جدد المسؤولون الإسبان جهودهم لجعل واشنطن تنقل عشرات الآلاف من الأمتار المكعبة من التربة الملوثة إلى الولايات المتحدة لتخزينها هناك، وذلك بعد مرور ما يقرب من 60 عاماً على حادث تصادم في الجو تسبب في سقوط أربع قنابل هيدروجينية أمريكية على جنوب شرق إسبانيا؛ مما أدى إلى نثر البلوتونيوم المُشِع عبر الأراضي.
ووفقاً لما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، أكد مصدر في وزارة الخارجية الإسبانية، أنها طلبت رسمياً من الولايات المتحدة اتخاذ إجراء لإزالة الأرض المُشِعة ويتماشى الطلب مع اتفاقية غير مُلزِمَة أبرمتها البلدان في عام 2015، التي تضمّنت تعهداً أمريكياً "بترتيب التخلص من الأرض الملوثة في موقع مناسب في الولايات المتحدة".
ونظراً لأنَّ الولايات المتحدة لم ترُد رسمياً بعد، رفض المصدر تقديم مزيد من التفاصيل. وقالت صحيفة El País الإسبانية، التي نشرت الخبر لأول مرة، إنَّ الطلب قُدِّم قبل بضعة أشهر. ولم ترد الإدارة الأمريكية على طلب للتعليق.
ويمثل هذا الطلب أحدث فصل في ملحمة تعود إلى يناير/كانون الثاني 1966 عندما اصطدمت قاذفة أمريكية من طراز "بي -52" مُحمَّلة بأسلحة نووية بطائرة صهريجية أثناء عملية إعادة التزود بالوقود في الجو قبالة سواحل ألميريا بإسبانيا. وقُتِل 7 من طاقم الطائرتين البالغ عددهم 11 فرداً.
فيما سقطت 4 قنابل هيدروجينية من طائرة "بي -52″، وعُثِر على إحداها سليمة في وقت لاحق في البحر المتوسط بينما تحطمت الثلاث الأخرى على الأرض بالقرب من قرية بالوماريس الساحلية، وفي حين أنَّ القنابل لم تنفجر، انطلقت اثنتان من أجهزة التفجير المملوءة بالبلوتونيوم؛ مما أدى إلى نثر 7 أرطال (3.17 كيلوغرام) من "البلوتونيوم – 239" المُشِع عبر الأرض.
وأرسلت الولايات المتحدة نحو 1600 جندي إلى موقع التحطم لاستعادة الأسلحة وتنظيف التلوث. كما شُحِنت نحو 1400 طن من التربة الملوثة إلى منشأة في ولاية كارولينا الجنوبية.
وحرص كلا البلدين على التهوين من شأن الاصطدام الذي حدث في ذروة الحرب الباردة حين كانت إسبانيا في قبضة ديكتاتورية فرانثيسكو فرانكو.
وعادت المخاوف بشأن الآثار الباقية من التصادم إلى دائرة الضوء في عام 2007، بعدما أشارت دراسة إلى أنَّ مساحة تصل إلى 50000 متر مربع لا تزال ملوثة. وطُوِّقَت المنطقة المتضررة بسياجٍ ومُنِع استخدامها للزراعة أو التنمية.
اتفاقية بين أمريكا وإسبانيا
وفي عام 2015 وقّعت مدريد وواشنطن اتفاقية للتفاوض بشأن صفقة مُلزِمَة لإصلاح الموقع. وخلال مؤتمر صحفي مشترك، قال وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، جون كيري، مع نظيره الإسباني في ذلك الوقت خوسيه مانويل غارسيا مارغالو: "علينا أن نبني على توقيع اليوم لاتخاذ مزيد من الإجراءات لحل هذه القضية حلاً شاملاً ونهائياً".
ومع ذلك، لم تُتخَذ الكثير من الخطوات لتنفيذ الاتفاقية؛ لأنَّ الانتخابات جاءت بتغييرات في إسبانيا والولايات المتحدة. وصرحت مصادر لصحيفة El País بأنَّ قرار الحكومة الإسبانية الأخير لإثارة القضية مرة أخرى مع الولايات المتحدة كان مدفوعاً بالتقييم بأنَّ العلاقات الثنائية "في أفضل حالاتها منذ سنوات"، تاركة مدريد تأمل في إمكانية إحراز بعض التقدم قبل أن تتوجه إسبانيا إلى اقتراع للانتخابات العامة نهاية العام.