في "هزة" جديدة تهدد تحالف المعارضة التركية، المنافس لأردوغان في الانتخابات الرئاسية 2023، انتاب القلق بعض العناصر القومية في الطاولة السداسية، بسبب دعوة حزب تركي مناصر للأكراد، لإجراء محادثات مع التحالف، لدعم المرشح المشترك في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في مايو/أيار.
إذ قدم مدحت سنجار، الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي اليساري، وهو ثالث أكبر حزب في البرلمان، الطلب الليلة الماضية بعد أن أعلن تحالف المعارضة المؤلف من ستة أحزاب أن كمال كليجدار أوغلو سيكون مرشحه في الانتخابات الرئاسية.
فيما قال مسؤولان في التحالف إن هناك مخاوف من أن مثل هذه المحادثات مع حزب الشعوب الديمقراطي، والمتهم في تركيا بدعم جماعات "مسلحة كردية"، مصنفة على قوائم الإرهاب، قد يقلل من دعم الناخبين القوميين المعادين لسياسات الحزب المناصرة للأكراد.
وينظر إلى حزب الشعوب الديمقراطي إلى حد كبير، بحسب وكالة رويترز، على أنه يلعب دوراً مؤثراً في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المتوقع إجراؤها في 14 مايو/أيار، ومن المرجح أن يحتاج تحالف المعارضة إلى دعم حزب الشعوب الديمقراطي للفوز في الانتخابات الرئاسية.
يضم تحالف الطاولة السداسية ديمقراطيين اشتراكيين وقوميين وعلمانيين وإسلاميين، وأعلن التكتل عن مرشحه بعد خلافات عميقة هزته.
أكبر مشكلة تواجه المعارضة
فيما دعا سنجار التحالف لإجراء محادثات قد تمهد الطريق لحزب الشعوب الديمقراطي لدعم كليجدار أوغلو، فيما قال مسؤول كبير بأحد أحزاب التحالف إن دعوة سنجار جاءت "قبل وقتها بعض الشيء"، مضيفاً أن كيفية تقديم حزب الشعوب الديمقراطي الدعم ستكون أكبر مشكلة تواجه المعارضة.
واضاف: "الدعم العلني من حزب الشعوب الديمقراطي سيأتي بردود فعل (سلبية)، لا سيما من الحزب الجيد وقواعده الشعبية"، وذلك في إشارة إلى ثاني أكبر حزب في التحالف.
وقال "دعم الحزب الجيد أمر بالغ الأهمية"، لكنه أضاف أنه قد يقوض الدعم من نواحٍ أخرى.
بدوره قال مسؤول بارز في حزب آخر بالتحالف، إن تأييد حزب الشعوب الديمقراطي العلني يمكن أن يؤثر على دعم الحزب الجيد بنحو 5%، وحزب الشعب الجمهوري بنحو 2 إلى 3%.
فيما لم يُشر كليجدار أوغلو، في خطاب ألقاه، إلى حزب الشعوب الديمقراطي، واكتفى بالقول إن الأحزاب الخمسة الأخرى ستساعد في تحقيق الفوز.
وقال المسؤول الثاني "لا بد من التوصل لتوازن دقيق للغاية هنا، وإلا فقد يكون هناك ثمن يتعين دفعه… الأصوات القادمة من حزب الشعوب الديمقراطي ربما تعادل تلك التي سيخسرها التحالف".
ورداً على سؤال حول الحوار المحتمل بين كليجدار وحزب الشعوب الديمقراطي، قالت ميرال أكشينار، زعيمة الحزب الجيد، لمحطة خبر ترك التركية، إن على الجميع احترام العلاقات بين الأحزاب السياسية الأخرى، لكنها قالت إن حزب الشعوب الديمقراطي لا يمكنه أبداً الانضمام إلى تحالفهم أو منحه حقيبة وزارية إذا فازت المعارضة.
