عاد مجدداً الجدل في المغرب بخصوص المساواة في الإرث بين الذكور والإناث، مع تصاعد دعوات منظمات وهيئات حقوقية لإعادة النظر في ما يعرف في المملكة بـ"قانون الأسرة"، إلا أن الأحزاب المحافظة في المغرب، وفي مقدمتها حزب العدالة والتنمية يعتبر ذلك "خطراً يهدد المغرب".
حيث اتهم عبد الإله بن كيران، أمين عام حزب "العدالة والتنمية" المعارض، السبت 4 مارس/آذار 2023، في بث مباشر عبر حسابه في فيسبوك، "جهات خارجية" بالوقوف وراء دعوات المساواة في الإرث بين الذكور والإناث في المملكة، وفق ما ذكرته وكالة الأناضول.
"خطر يهدِّد المغرب"
قال بن كيران إن: "جهات خارجية تشتغل على موضوع المطالبة بالمناصفة في الإرث". وتابع: "هذه الجهات (لم يحددها) لها فلسفة تسير في اتجاه أنه ليس هناك رجل وامرأة، وإنما هناك الكائن البشري الذي يجب التعامل معه بنفس الطريقة في كل شيء".
كما اعتبر رئيس الحكومة المغربي الأسبق أن موضوع المساواة في الإرث "هذا فساد في الرأي وظلم كبير للمرأة وللرجل، وللمرأة أكثر"، محذراً من "خطر يهدد المغرب، وجرأة غير مسبوقة وتحدٍّ صارخ للآيات القرآنية القطعية الدلالة، المتعلقة بالإرث".
فيما أعرب بن كيران عن استعداد حزبه لـ"مناقشة بنود مدوّنة (قانون) الأسرة لرفع الضرر عن المرأة أو الطفل أو الرجل، دون المسّ بالأحكام القطعية للشريعة الإسلامية".
بينما أشار إلى أن: "المدوّنة ليست نصاً مقدّساً، لكنها تحوي بنوداً مقدسة يجب عدم الاقتراب منها"، داعياً إلى "إطفاء نار الفتنة والإعراض عن دعوات المناصفة في الميراث".
كما قال بن كيران: "المغرب جماعة مسلمة اختارت أن تعيش باجتهادها ونظامها السياسي منذ 12 قرناً، ووقفت لصدّ المد الصليبي، ويجب اليوم العمل يداً بيد للحفاظ على وحدة الدولة"، وفق تعبيره.
صراع المساواة في الإرث
لا يكاد يهدأ الصراع بين من يوصفون بـ"المحافظين" و"الحداثيين" في المغرب بشأن قضية أو حادثة، حتى يتجدد في أخرى، قبل أن يتخذ الطرفان أرض "المساواة في الإرث" مسرحاً لأحدث صراعاتهما، وغالباً ما تكون قضايا "الهوية" أشدّها.
حيث ترى أحزاب وهيئات رسمية وغير رسمية "ضرورة لإعادة النظر وتعديل قانون الأسرة"، في حين تدعو أخرى إلى "إعادة النظر في الإرث". وطالبت هيئة مغربية رسمية الثلاثاء 28 فبراير/شباط الماضي، بمراجعة "قانون الأسرة" (اعتُمد عام 2004) في البلاد، لتحقيق المساواة بين الرجال والنساء.
ينصّ قانون الأسرة المغربي على المساواة بين الزوجين، وتحديد سن الزواج لكل من الزوجين بعمر 18 سنة (مع استثناءات يوافق عليها القاضي)، ووضع الأسرة تحت رعاية ومسؤولية الزوجين، ووضع الطلاق تحت مراقبة القضاء.
كما ينصّ القانون على إحداث أقسام لقضاء الأسرة بالمحاكم، واستفادة الزوجة المطلقة من الأموال المكتسبة أثناء حالة الزواج.
المغاربة يرفضون أي تعديل
خلال شهر يونيو/حزيران من العام الماضي، أظهرت نتائج دراسة أنجزتها "جمعية النساء المغربيات للبحث والتنمية"، بشراكة مع "المنظمة المغربية لحقوق الإنسان"، هيمنة الرأي الرافض لأي تعديل لمنظومة الإرث وسط المجتمع المغربي.
حيث أفادت الدراسة بأن 86.6% يعرفون قواعد نظام الميراث، 90.4% منهم في الوسط الحضري، و79.5% في الوسط القروي.
كما عبّر 82% من المستجوبين عن أنهم يؤيدون قاعدة "صف النصيب للفتاة"، ويؤيد 73.6% هذه القاعدة حتى داخل الأسر التي ليس لها ذكور، ويبرر 89.7% موقفهم لكون هذه القاعدة لها مرجعية دينية.
أما قاعدة منع التوارث على أساس الاختلاف في العقيدة، فقد عبر 52% من المستجوبين عن تأييدهم لمنع التوارث بين مسلم وغير مسلمة، ويرجع 87.4% منهم موقفهم من هذه القاعدة إلى أسباب دينية.