عمت إضرابات، الثلاثاء 7 مارس/آذار 2023 أنحاء فرنسا؛ احتجاجاً على مشروع تعديل نظام التقاعد المثير للجدل، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية، وأدت الإضرابات والاحتجاجات التي شارك فيها آلاف المتظاهرين في عدة مدن إلى تعطل حركة النقل وإغلاق بعض المدارس وتكدس النفايات وتوقف شاحنات الوقود، وفق موقع "فرانس24".
كما تأثرت حركة النقل بين فرنسا وبريطانيا مع إلغاء عشرات الرحلات وخطوط القطارات وتأخر في مواعيد العبارات البحرية. وألغت شركة السكك الحديد الوطنية SNCF 80% من الرحلات المحلية، مع خفض الرحلات الدولية أو وقفها بين فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا، حسب الموقع.
خلاف حول نظام التقاعد في فرنسا
ينص التعديل الأبرز على نظام التقاعد، في تأخير سن التقاعد من 62 حالياً إلى 64 عاماً، في وقت تواجه فرنسا أزمات متصاعدة بسبب ارتفاع نسبة الشيخوخة في البلاد.
شهدت حركة النقل اضطراباً أيضاً في مترو العاصمة باريس؛ حيث لم تعد الحركة عادية إلا على الخطين 1 و14. وعلى صعيد حركة الطيران، طلبت المديرية العامة للطيران المدني من الشركات خفض جدول رحلاتها بنسبة 20 إلى 30% يومي الثلاثاء والأربعاء.
أوضح الموقع أن 32.71% من معلمي المرحلة الابتدائية والثانوية شاركوا في الإضراب، بحسب وزارة التعليم ولكن نقابتي Snuipp-FSU وSnes-FSU قالتا إن معدلات الإضراب بين المعلمين لا تقل عن 60%.
من المرتقب أن يعقد اجتماع جديد مساء اليوم الثلاثاء لاتخاذ قرار حول كيفية مواصلة التحركات ضد المشروع، حسب الموقع. وتصر الحكومة الفرنسية على عدم التراجع عن رفع سن التقاعد إلى 64 عاماً.
النقابات الفرنسية ترفض قانون التقاعد
من جهتها، ترفض النقابات بالإجماع والقسم الأكبر من قوى المعارضة وغالبية كبرى من الفرنسيين، بحسب استطلاعات الرأي، البند الأساسي في هذا الإصلاح والقاضي بإرجاء سن التقاعد من 62 إلى 64 عاماً.
وفي محاولة لدفع الحكومة للعدول عن المشروع، وقبل تمديد الإضرابات المحتملة في الأيام المقبلة، تواصل النقابات مجتمعة سعيها لوقف دورة الحياة الثلاثاء "في فرنسا". ومن المرتقب أن يعقد اجتماع جديد مساء لاتخاذ قرار حول كيفية مواصلة التحركات.
من جهته، رحب الأمين العام لنقابة الاتحاد الديمقراطي للعمل (سي.إف.دي. تي) لوران بيرجيه بـ"تعبئة تاريخية"، فيما أكد نظيره في "الكونفدرالية العامة للعمل" (سي.جي.تي) فيليب مارتينيز قبل انطلاق المظاهرة في باريس: "سيكون هذا أقوى يوم تعبئة منذ بداية" التحركات.
في كليرمون-فيران (وسط) يتظاهر كيفن فيريرا للمرة الأولى؛ لأنه لا يرغب في "العمل سنتين إضافيتين". في سن الثلاثين يقول هذا الشاب الذي يعتمد على ذراعيه إنه "ليس أكيداً أنه سيعيش حتى سن 62" بالتالي "لا أتخيل الوصول إلى سن 64".
أما في محطة حافلات في باريس، اختلط عشرات الطلاب بأعضاء الجمعية العامة للسائقين. يقول يوري لو ميرور (21 عاماً): "من المهم منع تمرير هذا الإصلاح"، وإلا فإن الحكومة الفرنسية "ستحاول تمرير أي شيء كان سواء بالنسبة للهجرة أو الخدمة العسكرية المصغرة التي لا ينبغي إقرارها".
في باريس، كانت محارق النفايات الثلاث غير عاملة وتوقف جمع النفايات في بعض أحياء العاصمة.
قبل انطلاق المتظاهرين في مرسيليا (جنوب)، قدر رئيس حركة "فرنسا الأبية" جان لوك ميلنشون أن ماكرون "يجب أن يجد مخرجاً" أو "حتى يحل الجمعية الوطنية" أو أن "يجري استفتاء".
فيما تكشف استطلاعات الرأي المتكررة أن الفرنسيين بغالبية واسعة يعارضون الإصلاح مع أنهم يرون أنه سيقر في نهاية المطاف.
ماكرون يراهن بهذه الخطوة
يراهن إيمانويل ماكرون بقسم كبير من رصيده السياسي على هذا الإجراء البارز في ولايته الثانية، ما يدل على الرغبة التي عبر عنها في الإصلاح، لكنها اليوم تعكس استياء قسم من الفرنسيين منه.
تجدر الإشارة إلى أن فرنسا هي إحدى الدول الأوروبية التي تعد فيها سن التقاعد بين الأدنى.
فيما سيشهد الأسبوع الراهن تحركات أخرى بموازاة نقاشات مجلس الشيوخ الفرنسي لمشروع الإصلاح والتي تختتم الجمعة. فثمة إضرابات نسوية في 8 مارس/آذار 2023، وفي اليوم العالمي لحقوق المرأة وتعبئة لصفوف الشباب الخميس وإضراب وطني من أجل المناخ الجمعة، وهي مشكلة تربطها بعض النقابات بمشكلة نظام التقاعد.
من جهة أخرى، تعوّل الحكومة على إقرار مجلس الشيوخ للمشروع بحلول الأحد وعلى "تصويت في 16 مارس/آذار" في مجلسي البرلمان الفرنسي.
أوضح المصدر نفسه "في حال أقر الإصلاح من غير المرجح أن تبقى التعبئة عند هذا المستوى"، معولاً على انسحاب أكثر النقابات اعتدالاً. ورداً على سؤال لإذاعة "آر تي إل" مساء الإثنين حذر لوران إسكور من نقابة Unsa من أن التعبئة لن تنتهي بالضرورة مع إقرار المشروع، مؤكداً أن "القانون الذي يقر يمكن أن يلغى".