وقال المسؤول الثاني، الذي لم يكن مخولاً بالتحدث بشكل رسمي، إن بعض الناخبين الأكراد لن يدعموا تحالف المعارضة، بسبب وجود الحزب الجيد فيه.
حزب "الشعوب الديمقراطية" أمام العدالة
يأتي هذا في وقت تنظر فيه المحكمة الدستورية حالياً في قضية إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي، بسبب صلات بمسلحين أكراد.
ولم يتضح بعد موعد إصدار الحكم، لكن المحكمة رفضت طلب حزب الشعوب الديمقراطي تأجيل الحكم إلى ما بعد الانتخابات، وجمدت المحكمة بالفعل الحسابات المصرفية للحزب.
وقال سنجار إن حزب الشعوب الديمقراطي لعب دوراً رئيسياً في خلق توازنات سياسية في تركيا. وسبق أن أشار حزب الشعوب الديمقراطي إلى أنه سيقدم مرشحاً في حالة عدم وجود محادثات، لكن سنجار قال إن الحزب يعيد النظر في ذلك بعد زلزال الشهر الماضي.
خلافات داخل الطاولة السداسية
في سياق متصل، أقرت أكشنار، التي تترأس ثاني أكبر حزب معارض، بوجود خلافات بين الأحزاب على الطاولة السداسية، مشيرة إلى أن اجتماع الخميس 2 مارس/آذار، الذي كان من المفترض أن يحدد المرشح الرئاسي شهد خلافاً بينها وبين بقية الأحزاب.
وقالت أكشنار: "ليس هناك أي سر، لقد خيّم جوّ ضبابي على اجتماع الخميس"، مشيرة إلى أنها كانت تطرح فكرة بينما الأحزاب الخمسة كانت متفقة، في إشارة إلى تسمية كليجدار مرشحاً للرئاسة.
والجمعة 3 مارس/آذار، هاجمت أكشنار "الطاولة السداسية"، وأوضحت أنها ترفض ترشيح كليجدار أوغلو، وأنها لا يمكنها الجلوس إلى "طاولة قمار"، مشيرة إلى أن الطاولة السداسية "لم تعد تمثل إرادة الشعب".
وبعد مفاوضات ولقاءات خاطفة بين أكشنار والأسماء الثلاثة البارزة من "الشعب الجمهوري"، قررت أكشنار العودة إلى الطاولة السداسية، كما أنها كانت حاضرة حين إعلان اسم كليجدار أوغلو مرشحاً مشتركاً للانتخابات الرئاسية.
في السياق، أشارت أكشنار خلال اللقاء التلفزيوني، إلى أنها تعرضت "للرجم بالحجارة" من الخميس إلى الأحد، الأسبوع الماضي، بسبب موقفها من المرشح الرئاسي، مضيفة: "بما أنني أديت فريضة الحج أعرف، لقد شعرت برجم الشيطان"، على حد تعبيرها.
مرشح المعارضة التركية
الإثنين 6 مارس/آذار، أعلنت الطاولة السداسية خارطة طريق مكونة من 12 مادة لإدارة البلاد بعد الانتخابات، وكانت المادة الأخيرة من أبرز المواد الـ12، حيث نصت على تعيين رئيسَي بلدية أنقرة وإسطنبول، نائبين لرئيس الجمهورية "في الوقت الذي يراه الرئيس مناسباً، وضمن واجبات محددة".
يُشار إلى أن "الطاولة السداسية" تضم 6 أحزاب، هي: الشعب الجمهوري، والجيد، والسعادة، والديمقراطي، والمستقبل، والديمقراطية والتقدم، وبينما يعتبر أول حزبين هما الأكبر، ويحجزان مقاعد داخل البرلمان، فإن الأربعة المتبقية لا تزال صغيرة وخارج البرلمان.
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء 1 مارس/آذار 2023، أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بتركيا ستُجرى في 14 مايو/أيار المقبل.