اعتذرت عائلة بريطانية أرستقراطية على العلن عن ملكيتها لأكثر من 1000 من الأفارقة المُستعبَدين، حيث سافرت إلى دولة غرينادا الكاريبية لتقديم اعتذارها هناك، كما وعدت بتعويضات قدرها 100 ألف جنيه إسترليني (120.4 ألف دولار أمريكي)، بحسب ما أفادت صحيفة The Guardian البريطانية.
إحدى نساء العائلة، لورا تريفيليان، وهي مراسلة شبكة "بي بي سي" البريطانية في نيويورك، قالت إنها تبرعت بالمال إلى جامعة ويست إنديز، بعدما حققت في ارتباط عائلتها بتجارة الرقيق.
العدالة التعويضية
وفي حديث خلال حفل أقيم في العاصمة سانت جورج، الإثنين 27 فبراير/شباط 2023، وحضره أيضاً رئيس وزراء غرينادا، ديكون ميتشل، قالت لورا تريفليان إنَّ الاعتذار يمثل خطوة أولى في عملية العدالة التعويضية، مضيفة: "نكتب -نحن المُوقّعين أدناه- إلى شعب غرينادا للاعتذار عن أفعال أسلافنا في استعباد أسلافكم".
ووقّع الاعتذار 104 من أحفاد أصحاب أجزاء من 6 مزارع غرينادية، فيما حضر 7 من أفراد الأسرة الحفل، الإثنين.
من جانبه، قال جون داور، وهو فرد آخر في عائلة تريفيليان، والذي وقف إلى جانب لورا أثناء تقديم الاعتذار، إنَّ العبودية كانت جريمة ضد الإنسانية، مضيفاً: "نرفض ما تورط به أسلافنا".
أضاف داور: "نحث الحكومة البريطانية على الدخول في مفاوضات ذات مغزى مع حكومات منطقة البحر الكاريبي من أجل تقديم تعويضات مناسبة من خلال منظمة Caricom، وهيئات مثل لجنة التعويضات الوطنية في غرينادا". ومنظمة Caricom، أو المجتمع الكاريبي، هي مجموعة من 15 دولة في المنطقة.
في السياق، حثت الأسرة رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، على التفاوض بشأن تعويض زعماء منطقة البحر الكاريبي مقابل قرون من الاستغلال.
إبادة جماعية ممنهجة
يُذكر أن جامعة "كوليدج لندن" نشرت عام 2013 معلومات عن إرث عائلة تريفيليان. وفي عام 1834، وفي إطار إلغاء العبودية، تلقت الأسرة ما يعادل 3 ملايين جنيه إسترليني تعويضاً، بسعر الجنيه اليوم.
من جانب آخر، قالت البروفيسورة هيلاري بيكلز، نائبة رئيس جامعة ويست إنديز، وإحدى عضوات جماعات الضغط الرائدة في مجال التعويضات، إنَّ أسلاف تريفيليان كانوا "المهندسين الرائدين لنظام العبودية في هذا العالم، وجزءاً أساسياً فيه".
ووصفت بيكلز العبودية بأنها إبادة جماعية ممنهجة، وقالت إنَّ التجار البريطانيين جلبوا 3.5 مليون إفريقي إلى منطقة البحر الكاريبي، لكن بحلول وقت التحرر لم يكُن هناك سوى 600 ألف فقط في المنطقة.
أضافت: "سيطر الأسياد على البرلمان البريطاني، وكانوا المُشرّعين. لذا سرقوا من الخزانة البريطانية مبلغ 20 مليون جنيه إسترليني ودفعوها لأنفسهم. كان ذلك أكبر حجم إنفاق على الإطلاق من جانب البرلمان البريطاني".
التعويضات ليست مساعدة خيرية
وشددت البروفيسورة على أنه لا ينبغي النظر إلى التعويضات على أنها مساعدة خيرية، بل على أنها استرداد للموارد المُستخرَجة من أجل تطوير المراكز الحضرية البريطانية مثل ليفربول.
كما جادلت بأنَّ تصنيف جامعة ويست إنديز بأنها من بين أفضل 1.5% من الجامعات على مستوى العالم دليل على مدى تقدم مناطق ما بعد الاستعمار؛ إذ كان ثلاثة أرباع السكان غير قادرين على القراءة أو الكتابة قبل 60 عاماً.
وفي خطاب ألقته بيكلز ضربت وتراً تصالحياً، وليس قتالياً، وأوضحت أنَّ العبيد لم يستطيعوا المساهمة في المتوسط إلا من 7 إلى 10 سنوات في القوى العاملة باقتصادات المزارع بسبب الممارسات الوحشية.
ويطالب نشطاء بجبر الضرر بتقديم تعويضات تُقدَّر بمليارات الجنيهات الإسترلينية، إذ ورد أنَّ جامايكا وحدها تستحق تعويضات بقيمة 7.5 تريليون جنيه إسترليني (9 تريليونات دولار أمريكي).