قالت منظمات حقوقية مصرية ودولية، إنها وثقت وفاة عدد من المعتقلين في أحد السجون التي بنتها السلطات المصرية واعتبرتها "نموذجية"، وأدانت الظروف التي يعيش فيها السجناء وأشارت إلى أنها كانت سبباً في وفاتهم، وذلك في وقت كشفت فيه رسائل مسربة من داخل السجن عن جانب من الحياة الصعبة للمعتقلين.
كان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد أعلن في 11 سبتمبر/أيلول 2021، عن تدشين "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، التي تتضمن خطةً لتحديث السجون، وبعد فترةٍ وجيزة، افتتحت السلطات مجمعي سجون كبيرين، في بدر ووادي النطرون، وبعدها بعامٍ واحد، بدأت السلطات في نقل السجناء السياسيين إلى المنشآت الجديدة.
روّج السيسي لمنشآت السجون الجديدة باعتبارها "نموذجاً" في الامتثال لحقوق الإنسان، لكن الجماعات الحقوقية انتقدتها، لأنها لا تستوفي المعايير الدولية، بحسب ما ذكره تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني، الأربعاء 1 مارس/آذار 2023.
يقع مجمع سجون بدر على بُعد 70 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتم افتتاحه في ديسمبر/كانون الأول عام 2021، وأُطلِق عليه رسمياً اسم "مركز الإصلاح والتأهيل بمدينة بدر".
يتضمن المجمع ثلاثة سجون، بينها سجن بدر 3 الذي يستضيف العديد من السجناء السياسيين رفيعي المستوى، بعد نقلهم إليه قادمين من مجمع سجون طرة سيئ السمعة في منتصف 2022.
عدة منظمات حقوقية مصرية ودولية أدانت أوضاع حقوق الإنسان السيئة في " سجن بدر "3، وقالت إنها تسببت في وفاة العديد من المعتقلين، وأثارت حالات إضراب جماعي عن الطعام، في حين قالت منظمة العفو الدولية إن ظروف الاحتجاز هناك "تماثل سجن طرة أو ربما تكون أسوأ".
من جانبها، قالت منظمة Committee for Justice الحقوقية، ومقرها جنيف، إنها وثقت خمس حالات وفاة للسجناء على الأقل نتيجة الإهمال الطبي في سجن بدر 3.
كذلك سرّب المعتقلون رسالةً تمت مشاركتها مع موقع Middle East Eye البريطاني في فبراير/شباط 2023، وسلّطت الرسالة الضوء على الأوضاع المتردية داخل السجن، وضمن ذلك منع الزيارات العائلية وعدم توافر الرعاية الصحية المناسبة.
الرسالة تحدثت عن أن النزيل حسام أبو شروق انتحر داخل زنزانته في مطلع فبراير/شباط 2023، بينما حاول السجين محمد ترك أبو يارا إنهاء حياته، بعد أن رفض مسؤولو السجن السماح له بالتواصل مع أسرته، التي يعيش أفرادها في المناطق المتأثرة بالزلزال داخل تركيا.
أيضاً حاول النزيل عوض نعمان الانتحار أيضاً، قبل نقله إلى مستشفى السجن بعد أن جرح نفسه، وأضافت الرسالة أن محمد بديع (79 عاماً)، المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين"، قد دخل في إضراب عن الطعام؛ احتجاجاً على سوء المعاملة والإهمال الطبي.
كانت وكالة رويترز قد نقلت في منتصف فبراير/شباط 2023، عن جماعات حقوقية وأقارب سجناء، حديثهم عن انتهاكات للسجناء، وقالوا إنه كان من الصعب عليهم الحصول على معلومات حول الظروف داخل سجن بدر، وأضافوا أن السجناء محتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، أكثر من وضعهم السابق في سجن "طرة".
أوضاع معيشية سيئة
من جانبها، حصلت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان على رسالةٍ مسربةٍ أخرى بخط اليد في يناير/كانون الثاني 2023، قال السجناء فيها: "إحنا بنموت"، وتحدثوا عن سوء أوضاع المعيشة، ونقص الرعاية الصحية، وعدم كفاية الطعام، وعدم دخول ملابس الشتاء، وانتشار الأمراض بين المعتقلين.
في دليل إضافي على سوء وضع السجناء، كانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت تقريراً في أكتوبر/تشرين الأول 2022، وثّقت خلاله أن نزلاء "سجن بدر 3" يعيشون في "ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية".
المنظمة قالت تقريرها: "تقشعر أبدان المحتجزين في زنازينهم الباردة بينما تعمل أضواء الفلورسنت على مدار الساعة، وتُشغّل كاميرات المراقبة على السجناء في جميع الأوقات؛ ويحظر الوصول إلى المواد الأساسية مثل الطعام والملابس والكتب بشكل كافٍ".
أكدت المنظمة أيضاً، أن السجناء يحرمون من أي اتصال بأسرهم أو محاميهم، بينما تُعقد جلسات تجديد احتجازهم عبر الإنترنت.
بدورها، نددت منظمة العفو الدولية بالجهود المصرية، التي تحاول تصوير " سجن بدر 3″ على أنه سجن يطوي صفحة ثقافة السجون السيئة داخل البلاد.
سليماني بنغازي، المسؤول عن حملات مصر في منظمة العفو الدولية، قال خلال حديثه إلى الموقع البريطاني: "نحن على درايةٍ بالشهادات المفجعة التي خرجت من سجن بدر 3 مؤخراً، ونحقق في الأمر".
لفت بنغازي إلى أن السلطات المصرية تحاول تحسين صورة حقوق الإنسان، والاستشهاد بافتتاح منشآت جديدة مثل " سجن بدر 3″، مستدركاً: "لكن مع الأسف، يشهد المكان إعادة إنتاج انتهاكات مماثلة لتلك التي تحدث في مجمع سجون طرة سيئ السمعة، أو ربما تكون أسوأ".
يُشير موقع Middle East Eye إلى أن السيسي بنى 28 سجناً جديداً على الأقل منذ أن أصبح رئيساً للبلاد عام 2014، وهو رقمٌ يمثل أكثر من ثلث إجمالي سجون مصر المقدر بـ81 سجناً اليوم.
تشير التقديرات إلى أن السلطات المصرية اعتقلت 60 ألف معارض سياسي على الأقل منذ الانقلاب الذي أزاح الرئيس المصري الراحل محمد مرسي عام 2013، وهو أول رئيس منتخب ديمقراطياً في البلاد، وما أعقبه من تولي الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي. غير أن السيسي ينفي وجود سجناء سياسيين في البلاد.