تسبب الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 فبراير/شباط 2023، بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات على حد سواء، حيث أسفر عن مقتل أكثر من 52 ألف شخص في كلا البلدين، في حين تتجاوز قيمة الأضرار المادية في تركيا وحدها 100 مليار دولار، بحسب ما قدّرت الأمم المتحدة.
إلى جانب ذلك، فقد الآلاف من الناجين مدخراتهم المالية من ذهب وغيره بين الركام، بينما يحاول بعضهم العثور على شيء منها تحت الأنقاض التي كانت قبل الزلزال منازلهم ومستودع ممتلكاتهم.
"فقدنا كل شيء تقريباً"
في وسط مدينة عثمانية بجنوب تركيا، ينتظر زوجان بجوار ركام مبنى من ثلاثة طوابق حيث كانا يعيشان، على أمل العثور على مدخراتهما من بين الأنقاض عند إزالتها، بحسب تقرير لوكالة رويترز.
ونجت ريحان فورال (48 عاماً) وزوجها متين (59 عاماً) من الزلزال المدمر، لكن كحال الكثير من الناجين، يعاني الزوجان بعد أن فقدا كل شيء تقريباً في الزلزال.
واحتفظت أسرة فورال وغيرها من الأسر بمدخراتها، التي ظلت تجمعها لعقود، في المنزل على شكل عملات ذهبية أو مجوهرات، وهي وسيلة تقليدية يتبعها المواطنون في تركيا والشرق الأوسط؛ إذ يرون أن اقتناء المعدن النفيس في المنزل أفضل من إيداع النقود في البنوك.
تقول ريحان فورال، وهي تشير إلى كومة الركام، حيث كان يقع منزلها بأحد الشوارع الهادئة: "كل شيء لدينا تحت الأنقاض.. كنا سنشتري منزلاً بالذهب الموجود الآن تحت الركام".
وتأتي ريحان مع زوجها إلى موقع الأنقاض كل يوم لمعرفة ما إذا كان بإمكانهما العثور على مقتنياتهما الثمينة. وقالت: "أعرف مكان الذهب، لذلك عندما تأتي معدات الحفر، سأطلب منها التوقف للحظة لمعرفة ما إذا كان بإمكاني إخراجه".
ويلجأ سكان تركيا لاقتناء الذهب أيضاً للتحوط من التضخم المتزايد والانخفاض الذي تشهده الليرة التركية في السنوات الماضية.
بينما تسارع السلطات لإزالة الأنقاض للتركيز على إعادة البناء من أجل الملايين الذين فقدوا منازلهم، لكن سكان المناطق التي ضربها الزلزال ما زالوا يذهبون إلى هناك وينتظرون بجوار الأنقاض وينبشون فيها؛ على أمل العثور على مقتنياتهم الثمينة.
مشغولات العروس الذهبية
خديجة يجيت (57 عاماً) ظلت ستة أيام تحت أنقاض مبنى سكني في أنطاكية قبل أن ينقذها عمال إغاثة بريطانيون.
وبعد أن تعافت، عادت إلى الموقع على أمل استرداد نحو 50 ألف ليرة تركية (2600 دولار)، معظمها في شكل ذهب، كانت قد ادخرتها لزواج ابنتها.
وقالت: "كل شيء هناك. حتى أحلامي هناك"، مضيفة أنها ستضطر لتأجيل زفاف ابنتها لبضع سنوات إذا لم تجده.
بدوره، فقد فادي قباني، وهو سوري من إدلب، زوجته وابنه (سبع سنوات) عندما انهار المبنى الذي كانت تعيش فيه الأسرة.
ويعيش قباني الآن في خيمة، لكنه قال إن الذهب الذي فقده قيمته ألف دولار. ورغم أن المبلغ ليس كبيراً إلا أنه كان سيوفر له ولابنه الآخر، الذي نجا من الكارثة، مسكناً وطعاماً أفضل. وقال إن الأمر استغرق أربعة أيام حتى يتمكن من استعادة جثة زوجته.
خسائر بـ100 مليار دولار
يُذكر أن الأمم المتحدة قدّرت أن قيمة الأضرار المادية في تركيا بسبب الزلزال المُدمر الذي ضربها في فبراير/شباط 2023، تتجاوز 100 مليار دولار، بحسب ما أعلنت لويزا فينتون، رئيسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تركيا، خلال مؤتمر من مدينة غازي عنتاب جنوبي البلاد، الثلاثاء 7 مارس/آذار.
وقالت فينتون: "بات من الواضح أن الأضرار المادية ستصل إلى أكثر من 100 مليار دولار"، مضيفة: "ستتجاوز أيضاً تكاليف إعادة الإعمار وكل ما يتعلق بإعادة الإعمار بطريقة أفضل وأكثر جودة من الناحية البيئية هذا المبلغ بالتأكيد"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
تستند هذه التقديرات إلى معطيات أولية، لكن قيمة 100 مليار دولار من الأضرار هي التي ستُطرح خلال مؤتمر للمانحين للمساعدة في إعادة الإعمار سيُعقد في 16 مارس/آذار في بروكسل، وفق فينتون.
كان البنك الدولي قد قدّر حجم الأضرار الناجمة عن الزلزال في تركيا بنحو 34.2 مليار دولار، ويعادل هذا المبلغ 4% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد لعام 2021، ولا يشمل كلفة إعادة الإعمار التي قد تصل إلى "ضعفي" المبلغ، وفقاً للوكالة الفرنسية.
كما قدّر البنك وصول أضرار الزلزال في سوريا لنحو 5.1 مليار دولار، إذ فاقمت الهزة الأرضية الدمار في بلد أنهكته بالفعل سنوات من الحرب الأهلية.
أضرار بآلاف المباني
وضرب زلزال جنوبي تركيا وشمالي غرب سوريا يوم 6 فبراير/شباط، بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر، وتبعه زلزال ثانٍ بقوة 7.6 بعد تسع ساعات، وأدى إلى مقتل نحو 46 ألف شخص وإصابة 105 آلاف في تركيا، فيما بلغ عدد الوفيات بسوريا 5914.
كما دمّر الزلزال أو ألحق أضراراً بنحو 214 ألف مبنى، بعضها يضم أكثر من 10 طوابق، في 11 محافظة تركية.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أشار إلى أن 3.3 مليون شخص أجبروا حتى الآن على مغادرة منطقة الزلزال، ويقيم حالياً أكثر من مليوني شخص في خيم ومساكن مؤقتة.
كذلك وعد أردوغان ببناء أكثر من 450 ألف منزل مع الالتزام بمعايير مقاومة الزلازل "خلال عام"، وبدفع 100 ألف ليرة تركية (حوالي 5 آلاف يورو) لأسر القتلى، كما تم التعهد بتقديم مساعدات خاصة لإعادة الانتقال تصل إلى 15 ألف ليرة تركية (750 يورو).