تشكل التوترات المتصاعدة في الضفة الغربية قلق واشنطن من أنها قد تتسبب في صرف انتباه إسرائيل والولايات المتحدة عن التحركات الإيرانية، وهي رسالة يعتزم وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، توصيلها خلال زيارة لإسرائيل الخميس، 9 مارس/آذار 2023.
إذ نقلت رويترز عن مسؤول دفاعي أمريكي كبير، أن انشغال إسرائيل بالضفة الغربية "ينتقص من قدرتنا على التركيز على التهديد الاستراتيجي الحالي، وهو التقدم النووي الخطير لإيران واستمرار السياسة العدوانية إقليمياً ودولياً"، مضيفاً أن "الوزير أوستن قادر تماماً على إجراء محادثات حول القضيتين (الضفة الغربية وإيران)".
وأرجأ أوستن موعد وصوله إلى إسرائيل، وأصرت الحكومة على تغيير مكان الاجتماعات بسبب توقع مزيد من الاحتجاجات المناهضة لخطة حكومة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، اليمينية المتشددة لإجراء تغييرات في النظام القضائي.
ومن المتوقع أن يلتقي أوستن مع نظيره الإسرائيلي يوآف جالانت ونتنياهو بالقرب من مطار تل أبيب.
استشهاد 3 فلسطينيين
يأتي ذلك في الوقت الذي قتلت فيه القوات الإسرائيلية 3 فلسطينيين الخميس، بعد يومين من مداهمتها مخيماً للاجئين في مدينة جنين بالضفة الغربية، قتلت خلالها 6 مسلحين فلسطينيين على الأقل.
وكان من بين القتلى أحد أعضاء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مشتبه به في مقتل شقيقين بالرصاص من مستوطنة يهودية، قرب قرية حوارة، الأسبوع الماضي.
وأدى مقتل الشقيقين الإسرائيليين إلى هجوم انتقامي شنّه مستوطنون قتلوا خلاله فلسطينياً وأضرموا النار في عشرات المنازل والسيارات، في أعمال شغب وصفها قائد إسرائيلي كبير بأنها "مذبحة".
وأثار الشغب غضباً وتنديداً من المجتمع الدولي، وزادت ردود الفعل حدة بعد أن قال وزير المالية القومي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، إنه يجب "محو" حوارة. وتراجع الوزير إلى حد ما عن هذه التصريحات لاحقاً.
وسعى نتنياهو، الأحد، إلى تخفيف حدة الغضب الدولي، قائلاً إن تعليقات سموتريتش "غير لائقة".
إلى ذلك قال مايكل مولروي، مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط سابقاً "التأكيدات بالأقوال لبذل مزيد من أجل الحد من العنف لا قيمة لها من دون اتخاذ إجراء لتنفيذها. يمكن للولايات المتحدة أن تضطلع بدور إيجابي للمساعدة فقط، إذا كان هناك استعداد من جميع الأطراف للعمل من أجل السلام".
ولا يلوح في الأفق أي مؤشر على تراجع حدة أعمال العنف قبل حلول شهر رمضان و"عيد الفصح اليهودي".
ومنذ بداية هذا العام، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 70 فلسطينياً من بينهم مسلحون ومدنيون. وخلال الفترة نفسها قتل فلسطينيون 13 إسرائيلياً وسائحة أوكرانية في هجمات غير منسقة، على ما يبدو.
الحق في الاحتجاج
أطلقت الشرطة الإسرائيلية الأسبوع الماضي قنابل صوت، ووقعت مناوشات في تل أبيب خلال "يوم اضطرابات" في أنحاء إسرائيل، مما زاد من حدة الاحتجاجات ضد خطة الحكومة بشأن القضاء.
وفي مشهد لم يحدث في تل أبيب منذ سنوات، واجه رجال شرطة، يمتطون خيولاً، متظاهرين كانوا يخترقون الحواجز مع تعطل حركة المرور.
وأظهرت لقطات حية رجال الشرطة وهم يجرون المتظاهرين بعيداً عن الطريق، بينما صاح المحتجون بعبارات مثل "العار" و"نحن الأغلبية" و"نحن في الشوارع".
ومن شأن التغييرات القضائية أن تمنح ائتلاف نتنياهو، المؤلف من تيارات قومية ودينية، سلطات حاسمة في عملية اختيار القضاة، وتحدّ من سلطة المحكمة العليا فيما يتعلق بإلغاء التشريعات أو إصدار أحكام ضد السلطة التنفيذية.
وفي عام 2019، وُجهت لنتنياهو اتهامات بالفساد ينفيها.
وعند تشكيل حكومته الجديدة قبل شهرين، وعد نتنياهو شركاءه في الائتلاف بإعادة تشكيل النظام القضائي وترسيخ سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية، التي يطالب بها الفلسطينيون لإقامة دولة مستقلة.
إذ قال المسؤول الأمريكي "أوستن ملتزم بأمن إسرائيل، لكن من السبل الرئيسية التي يمكننا من خلالها العمل معاً وتعزيز تلك العلاقة هي أننا بلدان ديمقراطيان بينهما قيم مشتركة"، مضيفاً أن هذه القيم تشمل الحق في التظاهر.
وأعلن عشرات من جنود الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي، الأحد، التغيب عن تدريب احتجاجاً على خطة نتنياهو المتعلقة بالقضاء، هو ما يمثل صدمة لدولة من المفترض أن يكون جيشها متعدد الأعراق غير مسيس.
وقال 37 طياراً وملاحاً من سرب طائرات إف-15، في رسالة تداولتها وسائل إعلام محلية، إنهم لن يحضروا بعض التدريبات من أجل "تكريس وقتنا للحوار والتفكير من أجل الديمقراطية والوحدة الوطنية".
وجنود الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي مطالبون بالتحليق مرة واحدة أسبوعياً في كثير من الأحيان من أجل الحفاظ على الجاهزية. وينفذون أحياناً مهام قتالية. ومع ذلك، يصنفون كمتطوعين وليس عليهم أي التزام قانوني لحضور التدريب.