وصف المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، الإثنين 6 مارس/آذار 2023، تسميم تلميذات إيرانيات خلال الشهور القليلة الماضية بأنه جريمة "لا تغتفر"، حيث تم نقل مئات الفتيات للمستشفى، في حادثة أثارت غضباً ومخاوف واسعة بالبلاد، ودعوات للسلطات بالتحرك.
وسائل إعلام رسمية نقلت عن خامنئي قوله إن "على السلطات تتبع قضية تسميم التلميذات بجدية، هذه جريمة لا تغتفر… يجب معاقبة مرتكبي هذه الجريمة بقسوة"، بحسب ما أوردته وكالة رويترز.
تأتي تصريحات خامنئي فيما استمر التسمّم الذي يطول التلميذات، حيث تمّ تسجيل حالات جديدة يوم الأحد 5 مارس/آذار 2023 في عدّة مناطق، وسط غموض يلف القضية.
وكالة الأنباء الإيرانية "إسنا" نقلت، أمس الأحد، عن مسؤولين صحيين محليين، قولهم إنه تم الإبلاغ عن تسمّم عدد من الطالبات في مدرستين ثانويتين للبنات، في أبهار (غرب) والأهواز (جنوب غرب)، وفي مدرسة ابتدائية في زنجان (غرب).
كما طالت حالات التسمّم تلميذات في مدارس مدينة مشهد المقدّسة (شمال شرق) وشيراز (جنوب) وأصفهان (وسط)، بحسب وكالتي الأنباء "مهر" و"إيلنا".
وتعرّضت مئات التلميذات لتسمّم بالغاز في عشرات من مراكز التعليم خلال الأشهر الثلاثة الفائتة، وفقاً للأرقام الرسمية، إذ تستنشق التلميذات في مدارسهن روائح كريهة أو غير معروفة، ثمّ تظهر عليهن عوارض مثل الغثيان وضيق التنفّس والدوار.
رغم نقل بعضهن إلى المستشفى لفترة وجيزة، إلّا أنّ أيّاً منهن لم تتأثّر بشكل خطير إلى الآن، وقالت تلميذة للتلفزيون: "انتشرت رائحة كريهة للغاية فجأة، وشعرت بإعياء، وسقطت على الأرض".
كذلك، قالت باراستو، وهي طالبة في مدرسة بروجرد (غرب)، لصحيفة "هام ميهان" إنها نُقلت إلى المستشفى بعدما "شعرت بغثيان وألم شديد" في صدرها.
من جانبه، أوضح طبيب طوارئ في مستشفى بمدينة بروجرد أنّ "غالبية الطالبات" يُظهرن "عوارض صداع، ومشاكل تنفسية، وخمولاً، وغثياناً، وانخفاضاً بضغط الدم".
خوف بين الأهالي
أثارت حالات تسمم الفتيات حالة من الذعر بين عائلاتهن، وحثّت والدة إحدى الطالبات السلطات على وضع كاميرات أمام المؤسّسات وحراسة الباب لـ"معرفة من يدخل ومن يغادر" من أجل حماية الأطفال، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
كذلك طالب الأهالي في مدن عدة السلطات بالتصرّف من دون تأخير، وخلال لقاء مع وزير التربية في قم، دعا آية الله عبد الله جوادي آملي المسؤولين إلى "حلّ المشكلة في أسرع وقت ممكن" من أجل "طمأنة الأمة"، وقال: "إنه لأمر مخيف أن نرى أنّ مصدر تسمّم الطلّاب لم يتحدّد بعد".
كان وزير الداخلية أحمد وحيدي، قد أعلن في بيان نشر مساء السبت 4 مارس/آذار 2023 عن اكتشاف "عينات مشبوهة" خلال "البحث الميداني"، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
من جهته، طالب الرئيس إبراهيم رئيسي، يوم الجمعة الماضي، وزارتي الداخلية والاستخبارات بـ"إفشال مؤامرة العدو الهادفة الى بث الخوف واليأس بين السكان".
بدوره، أشار رئيس منظمة الدفاع المدني الإيراني العميد غلام رضا جلالي، إلى أنّ مدارس البلاد "غارقة في حالة من الذعر الاجتماعي"، وقال: "أنا لا أقول إنّ حالات التسمّم ليست حقيقية، لكن غرس الخوف العام قد يزيد بشكل كبير من عدد الضحايا".
فيما لم تعثر السلطات بعد على المسؤولين عن حالات التسمم، فإن نائب وزير الداخلية ماجد مرحمدي، اتهم "مسببي حالات تسمم الفتيات" بالرغبة في "إغلاق المدارس" و"إلقاء اللوم على النظام" من أجل "إحياء أعمال الشغب الخامدة".
يشير مرحمدي بذلك إلى حركة الاحتجاج التي اندلعت في إيران منذ وفاة الشابة مهسا أميني في 16 أيلول/سبتمبر، بعد أيام على اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة في البلاد.