قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير نشرته، الثلاثاء 7 مارس/آذار 2023، إن إيران أعلنت عن أول اعتقالات مرتبطة بسلسلة من حالات التسمم المشتبه بها لطالبات المدارس التي اجتاحت البلاد وتسببت في ضجة كبيرة، وهو ما حاولت السلطات معه نفي مسؤوليتها عما يحدث.
في سياق متصل، نقلت وسائل إعلام حكومية إيرانية الثلاثاء، بياناً لوزارة الداخلية جاء فيه أن السلطات ألقت القبض على عدة أشخاص قالت إنهم على صلة بموجة تسميم في مدارس، واتهمت بعضهم بالتواصل مع "وسائل إعلام معارضة في الخارج" والضلوع في أعمال شغب وقعت في الآونة الأخيرة.
مئات الطالبات يتعرضن للتسمم في إيران
قالت وسائل إعلام حكومية ومسؤولون إن أكثر من ألف فتاة مرضن بعد تعرضهن للتسمم منذ نوفمبر/تشرين الثاني، واتهم ساسة جماعات دينية معارضة لتعليم الفتيات بالضلوع في العملية.
فيما ذكر بيان الوزارة، دون الإسهاب في تفاصيل، أن "ثلاثة من فريق من أربعة أشخاص ألقي القبض عليهم لديهم سجل في التورط في أعمال شغب وقعت في الآونة الأخيرة، وتأكدت صلتهم بوسائل إعلام معارضة في الخارج". وأضاف البيان أن السلطات ألقت القبض على عدة أشخاص في ستة أقاليم فيما يتعلق بقضية التسميم في المدارس.
من جانبه، قال نائب وزير الداخلية ماجد المرحمادي للتلفزيون الرسمي: "بناء على الإجراءات الاستخبارية والبحثية لأجهزة المخابرات، تم اعتقال عدد من الأشخاص في خمس محافظات، وتقوم الأجهزة المعنية بإجراء تحقيق كامل". ولم يقدم المرحمادي تفاصيل عن المعتقلين.
تأتي الاعتقالات في الوقت الذي تشن فيه طهران حملة على انتقادات طالتها بسبب تعاملها مع الأزمة، وقد تم استدعاء ثلاثة صحفيين وثلاثة معارضين، من بينهم أكاديمي متقاعد، للاستجواب بعد انتقادهم طريقة تعامل الحكومة مع الحوادث.
فيما نُقلت المزيد من الفتيات من مدارسهن في سيارات الإسعاف، في المقابل نظمت احتجاجات خارج وزارة التربية والتعليم في طهران. وبحسب ما ورد قُبض على قادة نقابات المعلمين خلال اشتباكات مع قوات الأمن.
من جهتها، دعت المنظمات الطبية السلطات لبذل المزيد من الجهد لحماية أطفال المدارس، وقالت إن الأجهزة الأمنية ربما تكون قد غضت الطرف عن متطرفين يُزعم أنهم يعاقبون الفتيات لمشاركتهن في حركة احتجاجية على مستوى البلاد أشعلتها الوفاة في حجز الشرطة لمهسا أميني في سبتمبر/أيلول من العام الماضي.
مزاعم تخص سبب التسمم
في سياق موازٍ، زعم مسؤولون من وزارة التعليم أن بعض الفتيات المصابات على الأقل لديهن شكل من أشكال "الهستيريا الجماعية".
حيث قال وزير التعليم يوسف نوري إن 95% من الفتيات اللائي يذهبن إلى المستشفيات أو المراكز الطبية لا يعانين من مشكلة طبية – فقط الخوف والقلق – بينما كان لدى القليل منهن أمراض كامنة. وحث أولياء الأمور على الاهتمام فقط بالمعلومات التي تنقلها وسائل الإعلام الرسمية الموثوقة، مضيفاً أنه "كان من الطبيعي أن يتآمر عدونا على إغلاق المدارس ومنع الطلاب من الدراسة".
جاءت تصريحاته بعد وقت قصير من نشر وزارة الصحة الإيرانية التقرير الأول عن تحقيق لجنتها العلمية في حالات التسمم المشتبه بها. وأعلنت اللجنة أن "بعض الطلاب تعرضوا لمادة مهيجة يتم استنشاقها بالأساس".
نقلت وكالة أنباء تسنيم المحلية عن مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، قوله إنه "بناء على معلومات وتحقيقات أجهزة الأمن، تم اعتقال بعض الأشخاص في 5 محافظات، وتقوم الأجهزة المعنية بالتحقيق بشكل كامل". وأضاف: "سيتم إعلان النتائج بمجرد اكتمال التحقيقات والحصول على نتائج واضحة".
خامنئي يطالب بمتابعة القضية
جاء هذا الإعلان غداة دعوة المرشد الإيراني علي خامنئي، مسؤولي البلاد لمتابعة قضية تسمم الطالبات "بجدية" قائلاً إنها "جريمة كبيرة لا تغتفر".
خلال الأشهر الأخيرة، أبلغت عدة مدارس في العاصمة طهران عن حالات مرض غامض أرسل مئات من طالبات المدارس إلى المستشفيات. وبحسب إعلام محلي، فقد تم تسجيل عشرات حالات تسمم الطالبات بمدرسة في برديس، وهي ضاحية تقع على بعد 17 كلم شمال شرق طهران، كما وردت تقارير مماثلة من غرب العاصمة.
تم إدخال المئات من طالبات المدارس إلى المستشفيات في مدن مختلفة بأنحاء البلاد منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، فيما وصف بأنه "موجة من مرض غامض".
رغم أن العدد الدقيق للطالبات المتأثرات بالتسمم غير معروف حتى الآن، فقد قدر أحد كبار النواب الأربعاء الماضي، الرقم مبدئياً "بنحو 900".
في حين أعلن المدعي العام في طهران علي صالحي، تشكيل لجنة خاصة لمتابعة القضية، محذراً من أن "الجناة" سيواجهون عقوبات قانونية صارمة.