركنا أن الوضع لم يكن جيداً بالنسبة لأكشنار".
وتابعت بأنه على عكس التوقعات، لم يذكر رئيس الحزب الجمهوري أسماء يافاش وإمام أوغلو في خطابه أمام مقر حزب السعادة، رغم ذكره للقادة الآخرين بشأن نواب الرئيس.
لفتت أيضاً إلى أن 5 نواب للرئيس بسلطة متساوية في التوقيع واتخاذ القرار، تواجه انتقاداً كبيراً لدى الناخب التركي، الأمر الذي عبر عنه حزب الجيد، وأكده اعتراضه عليه سابقاً.
شدد بار كذلك على أن تصريحات أكشنار القاسية ضد الطاولة والقادة الآخرين فيها، تركت ضرراً كبيراً في التحالف بين الأحزاب المعارضة، وليس من السهل نسيان ذلك أو إصلاحه.
أما في صحيفة "hurriyet"، فاعتبر الكاتب التركي عبد القادر سيلفي أن الفائز الأوحد بحسب التوافق الأخير بين أحزاب المعارضة الستة هو كليجدار أوغلو.
وتساءل: "كيف سيصبح إمام أوغلو ويافاش نائبين للرئيس دون ترك رئاسة البلدية؟ ألم يعترض كليجدار أوغلو على أنه إذا استقالا فسنسلم إسطنبول وأنقرة إلى حزب العدالة والتنمية؟ ما الذي تغير؟".
في معرض مقاله أكد أنه رغم التغلب على الأزمة التي عصفت بالطاولة السداسية بعد عودة أكشنار إليها، فإن ما حصل أحدث الكثير من الضرر.
وعن الأطراف الخاسرة، أشار إلى أنه عند التطرق لهذا الأمر، يجب الالتفات إلى سيناريو خسارة المعارضة في الانتخابات الرئاسية، "فماذا لو حدث العكس وخسروا الانتخابات؟ لن يكون القادة وحدهم الخاسرون فحسب، بل سيخسر رئيسا بلدية إسطنبول وأنقرة مكانتهما قبل انتخابات البلديات بـ10 أشهر".
تماسك الطاولة السداسية
أضاف سيلفي أنه سيكون الدور على قضية القوائم البرلمانية في الخلاف بين أحزاب المعارضة؛ حيث من المتوقع أن يفسح كليجدار أوغلو المجال لبقية أحزاب الطاولة للترشح على قوائم حزب الشعب الجمهوري؛ بما يضمن لها الفوز بالمقاعد الموعودة بها.
لكن كليجدار أوغلو كما يرى سيلفي لن يعطي للحزب الجيد ولزعيمته أكشنار الحصة ذاتها التي ستحصل عليها بقية أحزاب الطاولة؛ حتى تظل الجانب الأضعف بين الموجودين.
كذلك أشار إلى استمرار حالة التوتر بين الأحزاب المعارضة إثر انسحاب أكشنار وعودتها لاحقاً إلى الطاولة، بالقول إن أحد قادة حزب الشعب الجمهوري دفعه الأمر للتعليق بالقول "فلتذهب عبر السيفون".
بحسب جريدة "sabah" التركية، فإن خسارة ميرال أكشنار لم تتوقف عند حدود حزبها، بعد أن أظهرت للناخب التركي وللعالم أن "الطاولة السداسية" التي تقود المعارضة في تركيا لا تستطيع الحفاظ على تماسكها لفترة طويلة، في ظل أي خلاف بين أعضائها.
أوضح الكاتب الصحفي في الجريدة، محمود أوفار، أن ما فعلته أكشنار بانسحابها وعودتها مرة أخرى إلى تحالف المعارضة سيجعل الجميع يتساءل كل صباح، إذا ما كانت الطاولة في مكانها أم تم تفكيكها.
يشار إلى أن الطاولة السداسية للمعارضة التركية، أعلنت الإثنين، 6 مارس/آذار 2023، كمال كليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، مرشحها الرسمي الرئاسي لانتخابات 2023 المقبلة، بعد عودة رئيسة حزب الجيد أكشنار إلى الطاولة.
وكانت أكشنار انسحبت من طاولة المعارضة، معترضة على ترشيح كليجدار أوغلو للرئاسة ممثلاً لأحزاب المعارضة، إلا أنها عادت عن قرارها.