اتُّهمت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بعرقلة تبادل لمعلومات استخباراتية أمريكية مع المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء، 8 مارس/آذار 2023.
الصحيفة أشارت إلى أنه رغم حرص البيت الأبيض على التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي؛ لمحاسبة القوات الروسية على جرائم الحرب المرتكبة في أوكرانيا، لكن وزارة الدفاع الأمريكية عارضت الأمر بشدة على أساس أن هذا الأمر قد يصبح سابقة تُستخدم بعد ذلك لمحاسبة الجنود الأمريكيين.
"البنتاغون" عرقل مساعي التعاون
ونقلت صحيفة The New York Times الأمريكية عن مسؤوليين حاليين وسابقين قولهم إن تمنُّع "البنتاغون" كان العقبة أمام مساعي التعاون مع المحكمة الدولية.
وذكرت الصحيفة أن مجلس الأمن القومي الأمريكي عقد اجتماعاً لكبار المسؤولين في 3 فبراير/شباط؛ سعياً إلى حل النزاع، لكن وزير الدفاع، لويد أوستن، لم يتزحزح عن رفضه، ولم يتخذ الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قراراً فاصلاً بعد.
من جهة أخرى، فإن السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، الذي دفع بقرار في الكونغرس للحثِّ على تعاون الولايات المتحدة مع المحكمة الدولية بشأن جرائم الحرب في أوكرانيا، لامَ وزارة الدفاع الأمريكية على عرقلة التعاون.
إذ قال غراهام لصحيفة The New York Times إن "وزارة الدفاع الأمريكية عارضت القرار التشريعي -الذي صدر بعد تأييده بأغلبية ساحقة في الكونغرس- وهم يحاولون الآن تقويض نص القرار وروحه"، و"يبدو لي أن وزارة الدفاع هي الجهة الملومة هنا [على تعطيل المضي قدماً في تنفيذ القرار]، فكلما أسرعنا في إيصال المعلومات إلى المحكمة الجنائية الدولية، كان ذلك أجدر بأن يصير العالم أحسن حالاً".
رداً على طلب للتعليق، قالت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، إن "القوات الروسية ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا، والشعب الأوكراني يستحق القصاص والعدالة".
وتابعت واتسون بالقول: "تساند الولايات المتحدة تحقيقات تُجريها عدة جهات لتحديد المسؤولين ومحاسبتهم، ومنها تحقيقات مكتب المدعي العام الأوكراني، والأمم المتحدة، وبعثة (آلية موسكو) التي تشرف عليها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، فضلاً عن تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية، وجهات أخرى".
واكتفى مسؤول بارز في وزارة الدفاع الأمريكية بالقول: إن "وزارة الدفاع ترى أنه يجب محاسبة روسيا".
شارك خبراء قانون أمريكيون في صياغة "نظام روما الأساسي"، الذي أُنشئت بناء عليه المحكمة الجنائية الدولية. وقد وقّع بيل كلينتون بالموافقة على مسودة إنشاء المحكمة، لكن مجلس الشيوخ الأمريكي رفض المصادقة عليها، واتخذ خليفة كلينتون في المنصب، جورج دبليو بوش، خطوة غير مألوفة بسحبِ التوقيع الأمريكي.
جادل المعارضون لإنشاء المحكمة الدولية في الولايات المتحدة بأن أعداء أمريكا قد يستخدمونها لمقاضاة الجنود الأمريكيين الذين يقاتلون بالخارج، على الرغم من أن القواعد الواردة في نص القانون الأساسي للمحكمة توضح أنها لا تنظر إلا في القضايا التي ترفض المحاكم في موطن المشتبه فيه مقاضاته بشأنها أو تعجز عن ذلك.
من جهة أخرى، قالت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي، في حديث أمام مؤتمر ميونخ الأمني في فبراير/شباط، إن الولايات المتحدة قد توصلت إلى أن روسيا ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا، و"سنواصل مساندة العملية القضائية في أوكرانيا والتحقيقات الدولية، لأن الواجب علينا تحقيق العدالة".
لم تتطرق هاريس إلى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية خصوصاً، لكن بيث فان شاك، السفيرة الأمريكية المعنية بالعدالة الجنائية العالمية، قالت الأسبوع الماضي في مؤتمر بمدينة لفيف الأوكرانية: "تحتل المحكمة الجنائية الدولية مكاناً مهماً في منظومة العدالة الدولية، والولايات المتحدة تدعم التحقيقات التي يجريها مدعو المحكمة".