قال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، إن الفساد تسبب في انهيار اقتصادي في ماليزيا، حتى إنه لم يعد ينظر إليها كنموذج نهضوي إسلامي، مؤكداً أن لجنة العمل الخاصة بتتبع الأموال المنهوبة في قضية الصندوق السيادي الماليزي لا تزال تعمل لاستعادة أكبر قدر ممكن من تلك الأموال البالغة نحو 35 مليار دولار.
جاء ذلك خلال لقاء خاص مع برنامج المقابلة على قناة الجزيرة الفضائية، الأحد 5 مارس/آذار 2023، وأكد رئيس الوزراء الماليزي، أن بلاده ستنهض مرة أخرى، وأنه يعمل على تحقيق ذلك من خلال الحوكمة ومكافحة الفساد وبناء الاقتصاد.
وقال إبراهيم إن ماليزيا حققت في السابق مستوى معيناً من النجاح، خاصة على المستوى الاقتصادي، لكن هذا النجاح انهار، والبلاد تواجه اليوم تحديات اقتصادية صعبة.
وتابع إبراهيم: "في بلادنا هناك تفاوت بين الأغنياء والفقراء، وهناك الفقر المدقع خاصة بين أغلبية المسلمين والملايو، رغم أن ماليزيا تتمتع بوفرة من النفط والغاز والزراعة والصناعة".
حجم الفساد في ماليزيا
وحول حجم الفساد، كشف عن أن الفساد في ماليزيا كبير وتعكسه فضيحة "الصندوق السيادي الماليزي"، التي أثرت سلباً على الاقتصاد، حيث بلغ حجم الأموال المنهوبة في قضية الصندوق 35 مليار دولار، مؤكداً أن الدولة تمكنت من استرداد 50% من تلك الأموال، وتواصل جهودها من أجل استرداد المزيد منها.
وفي عام 2009، أنشئ الصندوق من قبل رئيس الوزراء الماليزي الأسبق نجيب عبد الرزاق، وجمع وقتها أموالاً قدرت بـ12 مليار دولار، كان يفترض ضخها في مشروع لإنشاء عاصمة مالية جديدة ومشاريع تنموية أخرى، لكن تحويلات مالية مشبوهة مرتبطة بالصندوق فجرت فضيحة عام 2015، وأدين بسببها عبد الرزاق بتهم شملت سوء استغلال السلطة وخيانة الأمانة، بعد اختلاس أموال من أحد فروع الصندوق السيادي.
ووفقاً لوزارة العدل الأمريكية، فإنه تم تدفق 4.5 مليارات دولار من الصندوق لشركات وهمية مارست الاحتيال لتمويل إسراف وفساد المسؤولين عن الصندوق السيادي الماليزي.
وعلى الرغم من إقرار إبراهيم بحجم الفساد الذي ينخر جسم الدولة الماليزية، فإن رئيس الوزراء الماليزي أكد أن مهمته كرئيس وزراء ووزير للمالية في الوقت نفسه هي العمل من أجل تطهير البلاد من الفساد والفاسدين، مؤكداً أنه لن يتسامح مع أية تجاوزات، وأي زعيم أو سياسي تثبت عليه التهمة ستتم إقالته.
كما دعا إبراهيم المجتمع الدولي إلى عدم إلقاء اللوم في قضية الفساد على الحكومة الحالية، وعدّ ذلك من الماضي، مؤكداً حاجة ماليزيا لكسب ثقة المستثمرين الأجانب.
الصين شريك رئيسي
وبخصوص اتجاهات السياسة الخارجية لماليزيا في عهده، وصف إبراهيم الصراع بين الولايات المتحدة والصين بالأمر المؤسف الذي يسبب لبلاده الكثير من المشاكل، خاصة أنها بلد تجاري يعتمد على بكين التي تعد دولة جارة مهمة للغاية وشريكاً تجارياً رئيسياً لبلاده، التي تنخرط في الوقت عينه في علاقات ودية للغاية مع واشنطن.
وعن دور ماليزيا على مستوى العالم الإسلامي، نوّه إبراهيم -الذي يعد من رواد التيار الإسلامي الإصلاحي في بلاده- إلى أن ماليزيا كانت داعمة لعلاقات العمل، سواء من خلال المؤتمر الإسلامي أم العلاقات الثنائية، وستستمر في هذا الدور، مشيراً إلى أنه يتطلع شخصياً للتعامل مع البلدان الإسلامية وزيارة بعضها مثل السعودية.
يذكر أن إبراهيم -الذي تقلّد منصب رئيس الوزراء في ماليزيا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022- التحق عام 1982 بحزب المنظمة الوطنية الملاوية المتحدة (أمنو)، وارتقى سريعاً داخل الحزب وأصبح أحد أبرز شخصياته.
وشغل وزارات عدة بين عامي 1983 و1998؛ أهمها المالية والزراعة والتنمية، وفي عام 1997 توترت علاقته مع رئيس الوزراء الأسبق مهاتير محمد.
واتهم بالفساد وصدر ضده حكم بالسجن بعد إدانته عام 1998، وفي عام 2004 حكم عليه بالبراءة وأطلق سراحه. ثم عاد الى السياسة وانتخب نائباً في البرلمان الماليزي عام 2008، حيث طالب بإجراء إصلاحات. وبين عامي 2009 و2015 تزعم المعارضة في البرلمان، ودافع عن حرية الصحافة والاقتصاد الحر وطالب بمكافحة الفساد.
وفي عام 2018، تحالف مع مهاتير محمد وفازا بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية عام 2018، ليكلف عام 2022 بتشكيل الحكومة بعد تصدر "تحالف الأمل" الذي يتزعمه الانتخابات العامة في 2020.