ألمح وزير الاستثمار في السعودية، خالد بن عبد العزيز الفالح، إلى تطبيق إعفاء من الضرائب للشركات متعددة الجنسيات، التي نقلت مقرها الإقليمي إلى المملكة هذا العام، من أجل الحصول على عقود حكومية مربحة، وذلك في وقت يخشى فيه مدراء تنفيذيون من أن يضطروا إلى دفع ضرائب ضخمة.
صحيفة The Financial Times البريطانية، قالت السبت 4 مارس/آذار 2023، إن هذا الإعلان يأتي في وقت ترددت فيه مخاوف من مسؤولين تنفيذيين، بشأن إمكان فرض الضرائب على شركاتهم في أكثر من ولاية قضائية (الدول التي تقع فيها مقرات الشركة بالإقليم).
نقلت الصحيفة عن مديرين تنفيذيين قولهم إن تفاصيل النظام الضريبي ما زالت لم تتضح لديهم بعد عامين من إبلاغهم بالموعد النهائي للنقل، وذكر عدد منهم أنه إذا لم يكن هناك توافق ضريبي بين الرياض ودول الخليج التي تضم مقرات تابعة لإشراف المقر الإقليمي، فإن الشركات التابعة يمكن أن تُفرض عليها ضرائب الأرباح مرتين.
أحد المديرين التنفيذيين، قال إنه "بمجرد تحديد هذا الكيان مكتباً رئيسياً لك في الإقليم، يمكن أن تخضع جميع أرباحك الإقليمية للضرائب في السعودية"، و"قد تسبب ذلك الاحتمال في خشية وذعر في السوق بأكمله".
بحسب وزير الاستثمار السعودي، الفالح، فإن بلاده ستصدر عن قريب بياناً لتوضيح اللوائح، وكانت السعودية قد أعلنت في عام 2021 عن برنامجها لجذب المقرات الإقليمية للشركات، فأثار ذلك موجات من الصدمة لدى دولة الإمارات، التي تضم معظم المقرات الرئيسية للشركات الكبرى في الإقليم.
الفالح قال في تصريح لصحيفة The Financial Times: إن "الأمور ستسير كالمعتاد للشركات في السعودية وخارجها"، فالعمليات التي تجري خارج المملكة "ستُفرض الضرائب عليها في البلد الذي تقع فيه الكيانات التي أجرت تلك العمليات"، و"لن يحدث تضارب أو اختلاط مع عمليات المقرات الإقليمية".
أوضح الفالح أن "المبدأ التوجيهي الذي سيُعمل به هو أن المقر الإقليمي لشركة كذا ذات الأغراض الخاصة، التي أُنشئت في المملكة، لن يفرض ضرائب إلا على أرباحها المحدودة -لا شيء تقريباً- التي حققتها داخل مقرها الإقليمي (…) ومن المرجح أن يُمنح المقر الإقليمي للشركة إعفاء ضريبياً".
كذلك لفت الفالح إلى أن "المملكة لا تريد تحميل الشركات تكاليف إضافية"، وقال: "أدركنا أنه يتعين علينا بذل ما في وسعنا بالسياسات والتنظيم لكي لا تتعرض الشركات لمخاطر أو تكاليف إضافية من الولايات القضائية الأخرى التي تدير منها عملياتها في الإقليم، والضرائب هي أكبر هذه التكاليف بالطبع".
تنويع اقتصاد السعودية
تُعد خطة اجتذاب المقرات الإقليمية للشركات جزءاً من خطة طموح، أقرتها المملكة لتقليل الاعتماد على عائدات النفط، من خلال التحوّل إلى مركز للتجارة والتمويل، ومن المقرر أن تنفق الشركات المملوكة للدولة، والمهيمنة على اقتصاد البلاد، مئات المليارات من الدولارات على مشروعات جديدة خلال العقد المقبل، والغاية من ذلك اجتذاب الشركات متعددة الجنسيات إلى المملكة.
بحسب الصحيفة البريطانية، أصدرت المملكة بالفعل تراخيص لنحو 80 شركة، منها "يونيليفر" البريطانية و"سيمنز" الألمانية، لنقل مقراتها الإقليمية إلى المملكة، ومن المتوقع أن تقع مقرات العديد منها في حي الملك عبد الله المالي بالرياض.
كذلك أعلنت شركة "بيبسي" هذا الشهر أنها نقلت مقرها الرئيسي في الإقليم إلى السعودية.
هذه الخطة السعودية لجذب الشركات، لفتت الأنظار إلى المنافسة المتزايدة بين المملكة والإمارات، التي ظلت طيلة سنوات الوجهة المفضلة للمقرات الإقليمية للشركات متعددة الجنسيات باتِّباعها مبدأ عدم التدخل في الأعمال التجارية، ونمط المعيشة الليبرالي اجتماعياً، وتوفيرها المطارات المحورية في المنطقة.
مالت شركات عديدة إلى أنها ليس لديها خيار سوى الانتقال إلى المملكة إذا أرادت الفوز بعقود حكومية مربحة هناك، وازدادت أهمية الأمر في ظل أن السعودية هي أسرع اقتصادات مجموعة العشرين نمواً، وقد خصصت عشرات المليارات للإنفاق على مشروعات ضخمة، مثل مشروع مدينة نيوم الجديدة.
يُشير مايكل بيسي، من مجموعة ألبرايت ستونبريدج للاستشارات، إلى أن أحدث المعلومات الواردة من وزارة الاستثمار السعودية هي أن المقر الإقليمي للشركة في السعودية يجب أن يكون القاعدة للشركة في المنطقة بأكملها.
أضاف بيسي: "صارت المتطلبات أكثر حزماً، والشركة التي تواصل الاعتماد على دبي مقراً إقليمياً لأعمالها [في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا] لن تُقبل في السعودية على الأرجح".